ضاغط الهواء (الكمبريسور) صمم للعمل عند ضغط معين فإذا زاد ضغطه عن المعدل المطلوب ينفجر، وضبط النفس هي قدرة الإنسان على السيطرة على الجوارح أو بمعنى آخر هي تغليب التفكير على الانفعال والابتعاد عن الردود السلبية. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصُّرَعة؛ إنما الشديد الذي يَملك نفسه عند الغضب". إنّ ثقافة ضبط النفس من أهم الثقافات المطلوبة وهي ضرورية للسلوك والنجاح والتمتع بالمصداقية والشفافية وحب الذات. من الطبيعي أن يمر الإنسان بمواقف مُنغصة سواء على الصعيد الوظيفي أو الاجتماعي أو الشخصي وبكل تفاصيل الحياة ومتغيراتها، والقوي هو الذي يسيطر على متطلبات نفسه والتي يردها حين تغرد خارج السرب الإنساني. الأنفس المذكورة في القرآن الكريم هي النفس الأمارة بالسوء، والنفس اللوامة، والنفس المطمئنة. للأسف معظم الناس تنادي بضبط النفس لكنها في الواقع لا تطبقه فتحرق الأخضر واليابس وتحول العلاقة مع الآخر إلى حقل ألغام. العقل هو الذي يتحكم ويسيطر على الأحاسيس ويوجهها كما يقوم أيضاً بتوجيه تصرفات الإنسان فلماذا البعض يُغيبون عقولهم في وقت الحاجة، والإنسان المتزن هو الذي يتحكم في أفعاله ويزن أقواله قبل التفوه بها حتى لا يأخذه الندم والحزن ويعذبه ضميره بعد فوات الأوان. أقتبس: (الصمت زين والسكوت سلامة فإذا نطقت فلا تكن مكثارا) الشعر لأبي العتاهية. للأسف هناك من يشجع على تحريض النفس والطلب منها خوض غمار الانتقام ورد الصاع بصعين والبحث عن المشاكل وتوريثها جيلاً بعد جيل متناسين وصية سيد الخلق صلى الله عليه وسلم حينما قال: (لا تغضب)، وصية عظيمة فهل من متعظ. "سكينة النفس هي الغاية المثلى للحياة الرشيدة"، أستغرب من أشخاص أعرفهم وتعرفونهم يتحلون بصفات جميلة ومشهود لهم بالتروي والحكمة وعدم التسرع بالحكم على الآخرين يفقدون السيطرة على أنفسهم ويدخلون في دوامة القلق والشك وسلامة القلب والمشي في الاتجاه المعاكس. وفي الختام هناك مثل صيني يقول: "تحكم بنفسك تتحكم بغيرك" تتحكم في أقوالك وأفعالك وتصبح مرجحاً لتقديم النصح والمشورة، ثقافة ضبط النفس مطلب رئيس وجوهري في حياتنا الاجتماعية بكافة ألوانها فهي درع واقٍ من التصرفات اللا مسؤولة والنتائج المؤذية. في غياب العقل تغيب الإنسانية ويفقد الأنسان سيطرة على نفسه ويصعب ضبطها. لا تضعوا أنفسكم ومن تحبون في عالم مخيف من النكد والهم والغم واضبطوا أنفسكم وحوّلوا حياتكم إلى حديقة غناءة تسر قلوبكم وتمتع عيونكم.