تحرص المواقع الالكترونية المهتمة بمتابعة جائحة كورونا في المملكة على التعبير بالرسومات البيانية عن الأرقام التي تنشر يومياً عن عدد الإصابات بالوباء وحالات الشفاء منه والحالات الحرجة في غرف العناية المركزة، والوفيات بسبب هذه الجائحة، وكذلك ما يبنى على تلك الأرقام من مؤشرات يتم الاستناد إليها في تقدير الوضع الحالي والتوقع المستقبلي لتفشي هذا الوباء على المستوى الوطني أو على مستوى بعض المدن التي تعاني من ضراوة هذه الجائحة. ما أجد انه مهم وتفتقر إليه كافة تلك المواقع الالكترونية وأعني تحديداً المرجعية منها في القطاع الصحي هو عدم وجود تمثيل مكاني عبر الخرائط الرقمية للبيانات اليومية عن تفشي هذا الوباء ضمن نطاق مدن المملكة، يوضح في تلك الخرائط الرقمية بشكل يومي مدى انتشار أو انحسار هذا الوباء على مستوى احيائها استناداً لأعمال المسح والتسجيل والتقصي لحالات الاصابة والتعافي منها. فأهمية هذا التمثيل أو التعبير المكاني على الخرائط الرقمية تنبع من جانبين أساسيين على الأقل الأول هو في تتبع السلوك المكاني والزماني لانتشار فيروس كورونا في مدن المملكة منذ ظهور أول حالة لهذا الوباء، لما قد يظهره تتبع هذا السلوك من جوانب ذات قيمة قد لا تظهره وسائل التعبير أو التمثيل الأخرى في الإجراءات الاحترازية التي يمكن أن نتبعها في احتواء هذا الوباء ومن ثم ابطاء تفشيه. الجانب الثاني هو في المساعدة باتخاذ القرار المناسب في إعادة الحياة الطبيعية للأنشطة المختلفة في مدن المملكة. فعلى سبيل المثال رأينا أن وزارة الشؤون الدينية والدعوة والإرشاد، قد قامت بإعادة إغلاق تسعه وثمانين مسجداً احترازياً بعد فتح الجوامع والمساجد للمصلين في مختلف مناطق المملكة في الخامس من هذا الشهر، وذلك حين جرى تسجيل إصابات بفيروس كورونا في تلك المساجد معظمها في مدينة الرياض، بل وأدت إلى وفاة مؤذن في أحد تلك المساجد نتيجة إصابته بالعدوى. في حين لو توفرت خرائط رقمية تعطي بيانات مباشرة وآنية عن مدى تفشي الوباء في احياء مدينة الرياض، لأمكن لمتخذ القرار في وزارة الشؤون الدينية والدعوة والإرشاد أن يحدد أي من المساجد يجري إغلاقها احترازياً احتواء لهذا الوباء ومنعاً لانتشاره، لا سيما وأن المساجد هي أنشطة محلية لا يرتادها في الغالب سوى السكان القاطنين في محيطها لا من خارج هذا النطاق، ويقاس على ذلك غيرها من الأنشطة الأخرى في المدينة التي قد يضطر متخذ القرار بإعادة فتحها أو اغلاقها احترازياً.