أولمبياد باريس ما لها وما عليها..

أرقام قياسية سجلتها الملاعب الفرنسية وفي اللعبات كلها
كسر الهيمنة الأميركية في بعض ألعاب القوى والسباحة
دول مغمورة جاءت من الخلف واقتحمت جدول الميداليات
دول مغمورة جاءت من الخلف واقتحمت جدول الميداليات
قدمت باريس للعالم أولمبيادا كسرت كثير من المظاهر التقليدية مستفيدة من قوة المدينة كمعلم سياحي بارز وذي إرث كبير في هذا الجانب، البداية كانت من حفل الافتتاح الذي خرج عن العرف التقليدي القائم على دخول الوفود تباعا في الملعب الأولمبي واستفاد من معلم كنهر السين وقدم الوفود تواليا على قوارب تمر من خلال النهر في لوحة جمالية لن تُنسى في تاريخ الدورات الأولمبية، الأمر لم يتوقف عند ذلك بل استخدم المنظمون معالم كبرج إيفل وقصر فرساي لاحتضان ألعاب مثل الفروسية وكرة الطائرة الشاطئية باستخدام ملاعب مؤقتة بدلا من إنشاء ملاعب دائمة في دمج لافت جدًا بين الفعاليات الرياضية والجانب السياحي الذي تتمتع به باريس.
* أولمبياد صاخبة بعد صمت طوكيو
تأثرت الأولمبياد الماضية في طوكيو من جائحة كورونا بوضوح ولعل أبرز مظاهر التأثر هو إقامة الأولمبياد بملاعب خالية من الجمهور لأول مرة في تاريخ الدورات الأولمبي، صمت طوكيو الاضطراري تبعه صخب غير عادي في باريس حيث قدم الجمهور الفرنسي أولمبياده بأفضل صورة ممكن، كل الملاعب ممتلئة، كل الفعاليات صاخبة لا تكاد تجد منافسة بمقعد فارغ مما منح الدورة إثارة كبيرة وجمالية وحماس منقطعة النظير، ووفقا لإيتيان توبويس مدير عام اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية فإن التذاكر المباعة قبل نهاية الدورة بعد أيام وصلت ل 9.4 ملايين تذكرة لمختلف المنافسات وهو رقم قياسي تجاوز الرقم السابق المسجل بإسم أولمبياد أتلانتا 96 والتي شهدت حينها بيع 8.7 ملايين تذكرة، وفي ذات السياق سجلت مباراة فرنسا وألمانيا في ربع نهائي السيدات لكرة اليد رقم قياسي في الحضور الجماهيري حيث حضنت صالة ليل ما يزيد على 26 ألف مشجع مما دفع الاتحاد الدولي للعبة بالإشادة بهذا الرقم القياسي.
* ظواهر جديدة رأت النور في مدينة الأنوار
شهد المسبح الأولمبي بروز ظاهرة جديدة في عالم سباقات السباحة حيث حقق ليون مارشون 4 ميداليات ذهبية في سباقات 200 م ظهر و200 م صدر 200 م فردي متنوع و400 م فردي متنوع، وحطم الرقم الأولمبي في جميع السباقات الأربعة، السباح الفرنسي البالغ من العمر 22 عاما حصد ميدالية خامسة كانت برونزية مع فريق التتابع الفرنسي ليقدم نفسه كواحد من الأسماء التاريخية حيث لم يسبقه بهذا الإنجاز في تاريخ السباحة الأولمبية سوى مايكل فيليبس ومارك سبيتز.
* أولمبياد كُسرت فيها ثوابت بعض الرياضات
بعد أن كانت السباحة شبه محتكرة بين أمريكا وأستراليا جاءت أولمبياد باريس مغايرة وعرفت دخول دول مثل إيطاليا وألمانيا والمجر حيث شقت هذه الدول الأوروبية طريقها للذهب الأولمبي على مستوى السباحة وهو ما لم يكن معهودًا، بدورها سباقات السرعة في المضمار الأولمبي شهدت ولادة دول جديدة تتوج لأول مرة في تاريخها بذهب السباقات القصيرة، حيث منحت العداءة جوليان الفريد دولتها سانت لوسيا ذهبية سباق 100 م سيدات وأصبحت أسرع امرأة في العالم، الجزيرة التي لا يتجاوز سكانها 200 ألف نسمة دخلت التاريخ الأولمبي بهذه الميدالية، وفي سباق التتابع مختلط حدث الإعجاز فبعد أن حطم الفريق الأمريكي الرقم الأولمبي في التصفية التأهيلية صُعق هو والعالم أجمع بفوز الفريق الهولندي بالميدالية الذهبية في حدث تاريخي للدولة الأوروبية التي لم تشتهر بهذا النوع من المنافسات، وفي ذات التخصصات سباقات السرعة ولكن على مستوى الرجال منح ليتسيل تيبوجو بلده بوتسوانا وقارته افريقيا أول ذهبية في تاريخهم في سباق 200 م ليصنع تاريخا جديدا حيث وضع خلفه ثلاثة عدائين أمريكيين بينهم لايلز صاحب أفضل رقم هذا العام في هذا السباق، إنجاز تيبوجو خلّده رئيس بوتسوانا بمنح عطلة في البلاد احتفاء بهذه الذهبية التاريخية.
* أرقام قياسية عديدة تم تحطيمها في الأولمبياد الفرنسية
شهدت أولمبياد باريس أرقامًا أولمبية عديدة في مختلف المنافسات، أبرز هذه الأرقام كانت القفزة الإعجازية لبطل القفز بالعصا أرماند دوبلانتيس الذي بلغ ارتفاع قفزته 6.25 م كأطول قفزة في تاريخ البشرية، البطل السويدي حطم رقمه السابق 6.24 وهي المرة التاسعة على التوالي التي يتحطم فيها الرقم بواسطة نفس اللاعب ليثبت دوبلانتيس أنه ينافس نفسه في هذا التخصص، ومن القفز بالعصا إلى رمي الرمح والبطل الباكستاني نديم أرشد الذي منح بلاده ذهبية رمي الرمح محققًا بذلك أول ذهبية فردية في تاريخ باكستان، نديم لم يكتف بالذهب بل وحطم الرقم الأولمبي المسجل بإسم النرويجي اندرياس 90 م في أولمبياد بكين 2008، الملفت أن نديم أرشد حطمه مرتين خلال محاولاته الست حيث بلغ رقمه في الرمية الثانية 92.97 م وفي الرمية الأخيرة 91.70 م.
* إنجاز سيخلده التاريخ
أنهى أسطورة الكرة الصفراء نوفاك جوكوفيتش معاناته مع الذهب الأولمبي حيث كان على موعد مع الفرح في أولمبياد باريس، الأسطورة الصربية الحية صاحب المسيرة المكتملة في كرة التنس توج مسيرته الأسطورية بالميدالية الذهبية بعد فوزه على الإسباني الكاراز في نهائي سيبقى طويلا في أذهان محبي اللعبة.
* هيمنة استثنائية في المصارعة
حقق المصارع الكوبي ميخاين لوبيز الميدالية الذهبية الخامسة على التوالي في هذا التخصص ليصبح بذلك أول رياضي في تاريخ الدورات الأولمبية يهيمن على لعبة 5 دورات متتالية، البطل الكوبي الذي بدأ حصاده في بكين 2008 واستمر حتى باريس 2024 قرر الاعتزال بعد ما أنجز ما يشبه الإعجاز والأمر الذي من الصعب تكراره في المنافسات الفردية.
* ميدالية فريدة
حقق المنتخب المغربي لكرة القدم الميدالية البرونزية بعد اكتساح منتخب مصر 6-0 في المباراة الترتيبية، هذه الميدالية تعتبر الأولى للعرب في الألعاب الجماعية وهو ما يمنحها قيمة أكبر، المنتخب الذي قاده تدريبيا طارق السكتيوي ويتكون قوامه من مواهب تنشط في فرنسا وبلجيكا وطُّعم بمنير المحمدي وأشرف حكيمي وسفيان رحيمي قدم بطولة لافتة هزم فيها الأرجنتين والعراق وأمريكا ومصر وخانته بعض التفاصيل ضد إسبانيا وإلا لربما كنا نتحدث عن ميدالية من نوع مختلف.
* التخصص يكسب
الأولمبياد هي لعبة تخصص بالدرجة الأولى حيث يملك كل عرق وشعب خصائص معينة تميزه في منافسات محددة، أولمبياد باريس لم تخل من ذلك حيث حقق الصينيون 8 ذهبيات من أصل 8 في الغطس، و5 ذهبيات من أصل 5 في تنس الطاولة، وحقق الكوريون 5 ذهبيات من أصل 5 في النبالة، وحقق الأوزبكيون 13 ميدالية في الألعاب القتالية ورفع الأثقال، في تكرار جديد على أهمية التركيز على رياضات محددة تمثل موروث شعبي وتشكل ثقافتك كبلد.
* رسائل سلبية شوهت الحدث
أثارت بعض الرسائل الضمنية والأجندة التي شهدتها بعض فقرات حفل الافتتاح جدلا واسعًا انتهى باعتذار من اللجنة الأولمبية وحذف فيديو حفل الافتتاح من القناة الرسمية للجنة في اليوتيوب، العالم أجمع بمختلف مذاهبه وأعراقه أدان الانسلاخ الفادح من الفطرة السوية في بعض فقرات الحفل وعدم احترام الثقافة الدينية والمجتمعية لكثير من الدول المشاركة في حدث يعتبر تظاهرة عالمية ينبغي أن تصاغ فقرات حفل افتتاحه بحذر أكبر.
* نهر السين بين لوحة الافتتاح وتعذر المنافسات
تعتبر نظافة نهر السين من النقاط السلبية البارزة في أولمبياد باريس حيث اضطر تلوث النهر المنظمين لتأجيل بعض المنافسات كالترايثلون، كما تسبب بتسمم بعض السباحين مما دفع اللجنة الأولمبية البلجيكية للانسحاب من سباق التتابع المختلط حيث لم تكن نظافة النهر ذات موثوقية في أوساط القرية الأولمبية.
* مشاركة مخيبة
لا يمكن تجاوز النقاط السلبية في أولمبياد باريس دون ذكر مشاركتنا السعودية التي كانت دون التطلعات، البعثة التي ضمت 10 رياضيين في 4 ألعاب مختلفة ودع لاعبوها معظم المنافسات من الدور الأول وكانوا باستثناء لاعبة التايكوندو دنيا أبو طالب بعيدين عن التنافس على أي ميدالية، الرياضة السعودية تعيش عصر ذهبي لم يسبق أن عرفت استثمار مماثل من الدولة في قطاعها كما نشهد الآن، هذا الاستثمار بدأ منذ نحو عقد ويجب أن نرى بوادر له في مثل هذه التظاهرات، إنشاء بنى تحتية بأعلى المعايير والاستفادة من الأولمبياد السعودي بتقنين قواعد المشاركة فيه نقاط مفصلية في نجاحنا مستقبلا وتغيير الصورة التي ظهرنا عليها في باريس.
ليون مارشان من أبرز نجوم الأولمبياد
نديم أرشد حقق الذهبية الأولى لباكستان برقم أولمبي جديد
أرماندو دوبلانتيس أبررز لاعبي الأولمبياد
باخ يسلم العلم الأولمبي لمدينة لوس أنجلوس
جوكوفيتش أنهى معاناته مع الذهب
إيمان خليف
ليتسيل تيبوجو حرم الأمريكان من ذهبية 200 متر