في مارس من العام 2021، أعلن علماء كاوست عن اختراق تقنيّ في تكنولوجيا تكرير النفط- تم تحقيقه بالشراكة مع أرامكو، شركة الطاقة الوطنية الكبرى- من شأنه أن يضمن للمملكة موقع الريادة في قطاع الطاقة الدولي على الأمد الطويل. تتكون الطريقة الجديدة من خطوة واحدة لتحويل النفط الخام إلى مواد وسيطة كيميائية، ما يبسّط الآليات الحالية متعددة الخطوات. هدف استراتيجي وتعتبِر رؤية 2030 أن التكنولوجيا المتقدمة لتحويل الخام إلى كيماويات هدفاً صناعياً استراتيجياً، وعنصراً أساسيًّا في برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية. ويأتي هذا التطور الأخير ليضع المملكة في طليعة الابتكار التكنولوجي العالمي في مجال الطاقة، وليدعم أهداف رؤية 2030 الأخرى. كما أن لهذا الإنجاز آثاراً مهمة واسعة النطاق على الاقتصاد العالمي، في سياق مستقبل النفط المتغير. فمع صعود السيارات الكهربائية ومصادر الطاقة البديلة، يرجح أن ينخفض الطلب على البنزين والديزل والمنتجات البترولية السائلة الأخرى في السنوات المقبلة. ومع ذلك، فإن بعض هذا الطلب المفقود سيتم تعويضه بمصادر أخرى، مثل المواد الكيميائية. ومنذ العام 2020، تم تكرير 16% من إنتاج الخام إلى مواد وسيطة مخصصة لمنتجي البتروكيماويات، ويرجح أن ترتفع هذه الحصة إلى 34% بحلول العام 2040. بالنسبة لبعض مصافي النفط، سيكون التحول أكثر وضوحاً، في مدينة ينبع الساحلية المطلة على البحر الأحمر، على سبيل المثال، تتعاون أرامكو وسابك في مجمع مصفاة مبتكر واسع النطاق، سيُخصص فيه ما يقدر بنحو 45% من الطاقة الكلية، لإنتاج البتروكيماويات. خطوات متعددة تتطلب الطريقة السائدة لتحويل النفط الخام إلى مواد أولية كيميائية خطوات متعددة، لكن التعاون بين كاوست وأرامكو يقلّصها إلى خطوة واحدة، عمل فريق كاوست، بقيادة أستاذ الهندسة الكيميائية ومدير مركز الحفز الكيميائي في الجامعة البروفيسور خورخيه جاسكون مع علماء أرامكو، لتكرير الخام العربي الخفيف إلى أوليفينات خفيفة مثل الإيثلين والبروبيلين- وهما لبنات بناء مهمة للصناعات البلاستيكية والمنسوجات والبناء. إن التحويل المباشر للخام إلى مواد كيميائية يؤدي إلى تحسين العديد من آليات التكرير كثيفة الاستهلاك للطاقة، أو التخلص منها، مع تخفيض الانبعاثات، بما يحقق وفورات أكبر في التكاليف، ويحس أن الكفاءة التشغيلية. تعد البدائل التقليدية، مثل التكسير البخاري cracking Steam، من بين أكثر التقنيات استهالاك للطاقة في صناعة المواد الكيميائية. كتب البروفيسور جاسكون وزملاؤه في مجلة Catalysis Nature ّ العلمية المحكمة، أن الآلية الجديدة لديها القدرة على تقليل الطلب العالمي على وحدات تقطير النفط التقليدية ووحدات التكسير بالبخار. التقطير، الذي يحدث في المصافي التقليدية، هو عملية تسخين الزيت الخام حتى ينفصل إلى هيدروكربونات مختلفة يمكن تكريرها لإنتاج البنزين والديزل وأنواع الوقود السائل الأخرى، وعادة ما يتم ذلك في الموقع؛ أو في كتل البناء البتروكيماوية مثل النافثا، التي يتم شحنها عادة إلى مكان آخر للتكسير البخاري أو بالهيدروجين. تقوم الآلية الثانوية بتحويل النافثا إلى هيدروكربونات أخرى، بما في ذلك الأوليفينات الخفيفة. تقنيات جديدة إن ظهور تقنيات التكرير الجديدة يعني أن تحول الطلب على النفط من الوقود إلى المواد، سيترافق مع الحاجة إلى تصميم المصافي أيضا بما يتكيف مع الوضع المتغير. وقد نشر البروفيسور جاسكون وفريقه في كاوست بحثا في مجلة Catalysis ACS يصف فيه مفهوم مصفاة المستقبل الذي يقدم استجابة استراتيجية لتغيير أنماط الطلب على النفط، مثل وضع المصافي داخل المجمعات الصناعية التي تضم أيضا إنتاج البتروكيماويات. لقد تم بالفعل تشغيل العديد من أمثلة الجيل الأول من هذه الآلية في الشرق الأوسط وآسيا، بما في ذلك المصفاة قيد اإلنشاء في ينبع، ومجمع تشجيانغ للبتروكيماويات الخام في الصين، ووحدة التكسير البخاري الحالية التابعة لشركة إكسون موبيل في سنغافورة. وإذا كانت مجمعات صناعية مثل هذه ستستفيد من الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تقنيات التقاط الكربون وتخزينه، فإن لهذه الآلية إمكانيات واعدة لتحقيق درجة أكبر من الاستدامة. خورخيه جاسكون