يعد السيد إبراهيم بن محمد بن حسن (الوزير) الحسيني آل هاشم أحد مشاهير الأحساء لما له من ثقل سياسي واجتماعي بين أهالي المنطقة، وحرص رحمه الله منذ نعومة أظفاره على التمسك بالعادات العربية الأصيلة، والإحسان إلى الغير، فحظي بحب وتقدير الناس في مجتمعه، ولا غرابة فهو ينتمي إلى أسرة عريقة لها مكانتها الاجتماعية والتاريخية، كما ساهم -رحمه الله- بتطوير قرى الأحساء، فوصل ضمن وفد رفيع المستوى لمقابلة السلطان العثماني لتوفير الخدمات الأساسية للأهالي، كما استضاف الأهالي الفارين من المعارك والمناوشات التي كانت تدور بين أهل الأحساء وبعض أهالي البادية منزله في غياب وضعف القوات العثمانية. ولم يتوقف دور إبراهيم آل هاشم عند هذا الحد بل كان له الكثير من المواقف فأبلى بلاءً حسناً، ودافع عن أهالي الأحساء بما أوتي من قوة، حتى فقد أحد أبنائه وأرحامه، ولكونه من أهل المنطقة فقد رسم هو ومن معه من المخلصين في الأحساء خطة عسكرية اعتمدها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- للخلاص من خصومهم، وعودة الحياة الطبيعية والاستقرار الأمني في المنطقة، وجدير بالذكر أن للسيد إبراهيم آل هاشم العديد من المراسلات الخطية المتبادلة، بينه وبين الملك عبدالعزيز، حول الأحداث الجارية خلال تلك الفترة. وشارك آل هاشم مع وفد من وجهاء الأحساء لزيارة السلطان العثماني، لحل مشاكل المياه والري في الأحساء، وبناء مدارس في المنطقة، وكان أحد الموقعين على تلك المطالبات، كما شهد مجريات الأحداث السياسية القائمة آنذاك، حيث كان أحد المساندين مع مجموعة من الوجهاء للملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- أثناء دخوله الأحساء، بعد انتهاء السيطرة العثمانية الأخيرة على المنطقة. ساند المؤسس في "معركة كنزان" وشارك رجالات الأحساء في مخطط إعادة الاستقرار الأمني للمنطقة نشأته وأسرته ولد السيد إبراهيم بن محمد بن حسن (الوزير) بن حسين بن سالم الحسيني في الجبيلبالأحساء عام 1250ه، ونشأ في ظل رعاية والده له، فاكتسب منه الصفات العربية النبيلة والأخلاق الكريمة، وحسن التعامل مع الرجال، فتمسك منذ صباه بهذه القيم والعادات الحميدة، مما أكسبه حب الآخرين، وكان رحمه الله يتمتع بالذكاء والطموح الوثاب، والتطلعات العالية، إضافةً إلى مكانة عائلته الحسينية الهاشمية واسعة الشهرة، فجده السيد حسن الحسيني كان وزيراً للشيخ محمد بن عرعر بن دجين بن سعدون والي الأحساء، خلال الفترة من (1235- 1246ه) ومن أبرز الموالين له، من جهة ثانية فإن السيد إبراهيم -رحمه الله- حفيد لسلطان الجبيلي أمير قرية الجبيل والقرى المحيطة بها، حيث تزوج جده السيد حسن من مريم بنت سلطان بن إبراهيم بن محمد بن عبدالله آل يحيى الجبيلي -نسبةً للجبيل- وأنجب منها السيد محمد والد إبراهيم الذي ورث من والده ووالدته أموالاً وأملاكاً كثيرة، أمّا عائلة السيد إبراهيم بن محمد آل هاشم فهي عائلة حسينية هاشمية، كانت تقطن المدينةالمنورة ونزح جدهم إلى الأحساء مع مجموعة من أسرته بدايات القرن التاسع عشر الهجري، ونزلوا منطقة العيون شمال الأحساء، ثم تفرقوا في القرى والمدن، فسكن جد العائلة مع أسرته حي السياسب بالمبرز. زيارة السلطان العثماني يذكر المؤرخون والكتّاب أن اسم السيد إبراهيم قد ورد في الوثائق بمتحف اسطنبول، حيث شارك مع وفد من وجهاء الأحساء لزيارة السلطان العثماني، لحل مشاكل المياه والري في الأحساء، وبناء مدارس في المنطقة، وكان السيد إبراهيم أحد الموقعين على تلك المطالبات، كما شهد -رحمه الله- مجريات الأحداث السياسية القائمة آنذاك، حيث كان أحد المساندين مع مجموعة من الوجهاء للملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- أثناء دخوله الأحساء، بعد انتهاء السيطرة العثمانية الأخيرة على المنطقة، وقبل ذلك فقد شهد السيد إبراهيم سيطرة الأمير فيصل بن تركي على الأحساء وخورشيد باشا، ثم عبدالله بن ثنيان. نزاعات الأحساء نتيجة لضعف الدولة العثمانية خاصة في مقاطعة الأحساء والتي كان يتبعها مساحة شاسعة من الحواضر والبوادي، فقد تدنى المستوى الأمني، وكثرت أعمال الفوضى والنهب والسلب من قبل بعض المجموعات، وتسبب في عدم الاستقرار الأمني تلك المناطق، وزادت حدة التوتر بين أهالي الأحساء وتلك المجموعات، ونشبت حرب المبرز الثانية في عام 1324ه، بقيادة عبدالله باشا السعدون، ثم حرب الوزية بمشاركة جميع أهالي الأحساء وسميت بالمواجهة الكبرى، إلاّ أن تخاذل بعض العساكر العثمانيين الذين استعان بهم السعدون، حوّلت المعركة لصالح خصومهم، ثم بعد ذلك لجأ أهالي الكلابية بعد خروجهم من منازلهم، إلى السيد إبراهيم آل هاشم، وأهل الجبيل فاستضافوهم وقاموا بإكرامهم إلى أن وضعت الحرب أوزارها، ومما زاد الأمور تعقيداً سوء العلاقة وعدم الثقة بين أهالي الأحساء والحكومة العثمانية، وذلك لتآمر الجنود العثمانيين على الأهالي، وبسبب كثرة الفساد والرشاوى التي كان الجنود يتلقونها من الخصوم، للوقوف معهم ضد الأهالي، وكذلك ضعف الجنود العثمانيين في المنطقة حيث كانوا غير قادرين على نصرة أهالي الأحساء، وصد المعتدين الذين كان تركيزهم على معيشة وأرزاق الأهالي من محاصيل زراعية وتمور ومؤن. رسائل متبادلة وقد جرت تلك الأحداث خلال سيطرة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- على أكثر المناطق النجدية، وبدأ مراسلته للعديد من الشخصيات المعروفة والزعامات والوجهاء في منطقة الأحساء، لتقديم المساعدة للخلاص من الفتنة والاقتتال وإنهاء النزاع المستمر بينهم وبين خصومهم، الذين عاثوا بقراهم فساداً وسطوا على ممتلكاتهم ومزارعهم، وكان في مقدمتهم السيد إبراهيم الهاشم، حيث كشف الباحث والكاتب خالد النزر قبل عدة سنوات عن مجموعة من الرسائل الخطية بين المؤسس والسيد إبراهيم، ومنها ما هو قبل دخول الملك عبد العزيز للأحساء، ففي الوثيقة المؤرخة ب 22/ 5 / 1329ه، يوضح فيها جلالة الملك أنه نزل بمن معه ب"الرقيقة" لنجدة الأشقاء بالأحساء وإنقاذهم من شرور خصومهم، بعد أن يئس من مخاطبة العثمانيين لإنهاء النزاع والفساد في المنطقة، ويوضح الملك في رسالته ضرورة حقن الدماء ووقف الاقتتال، ويبيّن أهمية الأمن والأمان للرعية وأن يكون الجميع تحت مظلة الدين الحنيف. شدة وبأس وفي وثيقة أخرى وهي عبارة عن رسالة من الملك عبدالعزيز بتاريخ 1333/10/14ه، رداً على رسالة سابقة من السيد إبراهيم الهاشم، وفيها يطمئنه بأنه قادم لنصرة أهل القرى المحيطة بالأحساء وتخليصهم من عدوهم، ومما يقرأ بين السطور أن الملك عبدالعزيز لا يستهين ولا يستصغر بقوة خصمه، حيث قال بين ثنايا الرسالة: "لا يخفاكم شدّتهم" مخاطباً السيد إبراهيم آل هاشم، ويقصد شدة وبأس خصومهم، ومع ذلك كان يعد العدة ويرسم الخطط وينفذها رجال أكفاء منحهم ثقته فكانوا عند حسن الظن به، وفيها أيضاً يوصي المؤسس -رحمه الله- ويحرّص السيد إبراهيم ببناء طارفة أي ما يشبه السور، ناحية الجهة الغربية لقرية الحليلة بالأحساء، وأوصاهم بالتكاتف وحثهم على جمع المال من الأهالي لإكمال البناء، وبادر المؤسس رحمه الله بتقديم وجمع المال لبناء الطارفة، كما يتضح من المخطوطات والرسائل بين الملك عبدالعزيز وإبراهيم الهاشم، تبادل الود والاحترام والتقدير بينهما، ويحملان ذات التوجه، وتعبيراً عن الود والإخلاص والهدف المشترك بينهما وهو إرساء مبادئ الدين الإسلامي، واستتاب الأمن وحماية الأهالي والممتلكات، وقمع العابثين، وردهم عن الديار والعباد. فرسان هدية وأرسل الملك عبد العزيز-طيب الله ثراه- طالباً حضور السيد إبراهيم، إلاّ أنه لم يتمكن من الحضور بسبب حالته الصحية، وقد أرسل السيد إبراهيم الهاشم ابنه عبدالله نيابة عنه، ليخبر الملك بحالته الصحية وعدم تمكنه من المجيء لمقابلته، وأرسل مع ابنه فرسين هدية للملك وتعبيراً عن الود بينهما، وأظهرت الوثيقة التي حررت في 8 - رجب - 1342ه، رد الملك عبدالعزيز على إبراهيم آل هاشم -رحمهما الله- جميعاً، الذي تمنى له الشفاء، ولم يكن يعلم بحالته الصحية، وأكد أنه أهل للثقة ولا مجال للشك بذلك، وممتناً له بإهدائه الفرسين، كما رصد النزر وثيقة مبايعة وذكر نصها: ".. بحضور وختم قاضي الأحساء آنذاك الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن نعيم، وبحضور والي الأحساء الشيخ محمد بن عرعر وولدي أخويه مشرّف بن دويحس ودجين بن براك جاء في ذكر الشهود ما نصه: والسيد حسن ابن السيد حسين وزير الشيخ محمد آل عرعر"، كما كشف عن وثيقة حررت بتاريخ 1236ه، عبارة عن عملية بيع وشراء، حيث اشترى السيد إبراهيم آل هاشم أحد أملاك السيدة شاهة بنت عرعر من ولدها طلال بن سليمان بن غديّر آل عمر، ووكيلها، وفيها تتضح الألقاب السامية التي تطلق على السيد الهاشم. معركة كنزان وتعتبر معركة كنزان من أشهر المعارك التي خاضها الملك عبدالعزيز وقواته من جهة، وخصومه من بعض القبائل من جهة أخرى، وذلك نظراً للمقاومة الشرسة بين الطرفين، وللمعلومة فإن منطقة كنزان تقع من حدود قرية الكلابية جنوباً إلى الجرن شمالاً، ومن نهاية مزارع الشعبة غرباً إلى عمق 5 كم شرقاً، تسمى البريقة حالياً ومن ضمن المنطقة الحربية مخطط الصفا الحالي ومزارع البريقا الحالية، حيث توجه الملك عبدالعزيز بجيوشه، ونزلوا ناحية كنزان، فبعث الملك للخصوم رسولاً يدعوهم لرد ما سلبوه وما أخذوه بغير وجه حق، إلاّ أنهم لم يكترثوا بالرسالة، فقرر الملك قتالهم بجيشه وأيضاً بحشد الجموع من أهل الأحساء لاسترداد الحقوق المنهوبة وتأمين المنطقة، ودارت رحى المعركة في 15– 8- 1333ه، وكانت الجولة الأولى من المعركة لصالح خصومهم، وقتل في تلك المعركة شقيق الملك عبدالعزيز الأمير سعد بن عبدالرحمن آل سعود، كما جرح الملك وتم نقله لمكان آمن، وقتل من أهل الأحساء أكثر من ثلاثمائة رجل، كما قتل من أهل نجد أيضاً عدد كبير، فعاود الملك ترتيب جيوشه وتشكيل السرايا، وأرسل إلى والده عبدالرحمن الفيصل -رحمه الله- بالكويت يستمد منه العون فأرسل الأمير محمد بن عبدالرحمن بجيوش من حاضرة نجد وبواديها، وعاود الكرة عليهم، واستقر الأمر له في الأحساء لأهله، واستتب الأمن وعادوا يتنفسون الحياة من جديد. خطة محكمة وقد قام مجموعة من رجالات وزعامات الأحساء بدور بارز من ضمنهم السيد إبراهيم الهاشم -رحمه الله- وذلك من خلال خطة محكمة قدمت للملك عبدالعزيز فاعتمدها، وتتلخص في اعتماد قوات وجيش الملك على الضرب من فوق جبل "قاره" التاريخي، ويتفرع من هذا الجبل ممرات وطرق معقدة لا يعرفها سوى أهل الأحساء، وتحديداً القرى المحيطة بهذا الجبل، فقام الرجال بهممهم العالية، بنقل وتسهيل العدة والعتاد خاصة المدفع إلى أعلى الجبل، ثم إلى جبل آخر أصغر مجاور له، ودارت المعركة إلى أن استقرت الأمور في المنطقة للمؤسس، واستمرت العلاقة بين الملك عبدالعزيز وإبراهيم الهاشم حتى بعد أن هدأت الأمور ووضعت الحرب أوزارها، والجدير بالذكر أن السيد الهاشم فقد ولده الأكبر السيد طاهر، و ابن أخيه لأمه السيد طاهر آل بن محسن في تلك المعارك، إضافةً إلى آخرين من قريته الجبيل وهم أحمد بن عبدالله الشايب وتركي بن عبدالله الصعيليك، وعيسى بن علي بن أحمد، ومحمد بن علي المعيوف وحسن بن عيسى العمراني، وتوفي رحمه الله في الثامن من رمضان عام 1342ه. كان ال هاشم احد رجالات الأحساء المخلصين احدى المراسلات بين المؤسس وال هاشم والتي توضح قوة العلاقة بينهما حظي ال هاشم بثقة المؤسس واعتمد عليه في إعادة الاستقرار للأحساء إحدى رسائل الملك عبدالعزيز وال هاشم حول الأحداث الجارية خلال تلك الفترة شارك ال هاشم في وضع الخطة العسكرية لإنهاء معركة كنزان بنجاح منصور العساف