إن تطوير الإعلام الرياضي لا يبدأ بموضوع العقوبات على الإساءات وتوزيع الاتهامات، التطوير يبدأ بخطة استراتيجية وخطط تنفيذية تتضمن الوضوح في الأهداف والوسائل والقوى البشرية المطلوبة في فروع ومسارات هذا القطاع.. كل شيء يتطور في بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية إلا الإعلام الرياضي، واقع هذا الإعلام هو أنه إعلام أندية وإعلام كرة قدم وليس إعلاماً رياضياً، الإعلام الرياضي منظومة تكاملية تتفرع إلى تخصصات كثيرة منها التغطيات الإعلامية ونقل المباريات والإخراج والنقد الرياضي والتعليق والبرامج الرياضية، ومنها البرامج الحوارية في وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك المقالات الصحفية، وما يطرح في وسائل التواصل الاجتماعي. لو أخذنا موضوع النقد الرياضي أو الرأي الرياضي كمثال لقضية التطوير، الواقع يقول بكل وضوح إن الرأي الرياضي هو حالياً رأي يطرح تحت مظلة الأندية ولذلك أطلق عليه مسمى (إعلام الأندية)، وقد أدى هذا التوجه إلى أن أصبحت الحوارات الرياضية تضم ممثلي الأندية وإن بشكل غير رسمي، وحتى نكون أكثر دقة فهي تستضيف مشجعي الأندية الذين يشاركون تحت مسمى إعلامي أو ناقد. هذه بحد ذاتها ليست المشكلة لكن المشكلة أن السمة الغالبة على هذه الحوارات هي المناكفات بين المشاركين والطرح السطحي وفكر التشكيك في كل شيء والنقد غير الموضوعي الذي يصل إلى مستوى إنكار الحقائق، ويصل الأمر إلى توجيه الانتقادات إلى الجهات الرسمية واتهامها بعدم العدالة. إنه الانتقاد وليس النقد، ويبرز في فكر يعزو نجاح الأندية إلى إدارة الأندية، وفي حالة عدم النجاح يتجه هذا الفكر إلى الجهات الرسمية واللجان والتحكيم لتكون هي الشماعة التي يسقط عليها أسباب الفشل، هذا هو الفكر المسيطر! من يتابع الحوارات الرياضية المتعلقة بكرة القدم سيلاحظ أنها تحتاج إلى الكثير من التطوير سواء من حيث منهجيتها أو من يديرها أو من يستضاف فيها، سيلاحظ المتلقي أن هذه الحوارات لا تستحق مسمى إعلام رياضي وأنها تتخلف كثيراً عن التطوير الشامل الذي تشهده المملكة في المجالات كافة. هذه الحوارات هي -مع الأسف- معركة كلامية بين مشجعي الأندية لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الموضوعية بل أصبحت تشكل خطورة في نشر التعصب الرياضي في عقول الناشئة، وأغلب ما يدور فيها هو الحديث عن حكام المباريات والبحث عن أخطائهم والتشكيك في النوايا حتى أصبح التحكيم هو الموضوع المسيطر على مسابقات كرة القدم مع أنه لا يوجد في تاريخ كرة القدم في أي مكان بالعالم مباراة بلا أخطاء من الحكام، فالحكم بشر مثل اللاعبين، لكن ميول المشجعين الذين يلبسون قبعة الإعلام صار لديهم تبرير جاهز لخسارة الفرق التي يشجعونها وهو أخطاء التحكيم! وهذا مسلسل موسمي طويل بحلقات لا نهاية لها. قطار التطوير في المملكة يسير بسرعة نحو اتجاهات ومحطات واضحة، لكن الإعلام الرياضي لا يقوم حتى بشرف محاولة اللحاق بهذا القطار. إن تطوير الإعلام الرياضي لا يبدأ بموضوع العقوبات على الإساءات وتوزيع الاتهامات، التطوير يبدأ بخطة استراتيجية وخطط تنفيذية تتضمن الوضوح في الأهداف والوسائل والقوى البشرية المطلوبة في فروع ومسارات هذا القطاع. الخطة الاستراتيجية خطة بعيدة المدى تشارك فيها الجامعات ومراكز التدريب، أما الحلول العاجلة فهي ضرورة إجراء تقييم لما يطرح حالياً في وسائل الإعلام وتطبيق معايير صارمة على كفاءة المشاركين وتأهيلهم العلمي وخبراتهم ومدى قدرتهم على التفكير الموضوعي وطرح الآراء التي تستند إلى معلومات وحقائق وليس على أوهام أو أمنيات. كرة القدم عندنا تتطور فنياً داخل الملعب خاصة بعد استقطاب نجوم دوليين، أما خارج الملعب فيجد المتلقي صعوبة في الاستماع أو قراءة رأي رياضي موضوعي، ويصعب الاستمتاع بنقل تلفزيوني متطور أو حتى الاستماع إلى تعليق احترافي على المباريات، أما الحوارات قبل وبعد المباريات وكذلك بعض المقالات فهي تطرح فكراً خارج هذا الزمن. لقد تطرقت إلى هذا الموضوع في مقالات كثيرة تضمن بعضها مقترحات لعل بالإمكان الاستفادة منها في تطوير هذا القطاع المهم المرتبط برياضة هي في المقدمة من حيث الشعبية على مستوى العالم، خاصة بعد النقلة النوعية لكرة القدم في المملكة والذي أدى إلى متابعتها من خارج المملكة، مما يجعلها قوة ناعمة مؤثرة. من تلك المقالات مقال بعنوان (الإعلام الرياضي.. مقترحات للتطوير/ جريدة "الرياض")، ومقال آخر بعنوان (لجنة لتطوير الإعلام الرياضي/ جريدة "الرياض"). نتطلع إلى إعلام رياضي يواكب مشروع التطوير في المملكة في المجالات كافة.