بعد الضربة التي تلقاها النظام السوري بسبب تقرير ميليس الذي ورط عدداً من المسؤولين السوريين في قضية اغتيال رفيق الحريري، بات في حكم المؤكد أن يتلقى هذا النظام تقريراً محرجاً آخر من الأممالمتحدة خلال الأيام القليلة القادمة. وسوف تمهد تلك التقارير الطريق أمام هجوم دبلوماسي كبير بقيادة الولاياتالمتحدة وفرنسا قد يؤدي بالتالي إلى إسقاط عقوبات ضد دمشق. ويقول جوشوا لانديس أستاذ أمريكي في علوم التاريخ يعيش في دمشق » بعض الدول تريد أن تكسر شوكة النظام السوري، لذا يبذل الجميع جهوداً لا تكل ولا تمل من أجل إسقاط النظام وتحميله مسؤولية كل المشاكل في المنطقة».الأسبوع الماضي مر بصعوبة على دمشق التي باتت متهمة بالضلوع في اغتيال الحريري حسب تحقيقات الأممالمتحدة. كما أن مبعوث الأممالمتحدة لدى الشرق الأوسط السيد تيرج رود لارسن جعل الموقف السوري أصعب حين صرح أن دمشق مازالت تتدخل بالشؤون اللبنانية حتى بعد أن سحبت قواتها في أبريل الماضي. ومن المتوقع أن يقدم لارسن تقريره الجديد للأمم المتحدة الذي يكشف مدى التزام سورية بالقرار 1559 والذي يدعو إلى انسحاب القوات السورية من لبنان واحترام استقلال وسيادة الحكومة اللبنانية. وفي الوقت الذي سحبت فيه سورية كل الجنود من الأراضي اللبنانية، وقعت حوادث كثيرة استهدفت كل من يعادي النظام السوري ويرفض أي تدخل أجنبي في شؤون بلاده.وادعت صحيفة هآرتز الإسرائيلية الصادرة يوم الأحد الماضي أنها تلقت نسخة من تقرير لارسن وقالت الصحيفة أن سورية وعلى الرغم من أن قواتها غادرت لبنان فهي مازالت تتدخل بشؤون البلاد بشكل غير مباشر. إضافة إلى أن الاستخبارات السورية تعمل بكل حرية داخل الأراضي اللبنانية لترتيب وصول الأسلحة للجماعات الفلسطينية الموالية لسورية.وسيحقق مجلس الأمن في كل ما ورد بتقرير ميليس وبعد تقييم النتائج ستكون هناك قرارات مهمة وتاريخية. هذا التقرير الذي هزت نتائجه العالم وجذبت أنظارهم نحو أجهزة التلفزيون لمتابعة أخر تطوراته قدم دليلاً بأن هناك تعاون سوري لبناني عالي المستوى في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وأوصى التقرير بعدم إيقاف الجهود واستكمال التحقيقات حتى ينكشف المزيد. بالرغم أن تقرير ميليس لم يقدم دليل إدانة قاطع ضد كبار المسؤولين السوريين، إلا أن نسخة من التقرير وصلت إلى أجهزة الإعلام وسمت المشتبه بهم في اغتيال الحريري وهم ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري وصهره القائد العسكري آصف شوكت رئيس المخابرات العسكرية السورية.ويقول مسئولي الأممالمتحدة والمحللين السياسيين أن مجلس الأمن سيصدر بياناً يحذر من «عواقب خطيرة» إذا فشلت سورية في التعاون مع محققي الأممالمتحدة. وأوضحوا أن رفض التعاون مع المحققين سيجعل سورية معرضه للعقوبات الدولية. بعد هذا التصريح، تغيرت النغمة السورية وأصبحت ودوده أكثر من ذي قبل. وظهر رياض الداودي المستشار القانوني لوزارة الخارجية السوري ليعلن أن سورية كانت ومازالت ملتزمة بقرارات الأممالمتحدة وسوف تستمر بالتعاون مع المجموعة الدولية لكشف الحقيقة وإثبات البراءة من كل التهم التي ألصقت بها.و أثار اغتيال الحريري ما عرف بثورة الأرز التي أنهت التواجد العسكري السوري المتواجد منذ 29 عاماً. وباتت قضية التورط في اغتيال الحريري مشكلة أخرى مطروحة أمام الولاياتالمتحدة ضمن عدد من النقاط التي تحاول الإدارة الأمريكية حلها منذ فترة وبشتى الطرق ومنها الدعم الذي تقدمه سورية للمجموعات الفلسطينية والاتهامات الموجهة لدمشق حول فتحها للحدود مع العراق أمام المتسللين الذين يدعمون المقاومة في العراق. وصرح عمّار عبد الحميد الناشط الاجتماعي السوري بمعهد بروكينغز في واشنطن » إذا أردنا تقييم فرص صمود النظام الحالي خلال السنوات القادمة على أساس أداءه المشهود الآن..فأعتقد أن الفرص تكاد تكون معدومة».وأضاف السيد عمار » في الحقيقة وصلنا إلى هذا الحال ليس بسبب مؤامرة كما يقول البعض ، ولكن السبب هو أننا سكتنا عن الكثير من الأخطاء في النظام وتركناها تتراكم على مر السنين حتى بات من الصعب تجاوزها وإصلاحها». من ناحية أخرى، يبدو أن الرئيس الأسد معزولاً عالمياً ومحلياً ولكنه مازال يحتفظ بكل قوته داخلياً فهو قادر على قمع كل المجموعات المعارضة وتقوية نظامه داخلياً كما يريد. وشكل انتحار وزير الداخلية غازي كنعان قبل أسابيع ضربة قوية للنظام و أثار موته العديد من التساؤلات حول مدى تورطه بالقضية التي يحقق فيها ميليس. وأخيراً صرح الأستاذ الأمريكي لانديس » اعتقد أن النظام مستقر جداً في سورية.. مقتل كنعان سبب ضجة ولكن كل شيء على ما يرام». ٭ كريستيان ساينس مونيتور