شهدت المدينةالمنورة تكريماً علمياً ووجدانياً لمسيرة الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله-، أحد أبرز أعلام المسجد النبوي الشريف، في ملتقى وصف بأنه لوحة وفاء واعتراف بفضل ومكانة العلماء، حيث استعرض جمع من العلماء والمفكرين والتربويين الجوانب العلمية والتربوية والخلقية في حياة الشيخ -رحمه الله-، متناولين توازنه بين العلم والعمل، وإسهاماته في غرس القيم الإيمانية والسلوك القويم في نفوس طلابه ورواد الحرم الشريف، ليبقى أثره شاهداً على جيل من العلماء حملوا الأمانة بصدق وإخلاص. وفي أولى جلسات ملتقى «مآثر الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله- وجهوده في المسجد النبوي»، وفي الجلسة الأولى التي ترأسها إمام وخطيب المسجد الحرام عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي الشيخ د. صالح بن عبدالله بن حميد، استعرض عميد كلية الشريعة وعميد الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً، الشيخ د. عبدالرحمن بن عبدالعزيز الصالح، في ورقته المعنونة «حياته الشخصية والأسرية»، جوانب من شخصية الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله-، الذي أمّ المصلين في المسجد النبوي الشريف 50 عاماً بصوت خاشعٍ مؤثر، وجعل للناس مجلساً يومياً للفتوى والمشاورة. وقدّم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً د. محمد بن أحمد الصالح، ورقته بعنوان «سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح: المكان والمكانة»، تناول فيها نشأته في أسرة علم ووجاهة، وجهوده في نشر العلم، ودعوته إلى وحدة المجتمع ونبذ الفرقة، إلى جانب مسيرته الطويلة في الإمامة والخطابة والقضاء بالمسجد النبوي الشريف التي امتدت نحو 47 عاماً. وتحدّث أستاذ التاريخ والعمارة الإسلامية بجامعة الملك سعود سابقاً د. محمد بن عبدالرحمن الحصين، في ورقته «رحلات سماحته وأسفاره الدعوية»، عن جولاته الدعوية في عددٍ من الدول بين عامي 1383ه و1396ه، حيث خطب الجمعة في عدد من المساجد الكبرى، ودعاً إلى التمسك بالدين ونبذ الشرك والبدع والخلافات. واختُتمت الجلسة بورقةٍ قدّمها مدير ثانوية طيبة وعضو جمعية خريجيها الأستاذ صالح بن عبدالله الصالح، بعنوان «علاقة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح بالمجتمع»، استعرض فيها محبته لأهالي المدينةالمنورة وحرصه على مساعدتهم، ومشاركته لهم في مناسباتهم الاجتماعية، إضافةً إلى برامجه الدعوية في وسائل الإعلام، ومنها برنامج «دعوة الحق»، وفي الجلسة التي ترأسها المستشار بالديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ د. عبدالله بن سليمان المنيع، جاء المحور الأول بعنوان «جهود الشيخ عبدالعزيز بن صالح في تزكية النفوس وصلاح القلوب» أوضح إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ أن منهج الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله- في مواعظه وخطبه كان يرتكز على تزكية النفوس ومخاطبة القلوب والسعي في الإصلاح، مشيراً إلى أن خطبه ركّزت على الأصول الكبرى في العقيدة وعبادات الصلاة والصيام وبر الوالدين وإصلاح المجتمع، بما يعكس حرصه على توجيه الناس نحو القيم الشرعية الصحيحة وترسيخ الوسطية والاعتدال بين المصلين ورواد المسجد النبوي. أما المحور الثاني فتناول «جهود الشيخ عبدالعزيز بن صالح في التفسير»، وقدم ورقته المدرس بالمسجد النبوي د. عبدالله بن محمد الأمين الشنقيطي، الذي أوضح أن الشيخ كان يشرح الآيات القرآنية في خطبه بأسلوب واضح يجمع بين التفسير بالمأثور والرأي المعتبر، ويركّز على المقاصد والمعاني الكلية للآيات، مستلهماً منهج الشيخ عبدالرحمن السعدي في الوضوح والاختصار، ومبيناً أثر توليه القضاء في تطبيق النصوص القرآنية على واقع المجتمع. وفي المحور الثالث المعنون «جهود الشيخ عبدالعزيز بن صالح في تقرير عقيدة السلف»، تناول المدرس بالمسجد النبوي د. عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر تعيين الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله- رئيساً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمجمعة، مشيراً إلى أن توفيق الله تعالى ومكانته العلمية والفقهية كان أساس تمكينه من أداء هذا الدور. وبين أن دعوته ركّزت على تحقيق توحيد الله تعالى والإيمان به، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خطبه بالمسجد النبوي وخطب الجمعة والعيدين، كما كان حريصاً على ممارسة ذلك في حياته اليومية، وكان سداً منيعاً ضد المنكرات والبدع لما أتاه الله من علم وهيبة، متمتعاً بالحنكة والتفهم، يتعامل مع الجميع بإنسانية وحزم، وكان محبوباً من رجال المدينة وزوار المسجد النبوي. واختُتمت الجلسة بالمحور الرابع بعنوان «جهود الشيخ عبدالعزيز بن صالح في الفقه»، الذي قدّمه عميد كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية سابقاً د. عبدالرحمن بن رباح الردادي، مستعرضاً تكوين الشيخ الفقهي المبكر، ومكانته بين علماء المدينة، وتوليه مناصب علمية رفيعة منها عضوية هيئة كبار العلماء ومجلس القضاء الأعلى، مشيراً إلى أن فقهه تجلّى في خطبه ودروسه التي ربطت بين النصوص الشرعية والواقع المعاصر، وفي الجلسة الخامسة برئاسة الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ د. عبدالرحمن بن عبدالله السند، تناول إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالباري بن عواض الثبيتي جهود الشيخ عبدالعزيز بن صالح الذي ترك أثراً واسعاً في المدينةالمنورة والعالم الإسلامي، مشيراً إلى أن منهجه الدعوي كان قائماً على العلم والبصيرة مستنداً إلى الكتاب والسنة، وأنه اتسم بالوسطية والاعتدال في الإصلاح، جامعاً بين الرفق والحزم، ومعالجاً قضايا المجتمع بواقعية. وأشار المدرّس في المسجد النبوي الشيخ د. بدر بن ناصر البدر إلى أثر الشيخ عبدالعزيز بن صالح في ترسيخ شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواء في المسجد النبوي أو في حياته العامة والخاصة، مبرزًا مكانته العلمية والخلقية التي أهّلته لأداء هذا الدور المؤثر. من جهته، تناول المدرّس في المسجد النبوي الشيخ د. سعود بن عبدالعزيز الخلف حرص الشيخ على طلب العلم وإجلاله للعلماء، مشيراً إلى توازنه بين العلم والعمل، وكيف كان يربط دائماً بين الفقه والسلوك العملي في حياته اليومية، داعمًا لطلابه بالقدوة الحسنة والنصح الهادئ، ليكون بذلك نموذجاً متكاملاً في التربية الدينية والسلوك الأخلاقي. كما قدّم مساعد مدير التعليم بمنطقة المدينةالمنورة د. فهد بن عبدالله القايدي جهود الشيخ التربوية، موضحاً أن التربية الإيمانية عنده ترتكز على وسائل بنائية ووقائية وعلاجية، تهدف إلى ضبط النفس وترسيخ المبادئ وتنمية شخصية متزنة، مع تحويل الإيمان إلى سلوك عملي يشمل المسجد والمدرسة والأسرة والإعلام. وأكد القايدي أن التربية العقلية عند الشيخ تعتمد على استخدام العقل إدراكًا ورشدًا، مع التركيز على التفكر في القرآن والخلق والتأمل في التشريعات وأخذ العبرة من تقلبات الدنيا، لتشكل خطبه نموذجاً شاملاً للتربية الدينية والعملية. علماء ومفكرون يتحدثون عن الجوانب العلمية والتربوية والخلقية في حياة ابن صالح جانب من أعمال الجلسات