قال الصينيّون: إن الأزمة فرصة فاختُلف من بعدهم فقيل إنها تساعد على اكتشاف مكامن الخلل وعلاجها، وقيل إن الأزمات تحمل في طياتها فرصاً للبروز، وهكذا المملكة مع الأزمة، تلك الفرص كشفت نقاط ضعف وقوة نستعرضها في أربعة محاور: * أولاً: ظهور الفرق في أداء وقدرة الإعلامي المؤهل أكاديمياً وبين مشاهير المنصات الاجتماعية Twitter و Snap-Chat. حيث عجزوا عن مجاراة الإعلاميين أثناء الأزمة لنقص المهارة وغياب الحرفة والفن في بناء المعلومة، حيث لم يعُد القارئ قادراً على تمييز مضمون الرسالة هل هو خبري؟ توعوي؟ أم تعليمي؟ كذلك ظهر عجز المشاهير عن بناء المضامين الرصينة لجهلهم توظيف الاستراتيجيات والتكتيكات المنطقية والعاطفية وهي عناصر جوهرية، زاد أهمية ما سبق عظم الأزمة التي يعيشها المجتمع «وزاد الطين بلة» اقتحام المشاهير مجالات دقيقة تحتاج خبراء يبينون تفاصيلها. * ثانياً» تحرك الجهات الرسمية كوزارة الصحة والتجارة وشفافيتهما في التصدي للشائعات، وإقحام المشاهير أنفسهم في تخصصات لا يمتلكون فيها معرفة أدى لارتفاع الثقة فيهما كمصدر للأخبار. فنجدها توقف كل متجاوز عند حده بسلطة القانون مجتهدة في توضيح الحقائق ودحض الشائعات ومطالبة بالامتناع عن نشر تلك الشائعات، وأكدت ضرورة العودة للمصادر الرسمية للتأكد من المعلومة، وظهرت النيابة العامة كسلطة مسؤولة عن الحفاظ على مصالح المجتمع واتخذت الإجراءات اللازمة ضد بعض مستخدمي المنصات الاجتماعية وحذرت من المساس باستقرار المجتمع من بث المعلومة المضللة فكلٌ مسؤول عما ينشر في الإعلام. * ثالثاً: فرصة لنهضة إعلامية شاملة مهنياً وأكاديميًا حيثُ دعا وزير الإعلام المكلف، بحضور وزير التعليم، عمداء ورؤساء أقسام الإعلام في الجامعات لاجتماع طُرح فيه جملة من المبادرات والاقتراحات تدور في مجملها حول دور الإعلام في صناعة الصورة الذهنية للمملكة وإبراز جهودها خارجيًا، وأعتقد أن أزمة كورونا فرصة يلزم استغلالها في ظل تفوق المملكة مع دول مثل كوريا الجنوبية وتجاوزها لدول متقدمة في طريقة تعاطيها مع الأزمة وبالأخص إعلامياً بالتركيز على بناء مضامين توعوية كلفت انتباه الناس لكيفية الوقاية من مرض كورونا، وتثقيفية كإثراء ثقافة المواطن الاستهلاكية، وإعلامية بتزويد المجتمع بأعداد المصابين محلياً ودولياً، وتعليمية كتعليم الناس المسافة الآمنة وطريقة الاصطفاف في المتاجر، وناقش المجتمعون نشر الوعي واكتشاف المواهب وتطوير مهارات العاملين في مجال الإعلام وغيره من الأمور. * رابعاً: انكشاف غياب التخطيط الاستراتيجي، فيجب ألا نتغنى بنجاحنا حتى الآن في التعامل مع الأزمة، فالتخطيط الاستراتيجي ووجود غرف عمليات لإدارة الأزمات تجتمع دورياً لتقييم الأوضاع وشحذ الهمم للمراحل المقبلة مهمة. ويجب مزج الخبرة الأكاديمية والمهنية بروح الشباب فالمرحلة تستدعي وقفة لا مجاملة فيها ولا تهاون. ختاماً لنتذكر، رب ضارة نافعة، فكما قال الصينيون الأزمة فرصة، فهل نستغلها بعد نجاح مؤسساتنا في النهوض بالوعي المجتمعي لإيقاف الشائعات.