اليوم الوطني ذكرى عزيزة ليوم مضيء    المسعري: يوم الوطن مناسبة تاريخية نعتز بها    كل عام ووطننا بخير... وكل عام ونحن له أوفى    الذهب يسجّل مستويات غير مسبوقة مع رهانات خفض "الفائدة"    قطار القدية.. رحلة المستقبل    اليوم الوطني ال 95.. استقرار وتنوع اقتصادي    مواقف المملكة الثابتة من القضية الفلسطينية.. أفعال على أرض الواقع    غارات ونسف مبانٍ وشهداء ودمار في غزة    السعودية وباكستان.. تحالف التاريخ ورهانات المستقبل    بركلات الترجيح .. الشباب يتأهّل لثمن نهائي كأس الملك    العلا وجدة والجندل في صدارة "يلو" بالعلامة الكاملة    الدهامي والراجحي يتألقان في بطولة تطوان المغربية    في الشباك    القوات الأمنية تستعرض عرضًا دراميًا يحاكي الجاهزية الميدانية بعنوان (حنّا لها)    الأحوال المدنية تشارك في فعالية وزارة الداخلية "عز الوطن" احتفاءً باليوم الوطني ال (95) للمملكة    اليوم هذا غير الأيام بالذات    "إثراء".. منارة سعودية تضيء العالم    جمعية "أوج" تنظم أمسية شعرية    عزنا بطبعنا.. المبادئ السعودية ركيزة    من توطين البداية إلى توطين الذكاء الاصطناعي    في اليوم الوطني السعودي 95 الواقع يسبق الحلم    اليوم الوطني ال95: السعودية مجدٌ يتجدد وصعودٌ لا يتوقف    تسعون وخمس.. الرَّقم الذي يُشبهنا    عثمان ديمبيلي يتفوق على لامين يامال ويتوج بالكرة الذهبية 2025    مصر تسطر التاريخ وتتوج ببطولة كأس العالم لكرة القدم المصغرة للسيدات في أربيل    إنها السعودية يا سادة    ماذا تعني كلمة الوطن    وطني خفقة حب تتسامى    المسجد النبوي.. إرث العناية ومسيرة الإعمار    العسيري تبرز فن "البوب آرت" في أعمالها    عظيم أيها الوطن    محافظ محايل يهنئ القيادة الرشيدة باليوم الوطني95    الربيعة: السعودية قدمت 500 مليون دولار للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال    القيادة تتلقى التهاني من الدول بمناسبة اليوم الوطني ال 95 للمملكة    إسرائيل تأمر بإخلاء مستشفى في غزة وسط تصاعد الاعترافات الدولية    الثانية عالميا.. موسم استثنائي للمنتخبات السعودية العلمية    تعليم جازان ينهي استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني ال95 تحت شعار «عزنا بطبعنا»    استخدام الهاتف المحمول أبرز مسببات الحوادث المرورية بمنطقة مكة    جمعية نبض العطاء تطلق برنامج "كسوة الأسر المتعففة" بالتعاون مع مؤسسة حمد المحيسن الخيرية    هيئة عسير تفعّل المصلى المتنقل في عدد من المتنزهات والحدائق العامة    تبوك تتوشح ب8000 آلاف علم وتحتفي بالوطن بأكثر من 50 فعالية متنوعة    جامعة حائل تحقق إنجازا عالميا بارتفاع عدد باحثيها في قائمة نخبة ال2٪ من علماء العالم    المملكة تعزز مسيرة التعافي الصحي في سوريا عبر الطب العابر للحدود    وزير الداخلية ونظيره الغاني يبحثان تعزيز التعاون الأمني    القبض على شخصين لترويجهما «الشبو» بالشرقية    أكد دعم القيادة للقطاع.. الصمعاني: التطورات العدلية أسهمت في تعزيز حقوق الإنسان    وفاة الفنان حمد المزيني    المرور: 3 مسببات ل«الحوادث بالطرق»    دمشق تنفي اتهامات قسد بشأن «أم تينة».. الرئيس السوري يشارك في الجمعية العامة للأمم المتحدة    استثمارات طبية فرنسية في سدير.. «مدن» تنشئ مركز التميز للذكاء الاصطناعي    عزنا بطبعنا.. تجسيد لمسيرة التطور والعطاء    جهود حثيثة لتفادي تفعيل «آلية الزناد».. إيران بين سباق الدبلوماسية وشبح العقوبات    فاحص ذكي يكشف أمراض العيون    وطن المجد.. في عامه الخامس والتسعين    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بفرش 23 جامعاً ومسجداً بالمدينة    روبوت علاجي يدخل الجسم    الجلوس الطويل يبطئ الأيض    مخاطر الألياف البلاستيكية الدقيقة على العظام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاقم ظاهرة «الطلاق».. أنقذوا اللّبنة الأولى في المجتمع من التفكّك!
مختصون يطالبون بالكشف الجنائي على الزوجين والحد من تبعات المتغيرات الجديدة على نسق الأسرة
نشر في الرياض يوم 17 - 08 - 2016

علقت احصاءات ونسب الطلاق المعلنة مؤخرا مقارنة بعقود الزواج للعام الماضي 1436ه،الجرس للجهات المختصة لوجوب التجرك السريع والجاد لمعالجة الظاهرة المخيفة والمزعجة ذات الانعكاسات الخطيرة على الاسر والمجتمع وعلى الابناء، حيث أوضحت وزارة العدل بان إجمالي صكوك الطلاق بين السعوديين الصادرة من مختلف محاكم المملكة في جميع المناطق خلال العام 1436ه ب (40.394) صك طلاق للسعوديين بمختلف أشكال الطلاق (طلاق-خلع-فسخ نكاح)، وإجمالي عقود النكاح التي تمّت العام الماضي ب (133.687) عقد نكاح للسعوديين.
ويرى مختصون واستشاريون اجتماعيون ومحامون بوجوب التصدي لظاهرة ارتفاع نسب الطلاق في المملكة، وفتح قنوات أخرى لدراسة وتحليل الظاهرة قبل أن تصبح المشكلة أكبر، فالبعض يعزوها لأسباب اقتصادية وصغر سن الزوجين وعدم وجود مستشارين أسريين والانفتاح الاعلامي وغياب دور القنوات الرسمية في الإرشاد الاسري إلا ما ندر، مع زيادة نسبة الطلاق في المجتمع والتي باتت تزداد يوماً بعد يوم، إلى جانب ارتفاع في نسب الخلع من جانب آخر، حيث وصلت الى 922 حالة خلع للعام الماضي 1436ه بحسب وزارة العدل، واحتلت مكة المركز الأول ب 329 حالة خلع ثم المنطقة الشرقية 137 حالة خلع، ثم الرياض 128 حالة خلع، تليها جازان ب 100 حالة خلع، ثم القصيم ب 55 حالة خلع، فعسير ب 42 حالة خلع والجوف ب 46 حالة خلع.
سن الزوجين
ويعتقد د. عبدالعزيز المطوع - مستشار أسري- أن صغر سن الزوجين أو أحدهما ليس سببا مباشراً في ارتفاع نسبة الطلاق، مبرراً أن غالبية من يتزوجن لسن صغيرات، إلا انه ربط الطلاق بالجانب الاقتصادي وذلك لوقوع المجتمع تحت وطأة ما أسماه الاستهلاك، مضيفا ان هناك بعض المتغيرات التي تكون محفزا على مشكلة الطلاق ومنها أن غالبية الاسر أصبحت تربي البنت على أن تكون موظفة ويتم تجهيزها على هذا النمط التربوي ولا تربى على أن تكون ربة بيت، ولذا تفشل في أول اختبار في الحياة الزوجية، مشيرا الى تصدر غير المختصين بالإرشاد الزواجي للاستشارات والتي قد تكون أحد اخفاقات التجربة الزواجية من خلال تعميم تجاربهم الخاصة الناجحة بزعمهم والتي تختلف ظروفها عن ظروف المستشير، إلى جانب زيادة وسائل الاعلام التقليدي والرقمي التي تمطر البيوت ببرامج تصدع الهوية الزواجية وتنخر في بنيان الاسرة.
تغير اقتصادي
فيما ترى د. نورة الحمودي -أخصائية اجتماعية- أن المجتمع السعودي منذ عدة سنوات بكافة أنساقه وأطيافه يمر بمرحلة تغير مستمر، تغير اقتصادي واجتماعي بالخصوص أثر في كثير من عادات ونظم وتقاليد المجتمع، وبلا شك فإن التغير الذي طال النسق الأسري يعتبر من أوضح التغيرات التي مست قيم المجتمع، ويعتبر ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع من أبرز التحديات التي يواجهها المجتمع حاليا، وإذا بحثنا في العوامل المرتبطة بهذه المشكلة نجد فيها ما يتعلق بالزوج وهناك ما يتعلق بالزوجة فبالنسبة للأزواج أصبحوا بين نموذج قديم عايشوه من خلال الأب الذي كان الآمر الناهي في منزله، ونموذج عصري يطلب منهم المزيد من الحوار والتساهل عند التعامل مع الزوجة، رغم ما قد يكون من الزوجة أحيانا من تقصير تجاه الزوج والمنزل والأبناء إما لقصور في الوعي أو لمشاغل الارتباط بالدراسة أو الوظيفة، أما الزوجات فنجدهن كذلك تحاصرهن هذه النماذج، بين تخوف أن يكون زوج اليوم نسخة من زوج الأمس أو ما يعرف ب( سي السيد) الذي يفرض سلطته على جميع أفراد العائلة، ونموذج آخر معاصر ترى فيه شخصية مناقضة لما عهدته في مجتمعها، وبين الشد والجذب ومع قلة وعي الزوجين بأهمية الحياة الزوجية وأنها لا تكون على الدوام حالة ود وصفاء، تظهر في رأيي مشكلة الطلاق وتتنامى إن لم يجد الزوجان من يرشدهما من جهة رسمية أو أهل واعين ومدركين لمتغيرات اليوم ومتطلباته، كما لا يفوتنا الإشارة إلى أن المرأة اليوم أصبح لديها إمكانيات اقتصادية واستقلالية تمكنها من المطالبة بالطلاق في حال رأت أنه الحل الأمثل لحياتها الزوجية، وقد يدل ارتفاع معدل حالات الخلع على هذا الواقع.
إدراك المسؤولية
بدوره عزا حمود الخالدي -محام ومستشار قانوني- أسباب حدوث الطلاق خصوصاً في السنوات الأولى من الزواج، إلى صغر سن الزوجين، خصوصاً الزوجة والتي لا تعرف معنى المسؤولية الجديدة التي عليها ولا كيفية الاهتمام بشؤون بيتها وزوجها ولا تكوين أسرة، مما يؤدي إلى فشلها في تحمل ذلك ويؤدي في نهاية المطاف الى الطلاق.
ويرى الخالدي أن أسباب الطلاق لا تكون على الزوجة فحسب، ولكن في الغالب يكون على الزوج أيضاً ولاسيما إذا كان مدمناً أو غير مقدرٍ للمسؤولية التي ألقيت على عاتقه من تحمل زوجة وتلبية احتياجات أسرته، أو أن يكون عاطلاً عن العمل وتكون الزوجة موظفة لها راتب ثابت، فيجبرها على الإنفاق على البيت، مما يجعل الزوجة تجنح إلى الطلاق.
كشف جنائي
ويؤكد الخالدي أيضاً أن من أسباب الطلاق المجتمع نفسه وما فرضه من العادات والتقاليد المجتمعية، والخاصة بالمهر المبالغ فيه والشبكة الباهظة وكذلك تكاليف الزواج، فينشغل الزوج بتدبير ذلك بدلاً من أن ينشغل بتأهيل نفسه وتهيئتها على المسؤولية الجديدة، مما يثقل كاهل الزوج بالديون التي لا يستطع بعد ذلك سدادها، فيكون مصير الزواج الفشل.
ولفت الخالدي أن النظام قد وضع قواعد وشروط في حالات الطلاق أو التطليق سواء بعوض أو بدون عوض وكذلك أيضا فسخ النكاح، وأسند النظام هذه الامور الى محاكم الأحوال الشخصية بالمملكة، واقترح أن يتم تطبيق الكشف الجنائي قبل الزواج على غرار الكشف الطبي، حتى يطمئن كل طرف من الأطراف الى براءة ساحة الطرف الثاني من اية مشكلات تعوق مسيرته أو تعرقل انخراطه في المجتمع، بل ذهب إلى أبعد من ذلك من خلال المطالبة بوضع استبيان أو نموذج يعبأ من قبل الزوج والزوجة عن أسباب الطلاق بشكل سري، ومن ثم تدرس تلك الاستبيانات نهاية العام من قبل وزارة العدل للوقوف على الأسباب الحقيقية التي قد لا يذكرونها وجها لوجه في المحكمة أمام القاضي.
تراكم الديون
فيما أكدت بيان زهران-محامية- أن الزواج في سن مبكّر يعد سببا من أسباب الطلاق حيث ان قرار الارتباط والزواج يحتاج إلى نمو واكتمال للشخصية بحيث يدرك الطرفان أهداف هذه الشراكة والرابطة وأسباب اختيار الشريك التي تلبي احتياجات كل طرف، أما مسألة تراكم الديون وقلة الدخل فالسبب قد يعود إلى المبالغة في المهر وتكاليف الزواج مما يشكل ضغطا مالياً على كاهل الزوج والخوض في سلسة التراكمات والديون المالية مما قد يؤثر على علاقة الزوجين ببعضهما وحدوث الطلاق.
وقالت زهران: إن عمل الزوجة وصرفها على المنزل لا علاقة له بالطلاق فهي غير مجبرة على ذلك شرعا وقانونا بينما إذا كان برضاها ومن باب المشاركة لتنمية الأسرة نحو الثبات والنمو المالي والمهني بالتراضي والتفاهم بين الزوجين فذلك سيسهم في الاستقرار بينهما.
وترى زهران أن اسباب الطلاق متعددة فقد تعود الى أسباب آخرى كتدخل الأهل والأقارب أو الشك بين الزوجين أو الخيانة الزوجية أو عدم الالتزام بالمعاشرة بالمعروف وإساءة كل منهما للآخر وقد يعود أيضا إلى عدم إدراك الطرفين بحقوقهم وواجباتهم واستنباط هذه الحقوق من مصادر غير موثوقة مما يشكل انهيارا مفاجئا لعلاقتهم في اي وقت.
ثقافة غائبة
ولفتت لميس الحارثي - محامية - أن صغر سن الزوجين يعرضهما لتحديات كثيرة لمحاولة إنجاح هذا الزواج خصوصاً وأن الشباب في مقتبل العمر يميلون إلى التمسك بالرأي وكل منهما يرى أنه هو صاحب الحق وأن الطرف الثاني مخطئ أو لا يفهمه وهو ما نعبر عنه بغياب الثقافة الزوجية بمختلف مستوياتها الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية بين الزوجين الحديثين، وغياب الثقافة الزوجية يؤدي إلى الفشل في احتواء الاختلاف، والتباين في المستوى الثقافي والفكري والتعليمي يُشكل هوة واسعة قد لا تستطيع العلاقة الزوجية تجسيرها بسهولة والصمود أمامها خصوصاً للشباب صغار السن فيكون الطلاق هو الحل الأسهل والأسرع.
واعتبرت أن تراكم الديون أحد الأسباب الشائعة جداً نظراً لعدم قدرة غالبية الأزواج على تحمل الضغوط التي تصيبهم جراء تراكم الديون وقلة صبر بعض الزوجات وذلك ما حصل في إحدى الحالات التي باشرتها أثناء عملي حيث تقدمت إحدى الزوجات بطلب الطلاق من زوجها بعد اكتشافها أن زوجها تراكمت عليه الديون وأنه لا يستطيع تحمل نفقات زواجه ونفقات معيشتها وقد حصلت على صك الطلاق في وقت قياسي، مشيرة الى أن كثيرا من الأحكام انتصرت للمرأة في ظل تطور مرفق القضاء حيث صدرت قرارات بتمكين المرأة الحاضنة من مراجعة الأحوال المدنية، والجوازات، والسفارات، وإدارات التعليم والمدارس، وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الدوائر والجهات الحكومية والأهلية والقيام على كافة شؤون أبنائها على أن يكون سفر المحضون بإذن القاضي في حين مازال النظام يسمح للأب السفر بأبنائه، وإن كان ليس حاضنا للأبناء بصفته الولي. وذكرت الحارثي بأن هناك الكثير من المطلقات اللاتي يفقدن حقوقهن التي كفلها الشرع والنظام لهن نظراً لعدم معرفتهن بهذه الحقوق مما يحدوهن إلى اللجوء للمحامين لطلب الاستشارات أو المطالبة بحقوقهن، في الوقت الذي سمحت الانظمة للسيدة المطلقة، بعد وقوع حالة الطلاق وثبوتها شرعا، باستخراج سجل أسرة خاص بها وبأبنائها، عبر شريحة خاصة ببياناتها وبيانات أبنائها، يحق لها الحصول عليها من الجهة المسؤولة عن الأحوال الشخصية. ودعت الحارثي الجهات المختصة والجمعيات الخيرية إلى تكثيف دورها في تأهيل وتثقيف الشباب المقبلين على الزواج نظراً لمواجهتهم العديد من المتغيرات والتطورات التي تؤثر في مجتمعهم سواء من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية، وحيث ان الأسرة هي اللبنة التي من خلالها نستطيع مقاومة كل ما يمس الوطن وهي أحد أهم الأسلحة التي يعتد بها الوطن.
زيادة حالات الطلاق تستدعي الوقوف على الأسباب وعلاجها
د. عبدالعزيز المطوع
حمود الخالدي
بيان زهران


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.