ما زلت أذكر تصريحاً لإلهام شباب وطني، من مهندس مستقبل سعوديتنا الحديثة، الأمير محمد بن سلمان في كلمة تقديمية للتقرير السنوي لمركز الملك سلمان للشباب - قبل أن يكون ولياً للعهد حينها- عام 2015م: "لا شك أن العالم كله الآن يعيش عصرًا مختلفًا وزمنًا جديدًا، أسلحته كثيرة ومتنوعة، ولكن العصب الأساسي لكل هذا التنوع هو "العلم والمعرفة"، ولأن "الشباب" هم قاعدة كل البلدان، وهم حملة شعلتها والأيدي التي تبني حاضرها وقادة مستقبلها، فلذلك كان التركيز عليهم هو الأساس في أي حراك تنموي وخطط طموحة لنهضة الدول وعزها ورفعتها، وفي المملكة كان ولا يزال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على اتصال مباشر مع كل ما يخص الشباب". امتداد مقولة ولي العهد وإيمانه بها، وترديده لها مراراً في عدة لقاءات ومؤتمرات ومناسبات عديدة؛ جعلنا نستشعرها اليوم بنتاجٍ مُبينٍ تختلجه أحاسيس فخرٍ وثيقٍ ونحن نشهد إطلاق قمرينا الصناعين «"سعودي سات 5أ و 5ب"» بأيادٍ وطنية خلاّقة بديعة؛ ومحصلة جهود بذلتها الحاضنة "مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية" على مدى سنين في نقل وتوطين وتطوير عديد من التقنيات المتقدمة، ومنها تقنيات الأقمار الصناعية، وبناء الكوادر الوطنية القادرة على التعامل مع هذه التقنيات، وإنشاء البنى التحتية المتطورة، ما مكن المدينة من تطوير وتصنيع القمرين الصناعيين في معاملها. "القمران السعوديان" يتميزان بأنظمة متقدمة للتصوير الكهروضوئي، وأنظمة اتصال سريعة، وأنظمة لتوجيه "القمر" لتصوير الأهداف الأرضية بدقة وسرعة، بمعالجة وتخزين البيانات بسعاتٍ عالية في الفضاء، وإرسالها إلى المحطات الأرضية، ما سينعكس على خدمة الجهات المستفيدة في قطاعاتنا الحكومية، وتمكين وتأهيل الكوادر السعودية لتطوير وتصنيع وتشغيل أقمارنا الصناعية. لذا وجب الفخر، أن نعرف أن تصنيع القمرين وإجراءات اختبارهما بالكامل تمت في معامل ومختبرات مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، من خلال أكثر من "120" سعوديا مختصا في مجالات الميكانيكا، والاتصالات، والهندسة الرقمية، والطاقة، وأنظمة التحكم، والبرمجة، وهندسة النظم والبصريات. لتبقى قصة هذا الإنجاز، قفزة نوعية من دفق أدمغةٍ وعقولٍ "سعوديةٍ" مصطخبةٍ بالصدق والعطاء نحو تحقيق رؤيتنا 2030م؛ الهادفة إلى توطين التقنيات الاستراتيجية في المملكة، وتعظيم المحتوى المحلي، وتمكين الشباب السعودي من الإلمام بالتقنيات المتقدمة في مجال تطوير وتصنيع الأقمار الصناعية. كل التحايا وعروقها الخضراء لعطاءات رجال مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ورؤسائها السابقين ورئيسها الحالي الأمير الدكتور تركي بن سعود، التي زينت جهودهم من "مجدُ أرضنا فخرُ فضائنا" إطلاق 13 قمراً صناعياً سعودياً حتى الآن، وإنجازات أخرى تليق بالوطن، ومزيدا قادما منتظرا، يبقى فيه منجزنا، بعقولنا، بأيدينا، بخبراتنا، وبتقنياتنا.. لنبني ونعمّر ارتقاءً في مدارج التحضر والتمدن وصناعة مستقبل "سعوديّ" لا حدود له سوى عنان السماء.