ما إن يحل فصل الشتاء حتى تحل معه تباشير الخير بالمطر، وفي المقابل هناك جانب آخر لهذا الخير، وهذه الأمطار، يتعلق بفرحة أخرى يترقبها الطلاب والطالبات وخاصة الصغار منهم، فمنذ أن تبدأ الغيوم بالتشكل وتبدأ توقعات هيئة الأرصاد تشير إلى إمكانية هطول المطر، إلا وتبدأ معها الشائعات والأخبار المتداولة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن تعليق الدراسة، ويبدأ هؤلاء الطلاب في ترقب إعلان تعليق الدراسة حتى ساعات الصباح الأولى انتظاراً لخبر قد لا يأتي فيضيع عليهم الوقت ويخسرون اليوم الدراسي. يا ترى لماذا أصبح طلابنا يتطلعون إلى تعليق الدراسة منذ أن يسمعوا عن تنبؤات الطقس؟ مع أننا نتذكر فيما مضى أن تعليق الدراسة كان شيئاً من المستحيلات؟ هل يعود السبب إلى حالة الرفاه والاتكال التي يعيشها أبناؤنا؟ أم أن خوف الأسرة على أبنائها أصبح أكثر مما مضى.. ولكن علينا في الوقت نفسه أن نعترف أن كثيراً من مرافقنا الدراسية قد لا تتوفر فيها وسائل الإخلاء المناسبة عند الطوارئ وخاصة في حال الأمطار الكثيفة، كما أن بعض الشوارع والمنحنيات في المدن والقرى الصغيرة قد تتأثر بحالة الطقس لكن ينبغي أن تكون هناك أولويات وحرص على التعامل مع هذه المواقف لا أن نلجأ إلى الحل السهل المؤقت وهو تعليق الدراسة والذي قطعاً سيتكرر في كل موسم شتاء. هل البنية التحتية في المدارس مهيئة لتغيرات الطقس..؟ تشويش الأفكار وعن جانب تعليق الدراسة وأهمية توضيح الأمر بالنسبة للتربويين وأولياء الأمور تحدثنا هياء الدكان الإعلامية والتربوية ومستشارة العلاقات الأسرية بالرياض بقولها "هذا الأمر بات مقلقاً لأولياء الأمور قبل المختصين لأنه وقبيل موعد نومهم يحملهم عبء وهم هل يذهبون بأبنائهم للمدارس والجامعات رغم تغيير الأجواء أم يتفاعلون مع رسائل التحذيرات التي تصلهم وتشوش أفكارهم كل صباح مما يجعلهم في نهاية الأمر يغيبونهم؟! وما بين الإشاعة والواقع تؤكد بضرورة تنظيم ذلك مع تصريح مسبق وتعميم واضح يخص هذا الجانب وليرتبط بالجهات الرسمية كهيئة الأرصاد والدفاع المدني بحيث يتم إذا صدر نص صريح من الجهة المختصة بالتوجيه بعدم التنزه قرب الأودية والشعاب، في هذه الحالة على ولي الأمر أن يعرف بأن هذا التوجيه لا يخاطب الطلبة في المدن، لكن حين يضاف تحذير من نفس هذه الجهات المختصة بالبقاء في المنازل وعدم الخروج في الفترة الصباحية هنا يختلف التوجيه ويصبح ملزماً على الجهة الإشرافية بقبول ذلك واعتماد تأجيل أي ارتباط صباحي وفيما عدا ذلك يسير الوضع بشكل طبيعي، طبعا الجهات التنفيذية سواء أشخاصاً أو إدارات لن تستطيع العمل بذلك دون وجود تعميد أو تعميم سابق من الجهة التي تشرف عليها بأي وزارة كانت يوضح لهم من خلاله صلاحيتهم. وترى الدكان "بأن التغيرات الطفيفة في الأجواء كغبار بسيط أو أمطار خفيفة لا تستدعي إلى تعليق دراسة أو تخوف، فالمسؤولون عن الطفل في بيته وغيره هم أعلم بحال وصحة أطفالهم ويعلمون أن لديهم طفلاً وله وضع صحي خاص فهنا يتحمل مسؤوليته واتخاذ قرار غيابه ولي أمره فقط وبالتأكيد منسوبي المدرسة لا بد أن يكون لديهم معرفة وعلم مسبق بوضعه الصحي وبالتالي ستكون متقبلة لوضع الطفل صغيراً أو كبيراً فيما لو عاود الحضور لتزويده بما فاته بتعاون المسؤولين عنه. متابعة التحذيرات وتوضح مها المسلم، ماجستير علم اجتماع وتربوية، بقولها: "حيث إننا نستبشر بدخول فصل الشتاء وما نشعر به الآن من نسمات باردة جميلة تُنبئنا بقدوم الأمطار إن شاء الله فقد يتكرر على الأسر مثل الأعوام السابقة من يعلق الدوام الدراسي إذا صادف ذلك نزول أمطار غزيرة تعيق عملية السير وتشعر الأهالي بخطورة الأمر على أبنائهم الطلبة". سيناريو كل شتاء يتكرر.. تقلبات الطقس تربك العملية التعليمية والأسر وتفيد بقولها "من المهم متابعة الأسرة لتحذيرات الجهة الرسمية المختصة في ذلك وهي هيئة الأرصاد والدفاع المدني فهما الجهتان اللتان تقدران الوضع من سهولته لخطورته وما يصحب ذلك من إجراءات متتالية من بقية الجهات الرسمية الأخرى ومن ضمنها وزارة التعليم المناطة بقرار تعليق الدراسة من عدمها نظير ما يصلها من تحذيرات وغيره.. وما يجري أحياناً من تأخر لقرار المسؤول، ووقوع كثير من الأسر في حيرة من أمرها بين ذهاب أبنائها للمدرسة وعدم الغياب وبين الخوف عليهم من خطورة الطرق والأمطار والصواعق وخاصة عندما تكون المدارس بعيدة عن المنزل وصعوبة المواصلات بين عدة أفراد الأسرة في مراحلهم التعليمية المختلفة، فإنني أرى أن على الأسرة تقدير الوضع واتخاذ القرار بما يضمن سلامة أبنائها شريطة أن يتكفل الوالدان بمتابعة الحصص الدراسية التي تغيّب عنها أبناؤهم ومتابعة ذلك مع معلميهم حتى يشعر أبناؤها أن كل قرار له تبعات وأن الغياب كان لظرف طارئ لسلامتهم وأن هذا لا يمنع المتابعة بكثب واستكمال ما فاتهم في اليوم السابق ولتكن يدهم بيد معلميهم وقائد المدرسة لتعزيز قيمة العلم وأهمية الوقت والمدرسة وأن الغياب فقط للحالات الطارئة جداً وفي أضيق الخيارات، وأن السلامة كانت هي العامل في اتخاذ القرار، وعلى الأسر الاهتمام بمستوى التحصيل التعليمي للأبناء فهم جيل المستقبل والأمل المنشود بإذن الله لهذا الوطن الطيب. دور الأسرة الواعية وإن قام مدير التعليم بتعليق الدراسة على المنطقة ككل بناء على ما يصله من تحذيرات الدفاع المدني أيضاً هذا لا يعني على الأسر عدم المتابعة للدروس فمن المهم بمكان تعزيز دور البيت مع المدرسة، ويجب على كل أب وأم أن يعززوا القيم الدينية في أبنائهم بالشكر والثناء لرازق الغيث وأن الأمن مهم وأن كم من أسرة لا مأوى لهم ولا طعام فهذه الأمور من شأنها أن ترفع مستوى تقدير النعم في أفراد الأسرة، فنحن كمربين واجتماعيين ننشد أن تكون الأسرة واعية في بناء القيم والأخلاق من خلال المواقف أكثر من أساليب الوعظ المباشر التي غالباً تحمل جملاً لا تطابق السلوكيات فالأبناء يتعلمون بالقدوة والمشاهدات الحية هذه طبيعة نموهم يتعلمون حسياً، وأخيراً تنشئة الأبناء على الشكر المستدام وتقدير ما هم فيه مهم لدوام النعم. عبدالله العبدالواحد أسباب غياب الطلاب أوضح عبدالله العبدالواحد - مدير إدارة الإرشاد والتوجيه بتعليم الأحساء - أن ظاهرة الغياب تزداد قبل وبعد أيام الإجازات الفصلية أو النصفية وقبل أيام الاختبارات معزياً ذلك إلى جملة من الأسباب منها عوامل متعلقة بالمدرسة كصعوبة المقررات، وكثرة الواجبات، أو خلافات طلابية، واتجاهات سلبية نحو المعلمين، وعدم متابعة المدرسة للغياب، وكذلك عوامل أسرية كالخلافات الأسرية، أو ظروف اقتصادية، وقلة التواصل مع المدرسة، إضافة إلى عوامل تتعلق بالطالب كعدم الرغبة في الدراسة، والخوف، والضعف الدراسي. استعرض العبدالواحد آثار تكرار الغياب لدى الطلاب، وأهمها: الضعف الدراسي والرسوب، وبالتالي تأخر الطالب عن قرنائه في الدراسة، ويولد في نفوس الطلاب التمرد على النظام واللوائح المدرسية، والتوتر في العلاقات بين الطالب وأسرته ومع معلميه، وممارسة بعض العادات السيئة كالتدخين والسرقة. وقدم العبدالواحد آلية لعلاج الغياب يتم بمعرفة أولاً للأسباب الحقيقية للغياب، ومناقشة أسباب الغياب وعلاجه مثل مجالس الآباء والمعلمين، وعدم التساهل في تطبيق لائحة السلوك والمواظبة، وضرورة جعل المدارس بيئات جاذبة ومحببة للطلاب، والاستفادة من التجارب الناجحة لبعض المدارس في الحد من الغياب، وعمل حوافز للطلاب المنتظمين وتكريمهم وعمل لوحة شرف، وتعزيز الجوانب الإيجابية في شخصية الطالب الغائب والتعامل بحكمة مع الجوانب السلبية. أحد الفصول الدراسية وقد غطى الغبار طاولات وكراسي الطلاب