عندما تحتار في الحياة الدنيا وفي أمورك وفي شأنك، عندما لا تستطيع النوم بسبب ما يشغل بالك وتفكيرك، عندما تتراكم عليك المسؤوليات وتصبح كالجبال الثقيلة من أحمالها، وأفكارك تتشتت وتضيع، وعندما تتعقد شؤونك وتتشابك وتتداخل فيما بينها وتضيق بك الحال وتموج بك أهوال الظروف وتتراكم على قلبك الحيرة وتسيطر على عقلك أفكار كثيرة ولا تدري ماذا تفعل وكيف تختار، وما المصير الذي تقرره والطريق الذي تسلكه وهل سوف تصل إلى وجهتك الصحيحة أم تضل الطريق، الكثير من أصحاب الألباب والفكر السليم عندما يقرر يجد نفسه في حيرة من أمره بسبب كثرة الخيارات المتاحة، وكذلك المستشار ينظر إلى تعدد الخيارات أمامه والطرق التي لا يدري الطريق الصحيح الذي سوف يسلكه، خصوصاً إذا كانت الطرق كلها سليمة، لكي يصل إلى الهدف الذي يتمنى الوصول إليه، إن هنالك أمرا أخبر به نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قبل أكثر من ألف وأربع مئة عام، وكان يعلم أصحابه هذا الأمر والذي يغنيك عن مستشاري الدنيا وما فيها، بل إنه هدية إلى هذه الأمة ومعجزة تبهر النفوس وتحير العقول بسبب أنك تستخير الله سبحانه الذي يعلم ما كان وما سوف يكون وما هو كائن في هذا الأمر الذي تريد أن تنوي عمله أو تقوم بفعله فإذا أديت صلاة الاستخارة بالشكل الذي وصفه النبي عليه الصلاة والسلام فلن تندم أبداً، يا عباد الله إن الاستخارة تغنيك عن كل من في الدنيا خصوصاً إذا كنت محتارا في أمر معين أو محدد، وصفة صلاة الاستخارة كما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام، هي بعد أن تصلي ركعتين تدعو هذا الدعاء (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (وتسمي أمرك أو حاجتك التي تحتار فيها مثلاً، مشروع أو زواج أو وظيفة أو صديق أو سيارة أو سفر أو علاج أو طبيب أو أي أمر من أمور الدنيا المباحة شرعاً) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به) وبعد أن تقوم بالدعاء سوف تحدث لك المعجزات إما أن يتيسر لك هذا الأمر ويبارك الله فيه لك أو يصرفه الله عنك وهو يعلم أنه ضرر عليك، هنيئاً لمن كانت صلاة الاستخارة نهجه في حياته فهي النجاة من حيرة العقول وشتات الاختيار.