مع اقتراب المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار من نهايتها، تزايدت المؤشرات على هشاشة الترتيبات الميدانية والسياسية في غزة، مع بروز ملف الجثامين والرهائن كأحد أبرز ملامح المرحلة الانتقالية. فقد أعادت إسرائيل دفعة جديدة تضم خمسة عشر جثة فلسطينية، في وقت تستمر فيه عملية التعرف على الرفات داخل القطاع وسط نقص حاد في القدرات الفنية. وفي المقابل، واصلت الجهات المعنية من الجانب الفلسطيني تسليم رفات رهائن إسرائيليين، ضمن آلية تبادل دخلت مراحلها الحاسمة، بالتزامن مع اجتماعات مكثفة للوسطاء للبحث في شروط المرحلة الثانية من الهدنة، وبحث ترتيبات القوة الدولية التي يُنتظر أن تتولى مسؤوليات واسعة في غزة. وتتقاطع هذه التطورات مع استمرار حوادث إطلاق النار داخل القطاع، وغموض المشهد المرتبط بالمراكز الأمنية، ومصير أكثر من مليوني نازح يعيشون على المساعدات دون أفق واضح لإعادة الإعمار. صفقة سابقة وبدأت عملية إعادة الجثامين الأخيرة بعدما سلّمت حماس رفات رهينة إسرائيلي، ضمن صفقة سابقة بوساطة أمريكية دخلت مرحلة العد التنازلي. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها تولت نقل الجثث إلى غزة، فيما أكد الجانب الفلسطيني التزامه بالمضي في إعادة رفات أسيرين إضافيين. وبحسب ما أعلنته وزارة الصحة في غزة، فإن عدد الجثامين التي تسلّمتها حتى الآن بلغ 345 جثة، جرى التعرف على 99 منها فقط بسبب تعقيدات فحص الحمض النووي ونقص المعدات اللازمة لذلك. وفي الجانب الإسرائيلي، أعلنت الجهات الرسمية التعرف على رفات درور أور، وهو آخر رهينة جرى تسليمه. وباستعادة رفات أور، تكون السلطات الإسرائيلية قد حددت مصير جميع الرهائن تقريبا. إصابات جديدة وفي الميدان، سجلت مستشفيات غزة إصابات جديدة جراء إطلاق قوات إسرائيلية النار على مجموعة من المدنيين شرق مخيم المغازي، ما أدى إلى مقتل رجل فلسطيني وإصابة اثنين آخرين، بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يمتلك معطيات كافية للتعليق. وفي حادث منفصل، أعلن الجيش استهداف مجموعة مسلحة في رفح، وأفاد بمقتل أحد عناصرها قبل تنفيذ عمليات تفتيش أسفرت عن مقتل ثلاثة آخرين واعتقال اثنين. وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد قتل 345 فلسطينيا وأصيب 889 آخرون منذ بدء الهدنة حتى يوم الثلاثاء الماضي. وتشير سجلات الوزارة إلى أن إجمالي عدد القتلى منذ بداية الهجوم الإسرائيلي بلغ 69.775 قتيلا وأكثر من 170 ألف مصاب، مع تأكيد أن النساء والأطفال يشكلون النسبة الأكبر من الضحايا. تحركات الوسطاء وسياسيا، تكثفت تحركات الوسطاء، إذ عقد مسؤولون أتراك وقطريون ومصريون اجتماعا في القاهرة لبحث تفاصيل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مع التركيز على إزالة العقبات أمام تنفيذ البنود الحالية وتعزيز التنسيق مع مركز الإشراف المشترك الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وأفادت مصادر مطلعة بأن التحركات تتمحور حول ضمان التزام الأطراف بخفض التصعيد، وتفعيل آليات تثبيت الهدنة ومنع الانتهاكات. وفي السياق نفسه، برز الدور الإندونيسي ضمن خطة القوة الدولية المزمع نشرها في غزة لإدارة الأمن الداخلي والإشراف على إعادة الإعمار. وقال قائد القوات المسلحة الإندونيسية إن بلاده تستعد لإرسال لواء مركب يضم وحدات طبية وهندسية وآلية، إلى جانب تجهيز سفن حربية ومستشفيات وطائرات نقل ومروحيات. كما أكدت جاكرتا أن قرار الانتشار ينتظر موافقة رسمية من الرئيس. وتعد إندونيسيا من أكبر الدول المساهمة في عمليات حفظ السلام الأممية، وهو ما يعزز حضورها في أي ترتيبات أمنية مقبلة داخل القطاع. دائرة الجدل وداخليا في إسرائيل، اتسعت دائرة الجدل إثر خلاف بين وزير الدفاع ورئيس الأركان بشأن مراجعة عمل الجيش خلال أحداث 7 أكتوبر. ورغم تبادل الانتقادات، أكد الوزير أن العلاقة العملية بين الطرفين لا تزال قائمة وأن الحوار مستمر. ويأتي هذا الخلاف في سياق نقاشات أوسع حول أداء المؤسسة العسكرية ومسؤوليتها فيما جرى. وميدانيا، أعلنت القوات الإسرائيلية قتل أربعة أشخاص واعتقال اثنين في رفح بعد رصدهم داخل أنفاق، مؤكدة استمرار عملياتها لمنع ما وصفته بالتهديدات المباشرة، رغم سريان الهدنة. وتشير هذه الوقائع إلى اتساع الفجوة بين ترتيبات التهدئة والواقع الميداني، ما يجعل المفاوضات الجارية على المرحلة التالية أكثر تعقيدا. الخدمات الأساسية وتشهد غزة في الوقت الراهن وضعا إنسانيا بالغ التعقيد، حيث يعيش السكان في ظل انهيار واسع للبنية التحتية وتراجع القدرة على توفير الخدمات الأساسية. فمع استمرار الهجمات المتقطعة وغياب الاستقرار الأمني، لم يتمكن مئات الآلاف من الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم، إذ لا يزال النزوح الجماعي واقعا قائما يضغط على الملاجئ المؤقتة والمراكز الصحية التي تعمل بقدرات شحيحة. كما تعاني المنظومة الصحية من نقص حاد في الأدوية والمعدات، فيما تواجه المستشفيات ضغطا متزايدا بسبب الإصابات المتواصلة وسوء التغذية وتفشي الأمراض المرتبطة بتلوث المياه وانعدام الصرف الصحي. ورغم دخول المساعدات الإنسانية عبر نقاط محدودة، تبقى الإمدادات غير كافية أمام الاحتياجات المتصاعدة للسكان. وفي ظل هذا المشهد، تتصاعد التحذيرات الدولية من اتساع دائرة الانهيار، خاصة مع البطء في تنفيذ بنود الهدنة وعدم وجود آلية ثابتة تضمن تدفقا مستمرا للمساعدات أو إطلاق عملية إعادة إعمار حقيقية. وتؤكد منظمات الإغاثة أن الأزمة الإنسانية في غزة تتجه نحو مستويات أكثر خطورة ما لم تُفعَّل ترتيبات تضمن حماية المدنيين وتحسين الظروف المعيشية وتهيئة بيئة مستقرة لتنفيذ أي اتفاق سياسي أو أمني محتمل. الوضع الحالي إعادة 15 جثة فلسطينية في إطار المرحلة الأخيرة من تبادل الرفات. استمرار حوادث إطلاق النار داخل غزة رغم الهدنة. اجتماعات مكثفة للوسطاء لبحث ترتيبات المرحلة الثانية. استعداد إندونيسيا للمشاركة في قوة دولية لإدارة القطاع.