في إبان عملي السابق في الديوان العام للمحاسبة ومشاركتي في عديد من الفعاليات الخاصة بإنشاء وعمل وحدات المراجعة الداخلية في الجهات الحكومية، وذلك بإلقاء بعض الأوراق المتعلقة بهذا الشأن، لاحظت بعض التوجس والفتور لدى بعض مسؤولي الجهات حيال تفعيل تلك الوحدات في جهاتهم، متذرعين مرة بقلة الموظفين، ومرة بضيق المكان، على الرغم من أن وزارة المالية قد استحدثت في جميع الأجهزة الحكومية وظائف لمديري تلك الوحدات التي نص على إنشائها. قرار مجلس الوزراء رقم 1425/8/20 المتضن الموافقة على التوصيات التي انتهى إليها المشاركون في الندوة الأولى التي نظمها الديوان العام للمحاسبة، وقرار مجلس الوزراء رقم 129 في 6/4/ 1428 المتضمن الموافقة على اللائحة الموحدة لوحدات المراجعة الداخلية للأجهزة الحكومية وإناطة متابعة تنفيذ هذه اللائحه بالديوان، وبالتالي فالديوان موكول بمتابعة إنشاء وعمل تلك الوحدات، والتزامها بتطبيق اللائحة التنفيذية. أما تقارير تلك الوحدات وما يتكشف لها من ملاحظات وأخطاء، فترسل إلى المسؤول الأول في الجهة، ما يسهم في اكتشاف الأخطاء والتجاوزات في بدايتها، واقتراح الحلول الخاصة بمعالجتها في وقت مبكر وقبل أن تستفحل. ولا يختلف اثنان في أن ذلك عنصر يقوي الرقابة الداخلية في الجهة، ويعطي كثيرًا من الطمأنينة لدى المراجع الخارجي. ولعل كل ما ورد يؤكد أن تلك الوحدة ستكون هي الساعد الأيمن للمسؤول الأول في الجهة، خصوصًا إذا منحت تلك الوحدة الاستقلالية الكاملة، وتم تزويدها بالكفاءات الوظيفة المتميزة التي تحتاجها لتأدية عملها طبقًا لما نصت عليه اللائحة التنفيذية لتلك الوحدات، وقد سبق أن قيل في الأمثال «إن درهم وقاية خير من قنطار علاج»، فليس اكتشاف الانحرافات والأخطاء في بدايتها مثل اكتشافها في وقت متأخر يصعب معه علاجها وتفادي خسائرها على الجهة، كل ذلك يؤكد أهمية عملها بالنسبة للمسؤول الأول في الجهة أو للمراجع الخارجي أيًا كان.