المتعارف عليه منذ عقود أن العميل دائماً على حق، هل هذا المبدأ لا يزال سارياً أم تعرض للنسيان أو النقد؟ أعتقد أن هذا المبدأ لا يزال هو المسيطر في عالم الأعمال رغم ما يوجه له من نقد يتضمن أنه لا يتسم بالعدالة.. دخل الزبائن إلى أحد المطاعم قبل صلاة العصر، تم استقبالهم واختاروا طاولتهم ثم اختاروا من قائمة الطعام ما يريدون. أحد الزبائن استأذن من الجرسون في احضار طعام من مطعم مجاور وتمت الموافقة. خرج الزبون ورافقه أصدقاؤه إلى المطعم المجاور لإحضار الطعام. عند عودتهم وجدوا أبواب مطعمهم مقفلة لأداء الصلاة، طرقوا الباب ودخلوا لكن مساعد المدير قدم لهم المقبلات فقط، وأبلغهم أن طلباتهم ستكون بعد الصلاة. ثم حضر مدير المطعم وتعامل معهم بأسلوب غير لائق معترضاً على إحضار طعام من مطعم آخر رغم أن موظف المطعم سمح لهم بذلك. مناقشة حادة قال فيها الزبائن إن الزبون دائماً على حق لكن المدير رفض هذه المقولة، وقال إن الزبون ليس على حق أبداً.! قرر الزبائن رفع شكوى إلى الشركة المالكة ونجحوا في الوصول إلى الشخص المسؤول الذي تفهم الحالة وأعتذر لهم وأبلغهم أنه سيتم توجيه لفت نظر لمدير المطعم وخصم من الراتب بسبب تعامله معهم دون احترام، كما شكرهم على رفع ملاحظاتهم وتمنى وجود زبائن مثلهم من أجل تحسين خدمات المطعم، ثم وجه لهم الدعوة للحضور للمطعم وتعويضهم. تلك حالة حقيقية، قد تبدو الحالة بسيطة لكنها نقطة في بحر مما يحصل من إشكالات في التعامل بين مقدمي الخدمات والعملاء. عن هذه الحالة تحديداً نوجه السؤال لإدارة المطعم عن سياسته بشأن إحضار طعام من مطعم آخر، فإذا كانت سياسته هي المنع فلماذا وافق الموظف على طلب الزبائن. وإذا كان الموظف لا يعرف عن هذه السياسة فهذا خطأ إداري. ولماذا لا تكون هذه السياسة معلنة للزبائن كأن تعلق على جدار المطعم. وإذا كان الموظف يعلم عن هذه السياسة فاللوم يوجه إليه وليس إلى الزبائن. ومهما كانت التفاصيل كان يجب على مدير المطعم أن يتعامل بأسلوب محترم وبطريقة إيجابية تعكس حرصه على الزبائن وعلى مصلحة المطعم. المتعارف عليه منذ عقود أن العميل دائماً على حق، هل هذا المبدأ لا يزال سارياً أم تعرض للنسيان أو النقد؟ أعتقد أن هذا المبدأ لا يزال هو المسيطر في عالم الأعمال رغم ما يوجه له من نقد يتضمن أنه لا يتسم بالعدالة. الإدارة التي لا تتحمس لهذا المبدأ ترى أنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية وقد يقف مع عملاء سيئين ضد موظفين مخلصين متميزين في عملهم. يرى خبير التميز في خدمة العملاء السيد شيب هايكن أن الزبون ليس دائماً على حق لكنه يبقى زبوناً ولذلك يجب أن يلقى الرعاية والاحترام. ويرى ضرورة التحفظ في أخبار الموظفين بهذا الأمر وأن خدمة العملاء والمراجعين ليست قسماً في جهة العمل بل فلسفة يجب أن يتبناها كل موظف في كل شركة. تلك ملاحظات منطقية والعميل الذي لا يحترم الموظف أو النظام لا يمكن أن يكون على حق. العلاقة بين الشركات وعملائها علاقة حقوق وواجبات تتضمن الاحترام والمصداقية والتعاون لمصلحة الطرفين. المعروف أن بعض الشركات تحصل من عملائها على أفكار ابتكارية. لذلك من الخطأ القول بشكل مطلق إن العميل دائماً على حق أو الشركة دائماً على حق. لكل حالة أسبابها وظروفها. وبشكل عام تتنافس الشركات لكسب الزبائن والاحتفاظ بهم عن طريق جودة الخدمات والمنتجات. في هذا الشأن ينصح مؤسس (وال مارت) سام والتون بما يلي: (تجاوز توقعات زبائنك فإذا فعلت ذلك فإنهم سيعودون إليك مراراً وتكراراً. أعطهم ما يريدونه وأكثر قليلاً. دعهم يعرفون أنك تقدرهم. أصلح أخطاءك كلها ولا تختلق أعذاراً، تأسف، قف وراء كل شيء تفعله. إن أهم كلمتين كتبتهما في حياتي على لوحة وال مارت وهما: إرضاؤك مضمون، إنهما ما تزالان هناك، وقد كان لهما تأثير عظيم). إن أحد أسباب تذمر العميل هو وجود شعارات جميلة تتحدث عن الخدمة المميزة قبل وبعد البيع، وعن الجودة، والتعامل الراقي، ثم يكتشف فجوة كبيرة بين الواقع وتلك الشعارات. في هذه الحالة، ألا يكون العميل على حق؟ إن رضا العميل هو الهدف ولكن إذا كان العميل يستغل هذا الهدف لإثارة المشكلات فالفيصل كما قلنا هو النظام والعقود والاتفاقيات. الأسئلة الأخيرة هي: ماذا عن الموظف الذي يتجاوز سياسة الشركة من أجل إرضاء العميل، هل تكافئه الشركة أم تحاسبه؟ وما مستوى الرضا الوظيفي لدى الموظف الذي يتعامل مع العميل بطريقة سيئة؟ وما فلسفة الشركة في خدمة العملاء إذا كانت تتخذ القرارات نيابة عنهم؟ تلك أسئلة نحاول الإجابة عنها في مقال مقبل إن شاء الله. Your browser does not support the video tag.