حتى ستة وعشرين عاماً مضت لم يكن علماء الفلك متأكدين من وجود كواكب خارج مجموعتنا الشمسية.. فمشكلة الكواكب أنها ليست نجوماً مضيئة أو مشعة يمكن رؤيتها أو رصدها.. يمكنك رؤية النجوم في السماء حتى بدون تلسكوب- ولكن كيف يمكنك رؤية كوكب مظلم وخامل أصغر من النجوم بآلاف المرات.. حتى عام 1991 لم يكن علماء الفلك يملكون دليلاً على وجود أي كوكب خارج مجموعتنا الشمسية.. كانوا فقط يفترضون أن عددها في الكون يزيد عن النجوم بعدة أضعاف كون كل نجمة (كالشمس) مرشحة لضم عدد من الكواكب تدور حولها.. غير أن هذا العدد الهائل (والمفترض) من الكواكب الكونية يتوجب اختصاره في حال قررنا البحث عن كواكب تشبه الأرض أو تصلح لعيش الإنسان.. اسمحوا لي أن أشير أولاً إلى حقيقتين مهمتين: . الأولى: أن كواكب الكون تنقسم إلى صخرية صلبة (مثل كوكب الأرض) وغازية رخوة (مثل كوكب زحل)... . والحقيقة الثانية: أن الكوكب الصالح لظهور الحياة (كالأرض) يجب أن يتواجد في مدار مناسب من النجم الذي يدور حوله (وتحديداً في منطقة حرارية معتدلة تسمح بظهور الحياة)... "الكواكب الصخرية" هي التي تملك سطحا صلباً، وجبالاً وبراكين، وغلافاً جوياً، ونواة حديدية محاطة بالسيلكا.. أما الكواكب الغازية فلا تملك سطحاً صلباً وتتشكل غالباً من فقاعة غازية عملاقة عمادها الهيدروجين والهيليوم وقد يملك بعضها نواة، وقد يتجمد بعضها ككتلة جليدية هائلة. وفي مجموعتنا الشمسية تعد الأرض وعطارد والمريخ والزهرة كواكب صخرية، في حين يعد المشتري وزحل وأورانوس ونبتون كواكب غازية... ولكن؛ من بين جميع هذه الكواكب لم تظهر الحياة أو تستمر إلا فوق الأرض كونه كوكباً صخرياً (وهذا أولاً) ولأنه يقع على بعد مناسب من الشمس يسمح بظهور الحياة (وهذا ثانياً).. لم تظهر الحياة مثلاً فوق كوكب عطارد (رغم أنه صخري) لأنه ساخن جداً وقريب من الشمس، ولم تظهر فوق عطارد والمريخ (رغم أنهما بدورهما صخريان) لأن الأول بارد والثاني فقد غلافه الجوي منذ ملايين السنين... وهذا يعني أنه ليس كل كوكب صالحاً لعيش الإنسان أو قابلاً لظهور الحياة فوقه.. بل قد تكون هناك كواكب صخرية مناسبة لظهور الحياة، ولكنها غير مناسبة لعيش الإنسان لأنها أكبر من كوكب الأرض (الأمر الذي يعني امتلاكها جاذبية هائلة لا يمكننا تحملها) أو لأنها أصغر منه (بحيث نصاب بهشاشة العظام وضمور العضلات بسبب جاذبيتها الضعيفة)... ورغم أنني بدأت المقال متحدثاً عن صعوبة اكتشاف الكواكب (بسبب ظلمتها وصغر حجمها) إلا أن تطور تقنيات الرصد ومعادلات الجذب أتاحت للعلماء اكتشاف 3400 كوكب حتى الآن.. أفترض شخصياً أن سبعة منها تشبه الأرض في كل شيء!!.