نجحت هيئة السوق المالية السعودية خلال العام الماضي 2021 في تحقيق رقم قياسي في عدد الطروحات الأولية التي أدرجت في السوق، ولأول مرة يتم إدراج ثانوي في السوق السعودية لسهم أس تي سي، عدد الادراجات الأولية التي تمت في العام الماضي 21 شركة منها 9 شركات في السوق الرئيسة وكان من ضمن هذه الشركات شركات كبيرة مثل (أكوا باور، سلوشنز، تداول) وتمت تغطية هذه الطروحات بأرقام قياسية، صحيح أن الجزء الأكبر من التغطية عبارة عن تسهيلات من الشركات المالية لشريحة المؤسسات إلا أن نسبة التغطية في شريحة الأفراد كانت أيضا قياسية وهي عبارة عن سيولة فعلية، وكانت واضحة في اكتتاب تداول الذي خصص 30 % من الأسهم المطروحة لشريحة الأفراد، ومع كل هذا الزخم الكبير في الطروحات استطاعت السوق المالية استيعاب هذه الأسهم وتم تداولها بأعلى من قيمة الطرح بنسب تجاوزت 30 % ولم تؤثر على سيولة السوق واستطاع المؤشر الارتفاع في شهر فبراير الحالي بنسبة نمو تجاوزت 41 % مقارنة مع يناير 2021، هيئة السوق المالية تعتزم المضي قدما في طرح المزيد من الشركات خلال العام الحالي وقد يصل عدد الطروحات الى 50 طرحا من أصل 70 ملفا قيد الدراسة وما زالت السوق المالية تحفز الشركات العائلية على الطرح لما لذلك من فوائد منها الاستدامة المالية والاستمرارية، لأن الشركات العائلة عادة ما تنتهي عند وصول الملكية الى الجيل الثالث وما بعده حيث تدب الخلافات بين الشركاء، ولذلك من المهم طرحها في السوق المالية للحفاظ على استدامة هذه الشركات. التوسع في طرح الشركات في السوق المالية يوسع قاعدة السوق ويحد من تركز السيولة في الشركات الصغيرة التي يستغلها كبار المضاربين لجني أرباح عالية وتوريط صغار المستثمرين فيها، ولكن مع توسع القاعدة يكون للسيولة منافذ متعددة وتساهم في المحافظة على الأسعار في الحدود التي تكون مجدية للمستثمرين وبالتالي يتحول السلوك الاستثماري من المضاربي البحت إلى الاستثماري الذي يعتمد على أساسيات السوق وهو الاستثمار الأكثر جدوى على المدى الطويل وتجنب المستثمرين خسائر عالية مع التقلبات الحادة في الأسواق المالية كما أن استقرار السوق المالية مهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن هنالك بعضا من المحللين يرى أن حجم الطروحات الجديدة من شأنه التقليل من جاذبية السوق وضعف السيولة التي تحرك التداولات اليومية وربما يتحول سوق الأسهم إلى ما يشبه سوق الصكوك والسندات، هذا الرأي ربما استند إلى تراجع قيمة التداولات إلى أقل من النصف مقارنة مع يونيو 2021 ولكن هذا التراجع ليس بسبب ضعف السيولة بل سببه ارتفاع بعض الأسهم إلى مستويات عالية جدا كما أن الأسهم المضاربية متضخمة سعريا والمضاربة فيها أصبح أكثر خطورة وقد تلحق بالمضاربين خسائر جسيمة مع أي حركة تصحيحية للسوق، ولذلك ضعف النشاط المضاربي وتراجعت عمليات التدوير اليومية للسيولة التي كانت ترفع قيمة التداولات، ولكن سيولة السوق ما زالت قوية، وسوف تعود قيمة التداولات اليومية إلى المستويات العالية مع زيادة الطروحات وتحسن أساسيات الأسهم، السيولة في الاقتصاد السعودي عند مستوياتها التاريخية، المعروض النقدي (ن 3) وصل إلى 2,32 تريلون ريال وعندما تتوسع قاعدة السوق المالية مع الادراجات الجديدة سوف تجذب بعضا من هذه السيولة إلى السوق المالية، كما أن جزءا من متحصلات عملية الطروحات الأولية قد تعود إلى السوق، حيث يفضل بعض ملاك الشركات المطروحة استثمار سيولتهم التي تحصلوا عليها من عملية الطرح للدخول في شركات السوق وبالتالي قد تعزز الطروحات السيولة في السوق ولا تنقصها. الأسواق المالية سوف تتأثر من استمرار نمو التضخم العالمي الذي قد يحد من نمو أرباح الشركات وبالتالي قد تتداول الشركات بتقييمات عالية جدا وهذا يحد من جاذبية الأسواق المالية، كما أن رفع أسعار الفائدة المتوقع خلال هذا العام سوف يكون له أثر سلبي على الأسواق المالية، رفع سعر الفائدة سوف يرفع تكلفة التمويل على الشركات وبالتالي سوف تتأثر هوامش الربحية، كما أن أسعار الفائدة المرتفعة قد تتسبب في هجرة عكسية للسيولة من أسواق الأسهم إلى أسواق السندات أو الودائع لأجل حيث تنعدم المخاطر في هذه الاستثمارات مع عوائد جيدة، أما الطروحات الجديدة في السوق المالية فلن يكون لها أثر يذكر على سيولة السوق المالية بل العكس فهي المحرك للسيولة داخل السوق.