القرار عزّز مكانة المرأة وأعطاها ثقة في تحمّل المسؤولية.. والسعوديات أثبتن أنهن الأفضل لقلة حوادثهن قيادة المرأة للسيارة منحتها حرية التنقل وفتحت المجال أمامها لأن تكون عضواً فعّالاً في تحقيق رؤية 2030 بهدوء ورقي أبهر المتابعين والمتشائمين معاً، مرّ عامٌ على قيادة المرأة للسيارة في المملكة العربية السعودية، عامٌ لم يشبه ما كان يخشاه المحبون لهذه الأرض، وما كان يتمناه المبغضون لها، فقد شكّل تاريخ العاشر من شهر شوال من العام 1439 ه، الموافق 24 يونيو 2018 م منعطفاً مهماً في تاريخ المملكة الحديث، حيث انطلقت المرأة السعودية لتقود سيارتها في حدث وُصف بالتاريخي، واليوم ونحن نمرّ بالذكرى الأولى على تطبيق ذلك القرار نستشعر قيمة وأهمية ذلك القرار، كما نتلمّس بجلاء ومنذ اللحظات الأولى حجم الرقي المجتمعي والإنساني والحضاري لدى السعوديين، وأنهم كبقية شعوب الأرض، لا كما خوّف وهوّل منه المحبطون والمتشائمون، فقد أرادت قيادة هذه البلاد بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهم الله- أن تعيد لإنسان هذه الأرض المباركة كينونته وموقعه بين الشعوب المتقدمة، فراحت تسارع الخطى إلى حيث السعودية الحديثة فكان لها ما أرادت. مؤشر واضح واعتبر المهندس عبدالله بن عبدالمحسن الشايب أن العهد الجديد ورؤية 2030، وبرنامج التحول 2020 جاء متجاوباً مع متطلبات التنمية وتحقيق الأهداف وتمكين المرأة في مؤشر واضح على حرص الدولة على العدالة في أوجهها المختلفة وفي مجتمع ملتزم بضوابطه الدينية والأخلاقية، فعزّز القرار مكانة المرأة وأعطاها قوة إضافية من الثقة وتحمّل المسؤولية، ومعرفة القوانين والإجراءات، مضيفاً أن قرار قيادة المرأة للسيارة استحقاق أكدت عليه القيادة الحكيمة حفظها الله، ساهم في الحد من هدر الوقت، وخلّص بلادنا من آلاف السائقين الأجانب وما أفرزه وجودهم من سلبيات اجتماعية، مبيناً أن كثيراً من المهن بحاجة فعلية للتنقل للمواقع الميدانية، فألغي مفهوم المحرم وسهل حركة التنقل، واصفاً قيادة المرأة للسيارة بأن جله إيجابيات، مشيراً إلى أن ليس قيادة المرأة للسيارة وحده المؤثر في إحداث الفارق الثقافي والاجتماعي، وإنما مشاركة المرأة في الحياة اليومية وتخلص الرجل من الارتباطات اليومية المقيدة، والأهم من ذلك التعامل مع حالة الطوارئ المنزلية أو في مدارس البنات، كما أنه مكّن المرأة من مراجعة الدوائر الحكومية دون الحاجة إلى محرم، وأثبت مجتمعنا سريعاً بأنه طبيعي جداً. عدالة الحقوق ووصف المستشار القانوني والمحامي ماجد قاروب السماح للمرأة بالقيادة بأنه حمل مدلولات كبيرة، وفيها تأكيد على بعض الثوابت والرواسخ الدينية المتمثلة في المساواة الكاملة بين المواطنين رجالاً ونساءً في كل ما يقدم دون أي تصنيفات تتعلق بالجنس، كما أنه يؤكد على العدالة في الحقوق والواجبات بين الجميع، كما لامس احتياجات المجتمع، مشيداً بما سماه نضوج المجتمع السعودي الاجتماعي والإنساني، وتعاطيه الراقي مع قرار مفصلي في حياته، مضيفاً: القرار نجح بامتياز، وكان المشهد في الشارع أكثر من طبيعي، وهناك فرق بين المتشائمين والمقرضين على المملكة في أي خطوة تتقدم فيها إلى الأمام، فقد كان هناك حجم من التهويل والتخويف والتخوين لكل امرأة ستقود سيارتها ولأهلها، والحقيقة خالفت كل أوهام أولئك، فقد قابل الجميع قائدات المركبات بكل احترام وترحاب منذ اللحظة الأولى، وهنا أود لفت الانتباه إلى أن قيادة المرأة لسيارتها منحها التزاماً عالياً بوظيفتها لقدرتها على التحكم في التزامها بالوقت، شاكراً الملك سلمان على الهدايا الكبيرة التي منحها لشعبه وللمجتمع. ونبه النظر إلى وجود تذمر من تقصير مدارس تعليم القيادة في محافظة جدة وضعف مؤهلات المدربين، وقلة العدد، بحيث أصبحت العملية تمارس وكأنها في إطار الممارسة في السوق السوداء، مبيناً أن فترة الانتظار وصلت إلى عام كامل، كما أن مستوى السيارات المستخدمة في التدريب كموديلات بعيدة عما يستخدم اليوم في أرض الواقع، متمنياً تطوير الممارسات في مدارس تعليم القيادة لتتناسب مع ما صرفته الدولة -رعاها الله- من أموال على هذا المشروع الوطني المهم. آثار اقتصادية وتناول المستشار الاقتصادي الدكتور علي بوخمسين الأثر الاقتصادي للقرار، مبيناً أنه مكّن المرأة من زيادة دخلها عبر تشجيعها على العمل، فخلق ذلك فرص وظيفية جديدة فقلل ذلك من معدلات البطالة، وساهم في توفير مبالغ طائلة كانت تصرف على السائقين الخصوصيين، مما كان يمثل هدر اقتصادي ضار بالأسرة والدولة، وعزّز من ميزان المدفوعات وتوفير حجم النفقات العامة التي كانت تتحملها الدولة سابقاً في توفير العلاج المجاني للسائقين الخاصين، كما لوحظ ارتفاع في حجم الانفاق الاستهلاكي الخاص والاستثماري الخاص في معادلة الدخل الكلي، بسبب تمكين المرأة في العمل وقدرتها على الحركة الاقتصادية بشكل أفضل، وهذا يساعدها على الإنفاق في أوجه الانفاق الاستهلاكي والاستثماري. مركز وطني وعزا أمين عام لجنة السلامة المرورية بالمنطقة الشرقية عبدالله الراجحي ما سماه بالسلاسة التي سارت عليها الأمور عقب قيادة المرأة للسيارة إلى استعداد الجهات الحكومية ذات العلاقة كالمرور، وإلى رقي الوعي المجتمعي الأمر الذي تلاشى معه القلق حيال حركة المرور، ناصحاً جميع قائدي المركبات بأهمية الابتعاد عن أماكن الزحام، وعدم الخروج في أوقات الذروة، والتحلي بالصبر أثناء الزحام، والتسامح مع الآخرين ومراعاة ظروفهم. وأعرب الأستاذ المساعد في هندسة السلامة المرورية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور إبراهيم الصقهان عن تطلعاته في أن يتم إيجاد مركز وطني يهتم بجمع وإدارة قاعدة بيانات الحوادث المرورية، منبهاً إلى أن هذه القاعدة تعطي تصوراً أفضل للحوادث المرورية وأوقات وقوعها والأشخاص الذين ارتكبوا الحادث، وهذا يمكّن المتخصصين في هندسة المرور من دراسة المسببات الحادث، واستحداث الحلول لمنع هذا الحادث بالمستقبل أيضاً، منبهاً إلى أنه وبدون هذه القاعدة سيبقى كل عمل عبارة عن اجتهادات شخصية، كاشفاً أن المرأة السعودية لا زالت تثبت بأنها الأفضل في قيادة السيارة من الرجل، وذلك وفقاً لما نصت عليه بعض الدراسات الأولية والتي بينت بأنها تشكل نسبة أقل في عدد الحوادث، مشيداً بإسهام المرور في تطوير مدارس تعليم القيادة النسائية بالمملكة، ذاكراً أن قيادة المرأة منحتها حرية التنقل، ففتح المجال أمامها أكثر لأن تكون عضواً فعالاً بالتنمية لتحقق رؤية المملكة، وتقليل اعتمادها على الرجل، وتخفيف الأعباء المادية الناجمة من استقدام سائق خاص أو استخدام سيارات الأجرة. مفهوم قيادي وقالت الكاتبة اعتدال الذكر الله: إنه لا يزال مفهوم قيادة المرأة للسيارة جديداً على حياة المرأة السعودية المُستجٍدَّة، مضيفةً أن قليلاً من السعوديات غامرن دون حذر، فراحت تجرِّب وتقود وتصطدم تارة وتنجو مرّات وتدفع مخالفات، وفي المقابل الكثير منهن قد استوعبن المفهوم القيادي جيّداً وتحركن بحسِّ المسؤولية، فتدربن حتى حملن الرخصة الرسمية، لافتةً النظر إلى أنّ القيادة العُليا في الدولة سمحت للمرأة بالقيادة بناءً على احتياجات حياتية عملية من واقع معيشي، مبينةً أنه لاحظنا الفرق الشاسع بين الأمسِ واليوم الذي نعيشه مع القرار، وأنا واحدة من الآلاف منهن ما أحرك مقود مركبتي وأحرّك مقبض الحركة إلاّ وألهج بدعوة غيب صادقة للقيادة وسُموِّ الأمير الشاب محمد بن سلمان لاستشعاره ما كان ينقصنا، وصار الحُلُمُ حقيقة، وأظنُّ أنَّ هذا العصر هو عصرُ المرأة السعودية وزمانها الأكيد بلا محاباة، والوقتُ والظروف والقيادة والبلد بكامله يتحرك باسم الغد المشرق. ثقة واطمئنان وأوضح المهندس نعيم المطوع أن التنمية الوطنية ضمن رؤية المملكة 2030 ركزت على تمكين المرأة، ورفع نسبة مشاركتها في سوق العمل، فشكل قرار قيادة المرأة للسيارة، لذا أصبحت أكثر اعتماداً على نفسها وأقل اعتماداً على الرجل، وأكثر استقلالاً، وجعلها قادرة على التصرف في الحالات الطارئة، مضيفاً أنه مع بدء تطبيق القرار شهد الجميع تحركاً هادئاً ومرناً، وذلك لوجود أنظمة مرورية وقانونية واضحة أقرتها قيادتنا الرشيدة حرصاً على حفظ حقوق المرأة أينما كانت، الأمر الذي مكّن المرأة من قيادة سيارتها بكل أريحية وثقة واطمئنان وأمان، كما أن تشجيع الرجل للمرأة لقيادة السيارة ساهم في رفع معنويات المرأة وزيادة ثقتها بنفسها، معتبراً ذلك التشجيع دليل وعي منه بأن المرأة شريك حياة في كل الأمور. تعزيز المكانة واعتبر عبدالهادي العلي أن ذلك عزز من مكانة المرأة وثقتها في نفسها، كما عالج الكثير من الصعوبات التي تواجه النساء في قضاء حوائجهن اليومية، ومنحهن الأمان والخصوصية، وخفف من الأعباء على رب الأسرة، كما ظهرت النساء بعد السماح لهن بالقيادة بأنهن قائدات ممتازات، فبات العالم ينظر للمرأة السعودية بصورة مغايرة عما كانت عليه من قبل. وعرض حسين الحاجي تجربته الشخصية مع قيادة زوجته للسيارة فقال: مع بدء تطبيق القرار فوراً سمحت لزوجتي بالالتحاق بالتدريب للحصول على رخصة ولو كان بداخلي هاجس من استيعاب طرقاتنا للزحام، وما فوجئت به فاق كل التوقعات، فسرعان ما انتشرت السيدات في الشوارع مع حوادث قليلة مقارنةً بما صنعه الرجال في السنوات السابقة، وبات منظر اصطحاب الطالبة لزميلاتها الطالبات في الذهاب للمدرسة طبيعياً، مشدداً على قيادة المرأة للسيارة هي بنفس أهمية قيادة الرجل، وعلى المستوى الشخصي بعد تسلم زوجتي رخصة السيارة تخلصت من 50 % من المهام التي كنت أتحملها، فمرّ عام جميل من القرارات المتحضرة والتي ساهمت في رقي المجتمع السعودية دون أي مشاكل بفضل الله. المرأة وجدت في القرار متنفساً لتلبية احتياجاتها ماجد قاروب د. علي بوخمسين م. عبدالله الشايب عبدالله الراجحي د. إبراهيم الصقهان م. نعيم المطوع عبدالهادي العلي