هنالك من البشر من أثبتوا أنهم قادة مناضلون، ولم يعرف قيمتهم الآخرون خصوصاً المقربون منهم من أهلهم إلا بعد وفاتهم وفقدهم، ولم تتضح تضحياتهم ومعاناتهم وشقاؤهم وعنوان مكابدتهم إلا بعد أن فارقوا الحياة الدنيا، لأنهم لم يجعلوا الآخرين من حولهم يشعروا بشيء من التعاسة أو الحزن أو المسؤولية، فلقد حملوا المسؤولية على أكتافهم وظهورهم من غير تألم أو تأفف أو ملل أو كلل، فكل الاحترام والتقدير والإجلال لهذه الفئة من الناس الذين رحلوا ولم ترحل ذكراهم، وأفعالهم وأقوالهم وبصماتهم في حياتنا على مر الأجيال والسنين الطويلة. إذا أردت أن تجعل من خلفك يبكي عليك دماً لا تشكي لأحد الذي تحمله، بل كن على يقين وقوة أن هذه مسؤوليتك وأنك سوف تعبرها بأي وسيلة كانت وطريقة، إن الرجال الذين يعملون بصمت وصبر وتحمل وسعي وبصيرة وحكمة ورشد ورشاد هؤلاء هم خيرة الرجال، الذين يتركون خلفهم البصمات التي لا يمحيها الوقت. إن كثرة التشكي تنفر من حولك وتجعل الآخرين ينفرون منك بل يبتعدون عنك ولا يقتربون منك ويريدون التخلص منك بأي طريقة كانت، إذا أردت أن تشتكي اشتكي لله سبحانه الخالق فهو المدبر سبحانه للكون المتصرف فيه يعلم ما كان وما سوف يكون. الصمت حكمة، ولا يكشف ما بداخلك بسبب صمتك ويجعلك مجهول أمام الآخرين وهو سلاح للذي لا يريد أن يكشف شخصيته أو هويته، والصمت في بعض الأحيان دواء من آفات اللسان، والكلام الذي قد يؤدي بك إلى المهالك، فيكفي أن الله سبحانه خلق لنا لساناً واحداً لكي نتكلم به، وأذنين لكي نسمع بهما، والحكمة في ذلك أن عدد أعضاء السمع أكثر من أعضاء الكلام، والخيار لك أيها القارئ الكريم. الحكمة من أسوار الصمت وكلما كنت صامتاً كلما زاد تركيزك بالمحيط من حولك، إن العمل في صمت أفضل من العمل في ضوضاء صاخبة تفقدك التركيز والثبات، وإذا أردت أن تنتهج منهج الرجال الصامتين عليك بالصمت في كل شؤون حياتك.