جلوي بن عبدالعزيز يكرم 61 خاتماً للقرآن    ختام مهرجان التمور بالزلفي    القيادة تهنئ رئيسة مقدونيا الشمالية بذكرى استقلال بلادها    الأخضر السعودي يتعادل مع التشيك ودياً    المسامرة يؤكد جاهزية الأردن لاستضافة كأس العرب للهجن في أكتوبر    سيدات النصر يتوّجن بالسوبر السعودي في نسخته الأولى    مرصد سدير يوثق مراحل الخسوف ويقيم محاضرات وندوات    جامعة حائل تحقق إنجازًا علميًا جديدًا في «Nature Index 2025»    جائزة الأميرة صيتة تكرّم 35 فائزًا بجوائزها الاجتماعية    عبدالعزيز بن سعد يطلع على خطط وبرامج «تقني حائل»    علاج جديد لارتفاع ضغط الدم بمؤتمر طبي بالخبر    تجمع مكة يطلق الحملة الوطنية للقاح الحصبة    الرميان: الأصول المدارة يمكن أن تصل إلى 3 تريليونات دولار بحلول 2030    منتخب السعودية تحت 20 عامًا يفوز على تشيلي وديًا    إحباط تهريب (65,650) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي بمنطقة جازان    الحارس الفرنسي باتويي رسميًا إلى الهلال    الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتوقع اتفاقا وشيكا مع إيران    الدرعية يبدأ Yelo بهوية جديدة    منسوبو أسمنت الجنوبية يتفاعلون مع حملة ولي العهد للتبرع بالدم    انطلاق أولى ورش عمل مبادرة "سيف" بمشاركة أكثر من 40 جمعية من مختلف مناطق المملكة    نائب أمير تبوك يثمن جهود البريد السعودي بالمنطقة    وزير الحج والعمرة يبدأ زيارة رسمية لتركيا    الذهب عند قمة جديدة بدعم من توقعات خفض الفائدة الأمريكية    تونس تتأهل لكأس العالم 2026 بفوزها على غينيا الاستوائية    التحالف الإسلامي يطلق مبادرة توعوية لمواجهة الخطاب المحرّض على الإرهاب    عقارات الدولة تطرح 11 فرصة استثمارية بمددٍ تصل 25 سنة    مركز الملك سلمان للإغاثة يوقّع اتفاقية تعاون مشترك لتأهيل آبار منطقة دوما بريف دمشق    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: "التماسك بين الشعب والقيادة يثمر في استقرار وطن آمن"    مجلس إدارة جمعية «كبدك» يعقد اجتماعه ال27    وزراء خارجية اللجنة العربية الإسلامية بشأن غزة يعربون عن رفضهم لتصريحات إسرائيل بشأن تهجير الشعب الفلسطيني    إسبانيا تُعلن تسعة إجراءات تهدف لوقف "الإبادة في غزة"    أبرز التوقعات المناخية على السعودية خلال خريف 2025    جمعية رؤية وشركة الصدف تدشنان مبادرة #انتاجنا_هويتنا لتوطين مهن الإنتاج التلفزيوني والسينمائي    أمانة الشرقية تفعل اليوم الدولي للعمل الخيري بمشاركة عدد من الجمعيات    إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع "مجتمع الذوق" بالخبر    محافظ عفيف يدشن مبادرة نأتي اليك    نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.6% في الربع الثاني من 2025    مراقبون توقّعوا أن تكون الزيارة أهم حدث دبلوماسي في 2025 ترمب يدعو ولي العهد إلى زيارة واشنطن.. نوفمبر القادم    حين يتحدث النص    دعم قانوني لرواد الأعمال    عبر أكبر هجوم جوي منذ بداية الحرب.. روسيا تستهدف مواقع في كييف    نزع السلاح شرط الاحتلال.. وحماس تربطه بقيام الدولة الفلسطينية.. غزة على مفترق مسار التفاوض لإنهاء الحرب    النسور.. حماة البيئة    السعودية تحمي النسور ب«عزل خطوط الكهرباء»    راغب علامة يلاحق «المسيئين» بمواقع التواصل    «صوت هند رجب» يفوز بالأسد الفضي في مهرجان البندقية    «الإعلام» : استدعاء 5 منشآت لدعوتها معلنين من الخارج    وزير الحرس الوطني يناقش مستجدات توطين الصناعات العسكرية    تحت رعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام    932.8 مليار ريال قروضاً مصرفية    صحن الطواف والهندسة الذكية    كيف تميز بين النصيحة المنقذة والمدمرة؟    الجوازات تواصل استقبال ضيوف الرحمن    يعتمد على تقنيات إنترنت الأشياء.. التعليم: بدء المرحلة الأخيرة للعمل بنظام «حضوري»    حين نغرس الخير في الصغار.. ينمو مجتمع بالعطاء    رقائق البطاطس تنقذ امرأة من السرطان    إعادة السمع لطفلة بعمر خمس سنوات    حين تتحول المواساة إلى مأساة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولي العهد الأمين والعضد المكين: كلماتكم لشهداء الواجب بلسم الجراح ووعد العظماء وموقف ولاة أمرنا الأوفياء

قد رأينا من ولاة أمرنا ما يسر الخاطر ويثلج الصدر من مواجهة التيارات والتنظيمات والجماعات التي هي منبع هذه التصرفات والفساد والإفساد ورأينا حرباً مباركة على مظاهر الفساد وتياراته ومنظريه وأفكاره واستهدافًا للجذور والمنابع قطعاً لدابر الإرهاب والفتنة والفساد والإفساد
يتقرر في شأن وطن المقدسات وبلد الإسلام ومأرز الإيمان المملكة العربية السعودية أن الدفاع عنها دفاع واجب.. بل من أوجب الواجبات وجهاد في سبيل الله وبالنظر لمجريات الأحداث نظر المتفائل الراصد ندرك أنها بلاد محفوظة بحفظ الله محفوفة بعنايته ورعايته وأن من أسرار ذلك الثبات على الأسس والمبادئ التي قامت عليه
جنودنا البواسل ورجال أمننا المخلصون قدرهم أن يكونوا حماة الدين والوطن وحراس الأمن.. ورغم مصابنا بما حل ويحل بهم وألمنا الشديد حينما نفقد أحدهم إلا أننا نعلم أن أيدي الغدر والخيانة وأرباب الشر والإرهاب وأتباع الجماعات والتنظيمات الإرهابية لم تستهدفهم إلا لعظم أثرهم وعلو مكانتهم في مواطن المسؤولية
سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز - رحمه الله - يقول: التعاون مع رجال الأمن يعتبر من الجهاد في سبيل الله وإذا كان العدو قد يكون في الباطن واحتاج المسلمون أن يتكاتفوا مع رجال الأمن ضد العدو الذي يخشى أن يكون في الباطن يرجى لهم أن يكونوا مرابطين ولهم أجر المرابط لحماية البلاد من مكائد الأعداء الداخليين
سماحة الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله - يقول موضحًا حكم القتال دفاعاً عن الأوطان هل هو في سبيل الله أم لا: الضابط أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ومن قاتل وطنية وقصد حماية وطنه لكونه بلداً إسلامياً يجب الذود عنه فهو في سبيل الله وكذلك من قاتل دفاعاً عن نفسه أو ماله أو أهله
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا يفتأ المتأمل في الأحوال والظروف التي مرت بها بلادنا المباركة ووطننا العزيز المملكة العربية السعودية من استهداف قوى الشر والضلال، والفساد والإفساد، والانحراف والدمار لوطننا الغالي بمكوناته، واستهداف فئة جعل الله قدرهم أن يكونوا حماة الدين والوطن، وحراس الأمن، والأعين الساهرة التي يكتب الله بها الخير والفضل، والأمن والأمان، وتحقيق التطلعات، وحماية المقدرات والمكتسبات، إنهم جنودنا البواسل، ورجال أمننا في كل الثغور، ولعظم أثرهم وعلو مكانتهم استهدفتهم أيدي الغدر والخيانة وأرباب الشر والإرهاب وأتباع الجماعات والتنظيمات الإرهابية في مواطن المسؤولية، ومرابع العز والشرف، وميادين البطولات والتضحيات، فكانت تلكم الأيادي الخاسرة الآثمة المجرمة التي تحاول زعزعة الأمن، وتحقيق أهداف الأعداء الظاهرين والمستخفين من خلال استغلال الفرص، واقتحام مراكز الأمن، ورغم مصابنا بما حل ويحل بهم، وألمنا الشديد حينما نفقد أحدهم، وتأثرنا بهذه المصائب مشاركة لهم بالمشاعر والشعور إلا أن المسلم والمواطن ينظر من خلال مجريات الأحداث مواطن الفأل والعزيمة، ومعالم التمكن من الفتن المتلاحقة بإذن الله، وهذه دلالات أكيدة على أن هذه البلاد محفوظة بحفظ الله، محفوفة بعناية الله ورعايته، وأن من أسرار ذلك الثبات على الأسس والمبادئ التي قامت عليها هذه الدولة المباركة –زادها الله تمكينًا-، ولقد مرت ببلادنا أحداث متوالية، وفتن متلاحقة، عصفت بشبابنا، ووجهت إلى مقومات أمننا، وأسس وحدتنا، واكتوى بلظاها أبناء هذا الوطن الآمن، وسرت في أوساط مجتمعنا سريان النار في الهشيم، واستهدفت مظاهر الصلاح والإصلاح، وكافة مكونات المجتمع، وكان آخرها -قطع الله دابرها- استهداف نقطة الأمن من الحرس الملكي في قصر السلام بجدة، ولكن خابت مساعيهم، وباءت محاولتهم بالفشل والخسران، يرومون بهذه الأعمال استهداف الأمن والأمان، ويخدمون أعداء الدين والوطن، ويقدمون لهم هذه الخدمة الشيطانية في تحقيق مآربهم، والسعي للتخريب والتدمير وإهلاك الحرث والنسل، ولا أدل على ذلك من الدماء التي سالت، وشهداء الواجب الذين سقطوا دفاعًا عن هذا الوطن العزيز، فاللهم آجر أسرهم في مصابهم، وتقبلهم في الشهداء، فكان لابد من مواقف حاسمة، تقضي على هذه الفتنة، وتحسم أثرها.
وكان الموقف النبيل الشهم، والتقدير الواجب، والوفاء المعهود، والإشادة التي تختصر كل معاني الوفاء، والتقدير لمنجزات من ضحوا بأنفسهم دفاعًا عن هذا الثرى الطاهر، من ولاة أمرنا، وعلى رأسهم مليكنا المفدى ملك العزم والبطولات، والحكمة والمنجزات العظمى، وهي مواقف مشهودة، ووقفات معهودة، تضمد الجراح، وتواسي المصابين، وتشعرنا بالفخر بأن مجتمعنا على قلب رجل واحد، وأن ألم المصائب مستشعر من ولاة أمرنا وهم أسوة الجميع، وفي خضم هذه المواقف التي يرفع المواطن بها رأسه، ويستشعر بها أجواء اللحمة والحميمية، من هؤلاء الحكام الحكماء، والقادة الأوفياء، موقف ولي العهد الأمين، والعضد القوي والساعد الأشد، رجل البطولات والتحولات، وحكيم الشباب، ورائد المنجزات العظمى، التي حقق بها حلم الوطن، إنه سليل المجد، وحفيد العظماء، صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله-، حين هاتف ذوي الشهداء الذي ارتقوا عند ربهم في حادثة الغدر في استهداف قصر السلام بجدة معزيًا مبشّرًا مهنئًا متوعدًا بأخذ الثأر: "أنا واحد من عيالك، وثار ولدك عندي بآخذه من كل إرهابي ومتطرف"، الله أكبر! ما أعظمها من كلمات صدرت من مؤمن قوي، حازم تقي، برّ وفيّ، يقول ويطول، ويتوعد فيوقع ما هدد به، مستشعر للمهددات، ملم بالمتغيرات، قائم بالمهمات، تحمل عباراته هم وطن، وحلم مواطن، ومسؤولية شعب، تختصر عباراته المسافة بين الحاكم والمحكوم، والراعي والرعية، لتتجسد من خلالها أسمى صور الرعاية والعناية والتواصل والتفاعل، مما يجعل الكل في هذا الوطن يستشعرها نعماً عظيمة وصوراً مثالية، سداها اللحمة، وإطارها الوفاء، ومعتضدها أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
إن مثل هذه الإشادات والإشارات من رمز الوطن وقائد قوات الدفاع لهي معالم أكيدة ودلالات ظاهرة على ذلك الهم الذي يحمله ولاة أمرنا الأوفياء، وقادتنا الميامين لكل مواطن بل كل فرد على هذا الثرى الطاهر، فكيف بمن نذر نفسه للدفاع عن العقيدة وعن وطن المقدسات، والتضحية في سبيل ذلك، والقيام بما يتطلبه الواجب في هذا السبيل من رجال أمننا الأشاوس، وأبطالنا الأوفياء، وما من شك أن الدفاع عن الأوطان تفعله النفوس السوية دون تردد، وتقدم عليه بدافع غريزي فطري، يتعزز بالأبعاد الشرعية كونه دفاعًا عن عقيدة ومقدسات وحرمات، وحماية للمكتسبات والمنجزات، وكونه من ضرورات الحياة، وما يقوم به رجال الأمن من هذا القبيل، وهم فئة عزيزة جعل الله قدرهم ومهمتهم هذا الشأن العظيم، يقدمون الغالي والنفيس في هذا السبيل، ويستشعرون عظم الأمانة عليهم، مستشعرين أن محبة الوطن غريزة متأصلة في النفوس، والدفاع عن الوطن جبلة جبل عليها الإنسان، وهذا الحق من الحقوق الطبيعية الأصلية التي يشرع الدفاع عنها، فالإسلام شرع للإنسان أن يدافع دون ماله ونفسه، وذلك يلزم منه الدفاع عن وطنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون نفسه فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد»، ولا يتصور هذا الدفاع إلا إذا كان له وطن يحبه ويدافع عنه.
وهذه الجوانب الغريزية، والدوافع الضرورية تجعل الدفاع عن الأوطان دفاعًا عن أمر ضروري ترتبط به الضرورات الخمس المرعية في كل ملة، وهذه الضرورة شُرع ما يكملها ويحميها من جانب الوجود ومن جانب العدم، كما ذكر الإمام الشاطبي في الموافقات، حيث يقول: " تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق، وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام: أحدها: أن تكون ضرورية، والثاني: أن تكون حاجية، والثالث: أن تكون تحسينية، فأما الضرورية فمعناها أنها لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين، والحفظ لها يكون بأمرين، أحدهما: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود، والثاني: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم.. ومجموع الضروريات خمسة، وهي: حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل، وقد قالوا إنها مراعاة في كل ملة"، وتكييف ذلك على الدفاع عن الوطن كواجب عظيم: أن الحفاظ على الضرورات واستكمالها وبقائها وحمايتها لا يتم إلا بتصور الوطن والدار التي تتم فيها، لا من باب الوسيلة وإنما من باب اللزوم فيعد الدفاع عن الوطن واجبًا شرعيًا من جهة ملازمته للضرورات، ولهذا الموقف ما يسنده من هذه الزاوية المقاصدية، إضافة إلى ما ورد من نصوص في ذلك، وهذا من حيث كونه وطنًا لا تتعارض محبته والدفاع عنه مع ضرورة الدين، فكيف إذا انضاف على ذلك خصائص وميزات تجعله واجبًا شرعيًا، وجهادًا في سبيل الله، ودفاعًا عن مقاصد ومعالم هي من إعلاء كلمة الله، ويصدق عليها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»، ولذا فإنه يتقرر في شأن وطن المقدسات وبلد الإسلام ومأرز الإيمان المملكة العربية السعودية أن الدفاع عنها دفاع واجب، بل من أوجب الواجبات، وجهاد في سبيل الله، والقصد فيه مقصد شريف، إذ أنه رد للمعتدين، وصد للباغين، من الاعتداء على هذا البلد الأمين، وحفظ للدين بالقصد الأول لأن بلداً هو وطن الرسالة، ومهوى الأفئدة، وقلب العالم الإسلامي وقبلته، ومتطلع كل مسلم لايمكن أن يهون من شأن الدفاع عنه منصف، ولذا لاشك في أنه من تحقيق غرض الجهاد بإعلاء كلمة الله فمن هذه النظرة هو صورة من صور الجهاد المشروع الذي ينال به الجندي والمرابط على حدوده وأمنه فضل الجهاد وثمرته، لأن كل هذه المقاصد معتبرة فيه، فهو جدير بأن يكون عمله لتكون كلمة الله هي العليا، وقد قرر علماؤنا وأصّلوه وبينوه ووضحوه ليكون مستبطناً لدى جنودنا، ويستشعرون به ما اختصهم الله به وحباهم من انضمامهم إلى مواكب البطولة والشرف، وميادين العز والجهاد، يقول شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله -: موضحًا حكم القتال دفاعاً عن الأوطان: "قوله: «في سبيل الله» -في حديث: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»، ضابطه: أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا لا للحمية أو الوطنية أو ما أشبه ذلك، لكن إن قاتل وطنية وقصد حماية وطنه لكونه بلداً إسلامياً يجب الذود عنه، فهو في سبيل الله، وكذلك من قاتل دفاعًا عن نفسه أو ماله أو أهله"، وقال أيضًا: "يجاهد أعداء الله؛ لتكون كلمة الله هي العليا، لا لأجل أن يدافعوا عن الوطن من حيث إنه وطن، لأن الدفاع عن الوطن من حيث هو وطن يكون من المؤمن والكافر، حتى الكفار يدافعون عن أوطانهم، لكن المسلم يدافع عن دين الله، فيدافع عن وطنه؛ لا لأنه وطنه فقط، ولكن لأنه بلد إسلامي؛ فيدافع عنه حماية للإسلام الذي حل في هذا البلد"، فخلاصة كلام شيخنا رحمه الله: أن المقاتل دفاعًا عن وطنه لأنه وطن إسلامي، حينئذٍ يكون دفاعه جهاداً في سبيل الله؛ لأنه يقاتل دفاعاً عن الإسلام، وخوفاً من أن يستولي على البلاد أهل الفساد والانحراف أو غير المسلمين فتكون العواقب وخيمة، فمن قاتل من أجل إبقاء الإسلام الذي هو دين وطنه صار مجاهداً في سبيل الله، وهذا لا ينافي الدفاع عن الأوطان مطلقًا، لأنه كما قال يكون من الجميع، فيعد من القيم المشتركة كون الأوطان محل الدفاع، ويقول سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: "التعاون مع رجال الأمن يعتبر من الجهاد في سبيل الله لمن أصلح الله نيته، وهو من الرباط في سبيل الله، لأن الرباط هو لزوم الثغور ضد الأعداء، وإذا كان العدو قد يكون في الباطن واحتاج المسلمون أن يتكاتفوا مع رجال الأمن ضد العدو الذي يخشى أن يكون في الباطن، يرجى لهم أن يكونوا مرابطين، ولهم أجر المرابط لحماية البلاد من مكائد الأعداء الداخليين".
ومن هنا فإن حق من قضوا من أبطالنا على الحدود أو في المواجهات مع المفسدين الذين يرومون الفساد والضلال أن نساندهم بمثل هذه المواقف، وبالدعوات الصادقة، وقدوتنا في ذلك ولاة أمرنا وقادتنا الأوفياء، وعلى رأسهم مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك/ سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله وحفظه-، وعضده صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، -أدام الله عليهم نعمه، وأسبغ عليهم فضله، وأجزل لهم الأجر والمثوبة فيما يقدمونه لرعيتهم، سيما أسر شهداء الواجب، من واجب العزاء وتخفيف المصاب، فالحق أنها رعاية تجسد صورة مثالية لأبناء هذا الوطن ليتأسوا بولاة الأمر، كما أنها تمثل صورة التلاحم الفريد بين أبناء هذا الوطن رعاة ورعية، بما يحقق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم»، ولذا كان لهذه الرعاية أعظم الأثر في تخفيف المصاب، وتحقيق المواساة، وتعويض أسرة الشهيد بما يواجهون به مصاعب الحياة، وقد حملت كلمات الأمير الشهم، والرجل الوفي موقف المملكة من أولئك الذين يقفون وراء هذه الأعمال، فهذا أوان الحزم، ونحن في هذا العصر رأينا من ولاة أمرنا ما يسر الخاطر، ويثلج الصدر من مواجهة التيارات والتنظيمات والجماعات التي هي منبع هذه التصرفات والفساد والإفساد، ولا يمكن الفصل بين السبب والنتيجة، والأصل والمثال، والقاعدة والتطبيق، وفيما أعلن من دولتنا في مواقف كثيرة شاهد على ذلك، وقد عكست رؤية سمو ولي العهد عن التصدي لكل الدول والتنظيمات التي تصدّر الإرهاب وتدعمه، فجاء حديثه عن إيران، تلك الدولة المجوسية الخبيثة، الراعية للإرهاب والإرهابيين، المصدرة للخراب والدمار والمرتزقة، الحاقدة على العرب المتحالفة مع أعداء الإسلام، فلا مجال للتهاون والتخاذل مع من يريد النيل من أمن وطننا الغالي وعقيدة أبنائنا المخلصين، وتصدير ثورته الخمينية الآثمة، ومد النفوذ الصفوي الخبيث تحت غطاء نشر المذهب الجعفري الاثني عشري بعقائده الفاسدة المفسدة، وكذلك حديثه عن جماعة الإخوان المسلمين التي تروم تفرقة البلدان، ومحاربة مظاهر الصلاح والإصلاح، وما يتبعها من تنظيمات إرهابية وجماعات حزبية، فهذا التنظيم والجماعة الخطيرة رأس تلك الجماعات والأم التي فرخت التنظيمات الإرهابية، وكان لمبادئها وأفكارها التي تعاهد منظروها (الإخونج) على أن لاتظل مجرد أفكار، بل سيقدمون لها ما استطاعوا، ويحولونها إلى خطط عمل، فهم وراء الأزمات التي تعيشها دول المنطقة، يحركون الفتن بكل وسيلة، لأنه لا يحكمهم مبدأ، ولا يمنعهم معتقد، فالغاية تبرر الوسيلة، وقد يجتمعون مع اختلاف الأفكار والأيديولوجيات إذا توحدت الغاية السياسية، وقد رأينا حربًا مباركة على مظاهر الفساد وتياراته ومنظريه وأفكاره، واستهدافًا للجذور والمنابع، قطعًا لدابر الإرهاب والفتنة والفساد والإفساد، فالحمد لله الذي وفق ولاة أمرنا لهذا العطاء لأسر الشهداء، وتهنئة للوطن بهؤلاء القادة الأفذاذ والرجال الأوفياء ونسأل الله أن يعجل بالنصر المبين لجنودنا المرابطين وأن يحفظهم ويحفظ ولاة أمرنا ويسددهم، وأن يحفظ على بلادنا أمنها وإيمانها وولاة أمرها، وأن يجعل ما قدموه ويقدمونه في موازين حسناتهم، إنه سميع مجيب.
والحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
*مدير جامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية
عضو هيئة كبار العلماء
أ. د. سليمان بن عبدالله أبا الخيل*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.