كانت ليلةَ الأحدِ.. كُنتُ مُتجهاً للقاء صديقٍ في أحد مقاهي العاصمة الأمريكيةواشنطن. قابلني صديقي بوجه غير الذي أعرف. هي لحظات، وألقى علي القنبلة. «سلطان العايش توفى» قالها لي دون مقدمات، لم استوعب الموقف حينها. ماهي الا دقائق وتم تأكيد الخبر! يالله! كمْ شعرتُ ببردٍ شديدٍ رغم حرارة جو تلك الليلة! وقف شعرُ جسدي كاملاً مستحضراً خشوعَ الموقف. كيف حصل ذلك؟ أحقاً رحل سلطان؟ أرحل ذلك الوجه البشوش؟ أهكذا فجأةً؟ لا حول ولا قوة الا بالله. عَرفتُ سلطان بن جمال العايش في أول أيام ابتعاثي للدراسة في أمريكا، كان شاباً يافعاً مفعماً بالحياة، أخبرني بعض المقربين منه بأنه يُعاني من أمراض في قلبه، ولكنه كان يتغلب على مرضه في كل مرة، رغم خضوعه لعدد من العمليات الجراحية، إلا أنني لا أذكر رؤيته يَشتكيِ من ألم ما، أو يتذمر من مواعيدِ المشفى، كان راضيا بقدره الالهي ومتعايشاً مع واقعه بشكل عجيب ومذهل! أحب سلطان الحياة، كان ينظر لها بأمل كبير دون تشاؤم، كان حسنَ الخُلقِ، دائم الابتسامة، لا أذكر انه أساء لأي أحد. كان مُسالماً، يملك همةً عالية خاصةً إذا ما استدعى الأمر مساعدة أحد أصدقاءئه.. آخر لقاء جمعني بسلطان كان في مطار دالاس في العاصمة واشنطن، وجدته في المطار لاستقبال صديق له. كان يخبرني حينها بكل حماسة عن مشاريعه في الصيف وعن رغبته في السفر. خرجت روحُ سلطان الطاهرة عن جسدهِ، إلا أن ذكراه ستبقى خالدة في كل الأماكن التي جمعتني به، وجمعته بأحبابه، علمني سلطان درساً عميقاً في الإيمان بالقضاء والقدر وكيف يتعايش الإنسان مع واقعهِ بكل رضا وأمل.. رحمك الله يا سلطان وجمعنا بك في أعلى جنانه، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأحسن الله عزاء أهلك وذويك، وجَبر الله مُصابَ والديك. وإنا لله وإنا إليه راجعون!