في زاوية «حديث المطابع» نقف على آخر ما أصدرته دور النشر السعودية والعربية والأجنبية في مجالات متنوعة؛ الفكرية والأدبية والتاريخ وغيرها من الأجناس المختلفة. قراءة في الرواية الصينية المعاصرة ضمن سلسلة البحوث المحكمة الصادرة عن مركز البحوث والتواصل المعرفي صدر كتاب قراءة في الرواية الصينية المعاصرة؛ وفيه ناقش باحثون الرواية الصينية من خلال مقاربة نقدية شفيفة؛ إذ تستهل الدكتورة خيرية السقاف فصول هذا الإصدار باستدعاءات الذاكرة واستلهام أبعاد السرد الصيني، وقد اختزنت كثيرًا من الانطباعات، بل المعلومات أيضاً عن الإنسان الصيني بالمعايشة الحية في مكة، فعرفت أسلوب حياته، ونمط عاداته، أسلوب معيشته وأنواع أكله، وثراء ابتكاره، وتعدد مهاراته، وقدرته على الابتكار، وذائقته في الجمال، وخبراته في الحياة. وبعد هذا الاستدعاء للذاكرة، عرّجت على قراءة بضع قصص وروايات بعضها مسرحيات غنائية فيها الموغل في التراث الصيني القديم، وبعضها يوصل إلى مؤثرات الحقب التي مرّ الشَّعب الصيني بها، في مراحل تأريخه. ويقدم عبد الواحد الأنصاري رؤيته حول الأدب الصيني في عنوانين الأول «الخيال الروائي الصيني»، والثاني «نماذج روائية صينية»، وجاء في تقديمه: «الأدب الذي تعبر لغته عن نحو 1٫5 مليار إنسان حافل بالموروثات الدينية والاجتماعية والثقافية الضاربة بجذورها في القدم، وهو في الحقيقة مصدر من مصادر التاريخ الصيني، وامتداد له». ويرى الدكتور ياسر السرحان تحت عنوان «اللغة الروائية الصينية وتطبيقاتها العربية القديمة والحديثة أن: «من واقع الأدب النثري والروائي الصيني وتطبيقاته العربية بدت هناك أواصر قوية بين الصينيين والعرب، بيد أن هذه الأواصر لم تنتج ثمارًا ثقافية ملموسة في واقع الاتصال الأدبي فحالت دونه من قديم حواجز وموانع أدت إلى إشكاليات في أهم محطات التواصل الثقافي والعلمي». من الصينية إلى العربية. ولعل هذه القراءات التي قدمها الكتاب من خلال المزج بين التناول الانطباعي والوصفي للإلمام بعدد من أعمال الخيال الصيني قديمًا وحديثًا تسهم في تشكيل تصور عام عن هذا الأدب. وعن طائفة من عيونه، وأبرز أعماله، وعسى أن تكون لبنةً في التواصل المعرفي والأدبي بين الثقافتين العربية والصينية. الجواهري.. حياته وشعره لخالدة عبدالرحيم «الجواهري.. حياته وشعره» هو كتاب للناقدة خالدة عبدالرحيم؛ ويأتي هذا الكتاب ضمن الجهود العديدة التي يبذلها الدارسون والنقاد لسبر أغوار حياة هذا الشاعر العربي الكبير؛ ففي المقدمة تكتب الناقدة العراقية د. نادية هناوي قائلة: «حظي شعر الجواهري باهتمام الدارسين والباحثين، فكتبت فيه عشرات الرسائل والأطاريح ومئات الدراسات والأبحاث، وضعفها من المقالات وبسبب ما في هذا الشعر من غنى جمالي وتنوع أسلوبي، اختلفت مناهج الدارسين وتفاوتت رؤاهم وتنوعت مدارسهم وكانت الأولوية لدراسة السيرة والنشأة ثم صار الأسلوب الشعري يحتل أهمية كبيرة، وأحيانًا تحظى البنية التركيبية باهتمام أوفر. وعلى الرغم من هذا الكم الكثير في دراسة شعر الجواهري، فإن هناك دراسات تبقى لها ريادتها لا سيما إذا كانت هي الباكورة، فيؤشر عليها عند كل حديث عما تمت دراسته في شعر الجواهري وما لم يُدرس منه بعد. ومنها دراسة مبكرة أنجزتها الباحثة خالدة الرحيم، قوامها هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ، وفيه غامرت بثقة، فارتادت عوالم الجواهري، ودرست شعره دراسة منهجية أكاديمية، واضعة أمام الباحثين اللاحقين مفاتيح الأولى الاقتحام البحثي لشعر شاعر ملأ الآفاق شعره حتى وصل صيته إلى المشرقين والمغربين، والثانية السبق بكل ما يعنيه من الجرأة والإقدام والفتح والاندفاع، والثالثة أن الدراسة كُتبت في حياة الشاعر الجواهري. أما المؤلفة فقد أشارت في مقدمتها بأن ما شجعها على هذه الدراسة قلة ما كتب عن الشاعر رغم شهرته الواسعة ومركزه الأدبي العالي الذي يتمتع به في العراق خاصة. كما أوضحت بأنها حاولت استقصاء المعلومات الصحيحة في سيرته والظروف به. وكان ذلك بالرجوع إلى العديد من المصادر والمراجع للاطلاع على وجهات النظر المختلفة وتضيف المؤلفة: اجتهدت أن أجعل نظرتي إلى هذه المعلومات موضوعية بعيدة عن التأثر بالأفكار المسبقة التي كنت قد قرأتها أو سمعتها عنه من قبل. وكانت زياراتها المتعددة للشاعر في بغداد هي أول ما اعتمدت عليه ووجدتها على قدر من الأهمية لأنها اطلعت فيها على شيء من سيرته، وسمعت منه بعض ما كانت ترجو سماعه شخصياً. كما أنه أرشدها إلى البحث عن بعض ما كتب عنه ودلّها على الأشخاص الذين يحتفظون بنتاجه الشعري الكامل الذي لا يحتفظ هو بشيء منه ثم جاء اتصالها بالأستاذ عبد الكريم الدجيلي -رحمه الله- بفائدة كبيرة. لأنه يجمع في مكتبته الخاصة كل ما أنتجه الشاعر تقريباً من شعر أو نثر خلال نصف قرن. هذا فضلاً عن أنه كان ذا صلة وثيقة بالشاعر منذ طفولته وهو من أكثر الناس اطلاعاً على أخباره وإعجاباً بشعره. وقد زوّدها بمعلومات قيمة، وشرح لها بعض الظروف التي كانت السبب في نظم قسم من شعره. وراجعت الكثير من المجلات والجرائد العربية، والعراقية منها خاصة للبحث عما كتب عن الشاعر فرأت أن أغلبها قد جاء إما نقداً لسلوك الشخصي أو ملاحظات عابرة عن شعره بعيدة عن الدراسة المنهجية التي تؤخذ بنظر الاعتبار. وقرأت كل ما استطاعت الحصول عليه من فصول وضعت عن الشاعر. وقد وضعت المؤلفة رسالتها هذه بعد تلك الدراسات. الفروسية من الصفر كتاب الفروسية من الصفر للكاتبة لمؤلفته د. سماح ملهي، امتداد لكتابها السابق الذي تناولت فيه -بحسب ما تفيد- قطرة من بحر علم الخيل والفروسية أنواع وصفات الخيل بشكل عام، وتطرقت إلى رياضات الفروسية المعتمدة دولياً من الاتحاد الدولي للفروسية، وكذا بعض مسابقات الفروسية، ورغم كل ذلك إلا أنه تشعر بأن ما يزال هناك الكثير من الأشياء التي يجب أن تتحدث عنها، فهي ترى أنه أن تصبح فارساً ليس بالأمر السهل مطلقاً، وتعتبره شيئاً أخلاقياً قبل أن يكون رياضياً علماً بأنها تطرقت أيضاً إلى أنواع ركوب الخيل وكيفية البدء، إلا أن ترى بأن هناك معلومات أخرى أرادت أن تضيفها من واقع خبرتها في التعامل مع الخيل. وتستعرض الدكتورة سماح في مقدمة الكتاب تعريف الفروسية؛ وقد قسمتها إلى تعريفين: الفروسية في الإسلام والتي تعني المصطلح العربي التاريخي والاستخدام الحربي للحصان أو استخدام الخيول في الحروب؛ حيث تتعلّق الفروسية بفنون الدفاع عن النفس وترتبط بالعصر الذهبي للإسلام والعصر المملوكي (القرن العاشر إلى الخامس عشر تقريباً)، وبلغت ذروتها في مصر في العصر المملوكي خلال القرن الرابع عشر. ثم انتقلت بعدها لتعداد أشكال الفروسية وأشارت بأنها تتألف من عدة أشكال منها امتطاء الخيل أو ركوب ظهر الخيل، استخدام الخيل في الرماية مثل: رمي الرمح، وفي وقت لاحق استخدمت الخيول في المبارزة في القرن الرابع عشر باعتبارها نوعاً من أنواع الفنون. كما استعرضت تعريف مفهوم الفروسية الحالي المعترف به دولياً؛ إذ تفيد بأنها تعرف بأنها رياضة من الرياضات العالمية تمارس في وجودِ خيول، ومن أهم أنواعها سباق التحمّل وسباق قفز الحواجز، والسرعة، وتعد واحدة من أقدم الرياضات التي عرفها الإنسان. الكتاب صادر عن مجموعة تكوين. اليابان جذور ومقاربات «اليابان جذور ومقاربات» هو كما تشير مقدمته محاولة جادة للبحث عن جذور المقومات الثقافية للمواطن الياباني المعاصر، والتي يؤمن الكاتب بأنها الأساس الذي بنت عليه اليابان نهضتها الحديثة؛ فلم يعد مكاناً للبطولة في قتال فردي لا وجود اليوم لفارس الساموراي الماهر المسلح بسيفه ولكن توجد أخلاق الفارس وأحلامه بتحقيق النصر الشريف في مناحي الحياة الحديثة. ومن ثم تقدم اليابانيون في الزراعة والرياضيات والهندسة الهيدرولوجية. ويستعرض الكتاب أيضًا العلاقات الثقافية، وأطر التعاون بين الجانبين الياباني والمصري في مجال الآثار بأسلوب سلس جذاب، يفتح أمامنا آفاقا رحبة للاطلاع على الوجود الثقافي الياباني في مصر منذ 1966م وحتى الآن. الكتاب يضم ويضم ثماني عشرة مقالاً كتبت من اليابان ونشرت في مجلة نيبون تايمز، ومن خلال هذه المقالات يحاول الكاتب استكشاف مفاتيح الفكر الياباني من خلال التعرض للكتاب التاريخي القديم «كوجيكي» الذي جمع بواسطة الإمبراطور الياباني وهو الكتاب الذي يحتوي على الأساطير اليابانية القديمة، التي تحكي قصة نشأة اليابان، وظهور الأباطرة الأوائل ثم يتطرق الكاتب إلى مرحلة العزلة اليابانية التي استمرت 250 عاماً، الفترة التي انغلقت فيها اليابان على نفسها، ومنعت الاتصال بالعالم الخارجي عدا موانئ ثلاثة من بينها ميناء «ناجاساكي»، وكيف أثرت تلك العزلة على الثقافة اليابانية الحديثة. وبعد ذلك يستعرض الكاتب مرحلة تكوين اليابان الحديثة على مبدأ الإمبراطور ميجي وهو شعب غني وجيش قوي، ثم قيامها باحتلال شبه الجزيرة الكورية وجزء كبير من الصين، وانتصارها على روسيا عام 1905م. كما تعرض الكاتب لجوانب خصوصية الثقافة اليابانية من خلال بعض الرموز مثل زهرة الساكورا وطقوس الشاي الياباني وغيرها. وفي الفصل الأخير يتناول الكاتب تاريخ العلاقات المصرية اليابانية خاصة العلاقات الثقافية، ومن خلال بعض الوقائع التي تكشف لنا أسراراً كانت مجهولة بالنسبة لنا عن تاريخ العلاقات وخصائصها. وفي المجمل، إنه كتاب يستحق الاهتمام به وقراءته لأنه يفتح أمامنا آفاقاً جديدة للتعرف على ثقافة لا تزال غامضة المعالم بالنسبة للقارئ العربي.