مرحباً.. مرّت ثمانية أشهر.. هل مازلت حانقاً على الصين؟ تشتم آكل الخفّاش؟ أنا لا أفعل ذلك ليس حباً في الصين ولا كرهاً لغيرها. وليس لأني خارج دائرة التأثر مما حدث بل على العكس كنت أحد ضحاياه فعلقت بالخارج فترة ليست بالقصيرة واستنجدت برحلات الإجلاء وألزمت الحجر والعزل وحيداً لفترة. لكن ما حدث من انتشار هذا الفيروس سيحدث مرة أخرى ولن يكون الأخير وربما القادم سيكون أقوى. ليس تشاؤماً ولكنها واقعية الظروف التي تحتم علينا العيش على هذا الكوكب. فالتوقعات بناء على الحسابات الرياضية أنه يوجد ما يقارب مليون و600 ألف فيروس حول العالم لا نعرف عنها شيئاً نصفها لديها القدرة على إصابة الإنسان. قبل عام كامل من انتشار فيروس كورونا نشر الباحث Linfa Wang ورقة علمية وضع فيها قائمة بالفيروسات التي من المحتمل أن تنتقل من الخفاش إلى الإنسان سواء بشكل مباشر أو عن طريق ناقل وسيط ووضع فيروسات عائلة كورونا في المقدمة! وفي مجلة نيتشر نشر أنه يتوقع إصابة مليار سنوياً بأمراض مصدرها الحيوانات. والبنك الدولي يذهب لأبعد من ذلك في مقاله المنشور منذ عام 2013م أن هناك 2 مليار و400 مليون شخص يصابون سنوياً بأمراض مصدرها حيواني وتتسبب بوفاة مليونين و200 ألف شخص سنوياً. ويضيف أن 3 من أصل أربعة مسببات للأمراض هي من مصادر حيوانية. وبغض النظر عن أي الرقمين أكثر دقة إلا أنهما يجمعاننا على حقيقة واحدة وهي أن الإصابات بمئات الملايين وهو ما يكفي لجعل هذا الأمر محط الاهتمام ومركزه. لست سوداوياً لكنني أمهّد لأن أنقلك من مرحلة شتم الصين وآكل الخفّاش والمناداة بمعاقبة الصين (لأنها لا تجدي نفعاً) إلى مرحلة إيجاد حل حقيقي. فالواضح أننا نعيش بعالم مليء بالفيروسات وأن الحيوانات حتى الأليف منها أصبحت مصدراً للخطر وقنابل موقوتة لا ندري متى تنفجر فينا. مهما حاول السياسيون إلا أن غريزة التكسّب من المواقف والأحداث لصالحهم ولصالح برامجهم الانتخابية تطغى. فمحاولة إيهام الناس أن الخلل كان كله من الصين وأن معاقبتها سيحل المشكلة يجعلنا نتساءل أن هذه الأمراض لم تنقطع عن عالمنا قط! خلال آخر عقدين ظهرت إنفلونزا الطيور والخنازير وكورونا الجمال وإيبولا والقائمة تطول! والمعقد في الموضوع أنها ظهرت من دول مختلفة وليس من دولة واحدة بل ظهرت من عدة حيوانات ولم يكن مصدرها حيوان واحد فقط! من أجل هذا كله ظهر برنامج واعد يهدف إلى البحث والكشف عن الفيروسات الجديدة في الحيوانات وتكوين قاعدة بيانات عنها وتدريب العاملين الصحيين حول العالم خصوصاً في المناطق الفقيرة! وانتهت المساحة المسموحة لي الآن لأكمل الحديث عن البرنامج الواعد وما انتهى إليه بعد عمل 10 سنوات! في المقال المقبل.