تمثل الدرعية رمزاً وطنياً بارزاً في المملكة العربية السعودية، فقد ارتبط ذكرها بالدولة السعودية الأولى، وقد شكلت منعطفاً تاريخياً مهماً في الجزيرة العربية، فأضحت الدرعية نموذجاً لمجتمع الواحات في البيئات الصحراوية، وقد جسدت الهوية الثقافية للمنطقة فكانت رمز أصالتها وعنوان حضارتها. نشأت الدرعية على ضفاف وادي حنيفة الذي يخترق سلسلة جبال العارض الممتدة عرضاً في منطقة نجد، وكانت من خير الأمكنة في تلك المنطقة سعة وخصبًا وصلاحًا للاستيطان، حيث تمتاز بطبيعتها التي تجعلها مكاناً صالحاً للزراعة، ولذا احتفظت ببساتينها ومزارعها الممتدة حتى عصرنا الحاضر. لعبت الدرعية دوراً محورياً مهماً في التاريخ السياسي للمملكة العربية السعودية كونها مثلت عاصمة الدولة السعودية الأولى؛ بعد أن أعلن عنها الإمام محمد بن سعود، وبدأ منها مرحلة جديدة في تاريخ شبه الجزيرة العربية بأسرها، حيث وضع لبنة الوحدة العظيمة التي وحدت معظم أجزائها، تلك الوحدة التي لم تعرفها شبه الجزيرة العربية بل العرب جميعهم منذ قرون طويلة، وأضحت هذه الوحدة مصدر فخر واعتزاز لكل العرب والمسلمين، ونتيجة لهذه الوحدة فقد أصبحت مدينة الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ومصدر جذب اقتصادياً واجتماعياً وفكرياً وثقافياً. كانت الدرعية قديماً تتألف من خمسة أحياء متجاورة يحيط بكل منها سور مدعم بأبراج، وكانت هذه الأحياء: حي الطّريف - حي غصيبة - حي السهل - حي الطرفية - حي القصيرين. وكانت تلك الأحياء محاطة من كل جانب بالنخيل، أما من خارج حدود البلدة نفسها فكانت تحيطها الشعاب ومجموعة من المرتفعات والتلال، وكانت تشكل تلك التضاريس بالنسبة للدرعية حصناً طبيعياً يحمي المدينة من أطماع الغزاة والمعتدين. وخلال عصرنا الحاضر تشهد «الدرعية» نهضة عمرانية وثقافية نظير ما تمثله من أهمية ومكانة تاريخية، حيث تُبذل العديد من المجهودات الحكومية لتسجيل وترميم آثارها التاريخية وما تشمله أحياؤها من قصور ومساجد وأسوار وحصون وأسواق، حافظت فيها أعمال التطوير على الأسلوب المعماري التقليدي للمدينة الذي يحاكي تاريخها وآثارها؛ لتبقى معلماً حضارياً بارزاً في هذا الجزء من العالم، ورمزاً شاهداً على حقبة التأسيس للمملكة العربية السعودية.