ضروري أنْ تكون هناك هذه المحاولة الأخيرة مع «الحوثيين» ليس لقناعةٍ بأنهم قد يثوبون إلى رشدهم ويتراجعون عن هذا الإثم الذي اقترفوه، بل للإثبات للشعب اليمني وللعرب أيضاً وللعالم بأسره بأن هؤلاء منخرطون في مشروع تآمري إقليمي تقوده إيران التي كانت قد بدأته في فترة مبكرة جداًّ لتحقيق هلالها الطائفي الذي هدفه «تطويق» هذه المنطقة العربية والذي أرادوه أن يبدأ بباب المندب وينتهي بالشواطئ المتوسطية اللبنانية مروراً ببعض دول الخليج العربي وبالعراق وأيضاً بسورية. ولعل ما يجب الاعتراف به أن هذا قد تحقق بمعظمه، إنْ ليس كله، وأنَّ إيران بمساندة بعض العرب وتركيا أيضاً، وللأسف، قد حققت فوقه وبالإضافة إليه السيطرة على قطاع غزة الإستراتيجي الواقع على امتداد مهمٍّ من شواطئ البحر الأبيض المتوسط وبمحاذاة قناة السويس والإِطْلال وإنْ عن بُعْد على سيناء وعلى البحر الأحمر، وحيث إن المعروف أن هذه المنطقة غدت بؤرة إرهابية خطيرة وملتهبة قد شكلت صداعاً مؤلماً لمصر وبخاصة في مرحلة ما بعد انهيار حكم الإخوان المسلمين في أرض الكنانة. كان يجب أن تكون هناك هذه المحاولة لاحتواء «الحوثيين» وإعادتهم إلى بيت الطاعة اليمني والتزامهم بالشرعية اليمنية وكل هذا مع أنه كان معروفاً ومسبقاً وسلفاً أن قرار هؤلاء ليس في أيديهم وأنهم مجرد «بُرْغٍ» صغير في الآلة الإيرانية وأن مرجعيتهم ليست شعبهم ولا صنعاء وإنما طهران والولي الفقيه وأيضاً حزب الله اللبناني وأنهم خرجوا نهائياً من المذهب الزيدي الذي بقي متآخياً مع المذهب السني لسنوات طويلة وأصبحوا تابعين لحراس الثورة الإيرانية وللجنرال قاسم سليماني!. إنه لا شك في أن محاولة إعادة هؤلاء إلى رشدهم وإلى شعبهم وإلى أمتهم كانت ولا تزال جادة وفعلية لكن ما العمل وقد ثبت بشهادة الأممالمتحدة أنهم «مناورون» ومراوغون وأنهم يُدارون عسكرياً وسياسياًّ من طهران ومن «مستوطنة» حزب الله اللبناني الطائفية بقيادة حسن نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية وأنَّ قبولهم بمحاولة إصلاح ذات البين كان شكلياً وللاستفادة من عامل الوقت بالنسبة لإيران التي غدت منهكة بالأزمة السورية.. وأيضاً، وهذا مهم جداً، التي غدت منشغلة بأوضاعها الاقتصادية المتردية وبشؤونها الداخلية.. التي أصبحت على كفِّ عفريت كما يقال!. وهكذا فإنه بالتأكيد يسعد كل المعنيين بأن تعود أمور اليمن هذا البلد العربي العزيز إلى ما كانت عليه قبل المؤامرة «الحوثية» والانقلاب الحوثي لكن الواضح أن هؤلاء بتوجيه إيراني قد أرادوا القبول بهذه المحاولة كمجرد مناورة للاستفادة من عامل الوقت وأنهم في الحقيقة لا رأي لهم ومثلهم مثل قوات الحشد الشعبي في العراق ومثل حزب الله في لبنان ومثل فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني ومثل من يسمون أنفسهم عصائب أهل الحق.. وأيضاً مثل كل الميليشيات المذهبية التابعة لنظام بشار الأسد وأنَّ رأيهم ليس في الحديدة ولا في صعدة ولا في صنعاء وإنما هناك عند الولي الفقيه وعند وكيله في لبنان حسن نصرالله. لقد ثبت أن كل هذه المجموعات، ومن بينها حركة «حماس»، وللأسف، عبارة عن مجرد أجرام صغيرة تدور حول «الفلك» الإيراني وعليه وبالتالي فإنَّ هؤلاء «الحوثيين» هم مجرد مجموعة إرهابية تابعة للولي الفقيه في طهران وامتداداته وأنه لا أمل إطلاقاً في التفاهم معهم وإعادتهم إلى شعبهم لكن ومع ذلك ورغم هذه القناعة المؤكدة فإنه لا بد من الاستمرار وبقدر الإمكان بمطاردتهم بهذه المحاولة الخيرة الأخيرة!.