أنجز المؤلفان ماجد صلال المطلق، ومطر عايد العنزي، كتاباً بعنوان: "التابلاين ودوره التنموي في منطقة الحدود الشمالية"، موثقاً لمرحلة مهمة من تاريخ المنطقة؛ وراصداً لأهم الخطط التنموية المصاحبة آنذاك للمشروع وما ترتب عليها من إنجازات انعكست على حالة الأهالي الاجتماعية وشكلت جزءًا كبيراً من ثقافتهم. وجاء الكتاب في 191 صفحة، مشتملة على الموضوعات التالية: الأمراء السابقون، ولمحة جغرافية تاريخية عن منطقة الحدود الشمالية، ولمحة عن اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية وامتياز أرامكو، وشركة خط الأنابيب عبر البلاد العربية "التابلاين"، ودور شركة التابلاين في نشأة وتطور محافظة خط الأنابيب "منطقة الحدود الشمالية"، والزيارات الملكية، والتابلاين في كتابات معاصرة، ومن ذاكرة التابلاين، وملحق اتفاقية خط الأنابيب عبر البلاد العربية السعودية "التابلاين". وذكر المؤلفان لمحة عن اكتشاف النفط بالمملكة وامتياز أرامكو، وتطرقا إلى أول امتياز نفطي يمنحه الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في البلاد كان عام 1923م، قبل إعلان تأسيس المملكة، وبداية الإنتاج الأولي في 31 / 08 / 1938م، وتصدير أول شحنة من النفط السعودي في سبتمبر 1938م. وأشارا إلى أن تأسيس شركة "التابلاين" كان في عام 1945م، لربط منابع النفط في المنطقة الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط بتكلفة 230,000,000 دولار، وفي 10 نوفمبر 1950 م، بدأت أول كمية من النفط السعودي المنقول عبر التابلاين تصب في خزانات مرفأ الزهراني في صيدا اللبنانية، ويعد أطول خط أنابيب بالعالم آنذاك، بطول 1200 كيلومتر من بدايته في محطة القيصومة إلى مرفأ الزهراني في صيدا، وكان هناك وصلة من خطوط الأنابيب بطول 500 كيلو متر قبل القيصومة تربطها بحقول أرامكو في المنطقة الشرقية، وفي عام 1975 م قررت الشركة إغلاقه إثر الحرب الأهلية اللبنانية، وأنهت عام 1978م، اتفاقية تشغيل الخط مع الدول التي يمرُّ بها، وبحلول عام 1983م توقف تدفق النفط عبر الخط إلى صيدا، في حين استمرَّ نقل كميات بسيطة منه إلى مصفاة النفط بالزرقاء في الأردن؛ لكنها توقفت أيضاً إثر اندلاع حرب الخليج الثانية عام 1990م. كما تطرق المؤلفان إلى دور شركة "التابلاين" في نشأة وتطور محافظة خط الأنابيب "منطقة الحدود الشمالية" من خلال ولادة مراكز سكانية جديدة على هذا الخط، مارست دور محطات الضخ لهذا الخط على طوله الممتد شمال المملكة، وهي من الشرق إلى الغرب: "القيصومة، الشعبة، رفحاء، العويقيلة، عرعر، حزم الجلاميد، طريف"، بالإضافة إلى النعيرية ورأس مشعاب. وأصدر الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - مرسوماً ملكياً في 26 / 11 / 1949م بتشكيل محافظة خط الأنابيب، التي تشغل موقعاً مميزاً كونها منطقة اتصال مع الدول الحدودية المجاورة للمملكة في جهتها الشمالية. وشهدت "محافظة خط الأنابيب"، نقلة واسعة بدلت وجه الحياة فيها، وطرأت على معيشة أهلها تحولات جذرية، بما جلبته شركة "التابلاين" من مظاهر تنموية أسهمت في توطين البادية بالمنطقة، وتطور أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها. ومكَّنت فرص العمل التي أتاحتها "شركة التابلاين" التحاق الكثير من السكان بالأعمال التي تناسب قدراتهم، فزاد عدد المستقرين، وانتقلت إليها أفواج بشرية من مختلف مناطق المملكة للعمل بالشركة، بعدما ذاع صيتها، وأحدثت عملية التوظيف تلك تغيراً كبيراً في ديموغرافية المنطقة، بتكوين خليط من الناس من مختلف القبائل والعائلات، انصهر في بوتقة واحدة كونت نسيجاً اجتماعياً مترابطاً، له ميل إلى الاستقرار الدائم. وبنت "شركة التابلاين" معسكرات مؤقتة لموظفيها داخل كل محطة من محطاتها الرئيسة: (عرعر، رفحاء، طريف)، ما لبثت أن تحولت إلى أحياء سكنية مهيئة لجميع متطلبات الحياة العصرية، حيث بنيت المنازل العصرية المزودة بمنافعها من شبكات الماء والصرف الصحي والكهرباء والتكييف والتدفئة والأثاث الفاخر، وعلى أطرافها الأشجار المورقة، والحدائق الغناء، وقامت ببناء ثلاث مدارس عام 1372 ه، وهي: "مدرسة الشيخ محمد بن الوهاب بعرعر، ومدرسة هارون الرشيد برفحاء، ومدرسة حطين بطريف، وكانت إيذاناً ببداية عهد جديد للعلم والمعرفة بالمنطقة، وأقامت مطاعم تقدم المأكولات العالمية المختلفة، ومتاجر توفر الاحتياجات التموينية المستوردة، بالإضافة إلى الملاعب، والمراكز الاجتماعية، وصالات السينما، ومبان للجهات الحكومية، كالإمارة، والشرطة، والمحكمة، والجوازات، والاتصال اللاسلكي، وأسهمت بتخطيط عصري ينسجم مع تكاثر السكان، وساعدت في التخطيط ومنح القروض العقارية، وقامت الشركة بإيفاد العاملين إلى الظهران ولبنان وأمريكا؛ لاكتساب المهارات اللازمة وتعزيز كفايتهم المهنية، وأقامت مراكز صحية ومستشفيات مزودة بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية المتقدمة. وفي عام 1963م، بدأت برصف الطريق بالإسفلت من القيصومة شرقاً إلى طريف غرباً، وأصبح شرياناً برياً رئيساً في شمال المملكة "طريق الشمال الدولي"، وأقامت عدة مهابط للطائرات بالمنطقة ونظمت رحلات دولية، وأصبحت فيما بعد نواة للمطارات الحكومية في المنطقة. يذكر أن "منطقة الحدود الشمالية" تعيش اليوم حياة عصرية مشمولة بمختلف الخدمات الحكومية تشرف عليها أفرع مختلف المؤسسات في عاصمتها الإدارية "عرعر"، ويتبع للمنطقة محافظات: رفحاء وطريف، والعويقيلة، ويتبعها العديد من المراكز والقرى والهجر.