إلى ما قبل سنوات ليست بالبعيدة، كانت أعداد كبيرة من وظائف البنوك مشغولة بغير السعوديين، ولم يكن هناك إقبال يُذكر من قِبَل الشباب للالتحاق بالعمل البنكي، حتى ظننّا أنّ العمل بهذا القطاع يحتاج إلى خبرات ومهارات خاصة لا يملكها ابن الوطن! والآن، ووفقًا للأرقام الرسمية الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي (أرقام عام 2014) فإنّ عدد السعوديين –ذكورًا وإناثًا- العاملين بالقطاع البنكي يصل عددهم إلى 42380 موظفا وموظفة من أصل 47588 هم إجمالي الموظفين في هذا القطاع، أي أننا نتكلم عن نسبة سعودة تزيد عن 89%، وهي نسبة أظن أننا لم نصل إلى مثلها أو حتى قريب منها في أي قطاع آخر. بالتأكيد هناك أسباب عدة جعلتنا نصل لهذه الأرقام المفرحة، والتي تنقض بدورها النظرية السائدة التي تقول إنّ السعودي لا يرغب بالعمل ، وإن عمل فهو كسول وغير منتج، أقول هناك اسباب جعلتنا نصل إلى هذه النسبة المرتفعة، لعل على رأسها:إعادة تنظيم مواعيد وأوقات عمل البنوك بالشكل الذي لم تتضرر منه هذه المؤسسات المالية، ويكون في الوقت نفسه جاذبًا للتوظيف، فمن حق الشاب أن يقضي بعض ساعات اليوم مع أسرته أو مع أصدقائه، وهو ما تحقق مع تحويل عمل البنوك من فترتين صباحية ومسائية إلى فترة واحدة في اليوم، مع تمتع الموظف بإجازة يومين في الأسبوع . ورأينا أنه مع بدء تطبيق هذا القرار زاد إقبال السعوديين على الالتحاق بالعمل البنكي، بل وصل بالبعض منهم إلى تفضيله على العمل بالقطاع الحكومي، ورأينا في نفس الوقت مداخيل وأرباح البنوك ترتفع وبمعدلات متزايدة سنة بعد أخرى، مع أنّ هناك من كان يحذّر من أن تغيير عمل البنوك إلى خمسة أيام بالأسبوع، والتحاق السعوديين بها سيؤثران سلبًا على أدائها ! ما أريد أن أصل إليه، هو أنه ما دام أن تجربة التوظيف في البنوك قد نجحت وبشكل باهر دون أن نبخس ملاكها ومساهميها حقوقهم، ودون كذلك أن نعطل أو نبطئ أداء هذا القطاع، ما دام الأمر كذلك فلماذا لا نُعيد التجربة في قطاعات وأنشطة أخرى، قد تقف ساعات العمل الطويلة والتي قد تستغرق طوال ساعات اليوم-مع أسباب أخرى- وراء عدم إقبال الشباب على الالتحاق بوظائفها. لماذا لا نكرر ذلك مع وكالات السفر وشركات نقل الطرود وشركات ووكلاء التأمين وغيرها من المتاجر والأسواق الكبيرة؟ أعتقد جازمًا إلى أننا سنلاقي نفس النجاح الذي حصلنا عليه في القطاع البنكي، إن لم يكن أكثر منه.