تهتم البحوث والدراسات النفسية، والاجتماعية، والتنموية بقدرة المرأة المتفائلة أو التي تحب التفاؤل على تحقيق النجاح، والعطاء، وترى أن المرأة المتفائلة تتمتع بميزات نفسية، ومهارات فكرية، وقيادية، وإبداعية، وإنتاجية أكثر من شخصية المرأة المتشائمة، وذلك لأن التفاؤل يعود على الشخصية المتفائلة بالقوة، والتماسك، والصحة، والعافية، وعلى المجتمعات بالرفاهية، والإنجاز، والتطور. في أعماق المرأة المتفائلة روحا طموحة دائما، وشخصية واثقة ترى في كل صباح فجرا مبتسما، وأملا جديدا يحفزها لتعطي أفضل ما عندها، وتبدع بلا سقف أو حدود، وفي كل فرصة قادمة بابا يقودها للخير والنجاح، والسعادة، وبقدر ما يزيد عدد الشخصيات المتفائلة في مجتمع ما فإنه يسلم من شرور، ومهالك، وأمراض كثيرة. تؤمن المرأة المتفائلة بأن الحياة واسعة ومليئة بمفاتيح السعادة، والنجاح، والتطور؛ ولكن الإنسان لا يعثر على تلك المفاتيح عندما يربط سعادته واستقراره بأشياء تافهة وزائلة وغير جديرة بالاهتمام، وموازين غير دقيقة، ومفاهيم غير واضحة، وإيمانيات ضعيفة، وحراكات تنموية بطيئة، وباهتة، وقصيرة المدى. لا تفشل المجتمعات في مسيرتها المعرفية والحضارية إلا إذا انتشر فيها روح اليأس والتشاؤم، أما المجتمعات المتطورة فإنها تفتح كل نوافذ التفاؤل والأمل أمام الأجيال كى تنجح في رسالتها الإبداعية، فالشخص المتفائل الذى يملأ قلبه باليقين ثم يمضى مطمئنا يصبح قادرا على تحمل المسؤوليات الاجتماعية، والوطنية، والمستقبلية، أما المرأة المتفائلة -على وجه الخصوص- فلديها وعي كبير بكل من يريد أن يهتك قداسة وطنها، ويشوه سمعته لينال منه، ويقلل من مكانته، ووزنه الحضاري، والمستقبلي بين الأوطان، والعوالم التي تحيط به. كل لحظة تفاؤل ننتصر من خلالها على أوهام النفس، ووساوسها ومخاوفها تعيد إلينا ثقتنا بذاتنا من جديد، وتحفزنا للإنجاز، ولا تزال روح المرأة المتفائلة تتفتح يوما بعد يوم، وتكبر أحلامها كالزهرة الجميلة حتى تصبح كالضوء اللامع الذي ينير الطريق للحائرين والحائرات، واليائسين واليائسات، والمتشائمين والمتشائمات، وعندما تقول الحياة: آه؛ وتتألم ولا يشعر بآلامها أحد نجد المرأة المتفائلة مدركة لكل جروح هذه الحياة، ومصيرها المظلم إذا استمرت في الأنين والشكوى، لذلك فإنها تتحرك بهمة عالية لتسعد نفسها ومن حولها كي تعيد للحياة نبضها، وتمحو آلام الزمن بلمسة من حنانها، ورحمتها، وقدراتها الواسعة. التفاؤل وراء كل قائد ناجح، وإنسان متميز، ومستقبل واعد، وفكرة خالدة، ومجتمع صاعد، وأهم سبب يجلب لنا السعادة، والراحة النفسية، فالمتفائل يهتم بصحته، ونفسيته، ومرونته، وحاضره، ومستقبله، ويخطط بوعي ليصبح في صدارة المتميزين، كما أن المتفائل لا تصيبه الأمراض النفسية، أو العلل الاجتماعية لأنه يرى الخير، والنور، والجمال في العالم الذى يعيش فيه فتراه سعيدا في جميع أحواله، مؤمنا بأنه لا يوجد في هذا العالم شيء اسمه المستحيل، فإذا تحركت قدراته المتفائلة للعمل والتجديد تحرك وراءها العالم بأكمله. من أهم خصائص المتفائل الذي يمتلك نوادر النجاح والإبداع أنه لا يلتفت إلى الماضى ولا يلتفت إلى الأشياء التي تسبب له القلق، والهم، والاكتئاب، وضعف النفس، لذلك فهو يسعى دائما لكل جديد يسعده ، كما أن لديه أهدافا واضحة، وطموحة، وقوية يلتزم بها ويطورها باستمرار، ولا يهدأ إلا بتحقيقها على أرض واقع، كما أنه لا يقلل من ذاته وإنجازاته، ويستغل كل دقيقة من حياته لتطوير قدراته وإمكاناته العملية، كما أن المرأة المتفائلة لا تسمح لأحد أن ينتقص من قدرها أمام نفسها، أو مكانتها بين الناس، وعندما يتشابه الجميع بالحب تتميز المتفائلة بالإخلاص فيه، ولا تمنحه إلا لمن يثمنه ويقدسه. ولا ينكر عاقل أن المرأة المتفائلة تستطيع أن توفر لبيئتها التي تحيط بها كل أسباب النجاح والتميز، والتفوق الحضارى بحرصها على تعزيز قيم التربية، والوسطية، والاعتدال، ونبذ خطابات اليأس، والكراهية وسلوكيات التعصب تمهيدا لتحقيق السلام، والحب، والتعايش، وأن تفرض ذاتها الحضارية أينما حلت بنقائها المهذب، وبساطتها التلقائية الأنيقة وشخصيتها النادرة. تستطيع أن تفعل كل ذلك. وأحسبها كذلك، ولا أزكيها على الله.