دعنا معاً نستعمل نظارة سوداء ونفكر معاً.. هل ما يحدث أو حدث في العالم خلال 2005 هو توافق طبيعي مع ما كان يحدث في الأعوام السابقة؟.. هل عام 2005 قدم مضاعفات للآلام والكوارث أكثر مما حدث في العام الماضي وأن العام القادم مرشح لأن يفعل ما هو أسوأ؟.. هل بقي ما هو أسوأ..؟! كوارث «تسونامي» كانت فريدة مخيفة فيما أحدثته من خسائر بشرية ومادية مرعبة، ولئلا نتصور أن استعدادات الدول الضعيفة تكون إمكانياتها العلمية والمادية ضعيفة فإن ما حدث في أمريكا من رعب وما واجهته من عجز عندما حدثت كارثة «أورليانز» جعلنا نشهد عجزاً متساوياً بين أندونيسيا الفقيرة وأمريكا الغنية.. لقد غسلت الأعاصير وجود الإنسان من على سطح الأرض وكأنها تصرخ بأنه غير مؤهل أو غير كفؤ لأن «يعمرها».. ثم أتت كارثة الباكستان وهي الضلع المكمل لمثلث الرعب الذي يقف أمامه الإنسان بائساً ويائساً عندما يتعرى من كل حماية ينتظر مساعدة الآخرين.. وقد علقت صحيفة بريطانية على كارثة أمريكا بأنه من الصعب أن ترى قوياً مترفاً في حالة إذلال لا يستطيع معها أن يفعل لنفسه أي شيء.. ما بين نهاية شهر يوليو الماضي وشهر أغسطس (أي قبل شهرين تقريباً) حدث ما يقارب خمسة حوادث طيران مرعبة هي الأخرى ذهب ضحيتها مئات الناس دون مبرر معقول.. حالات الموت الجماعي هذه لم تتوقف عند حدود الأعاصير وسقوط الطائرات ولكن العالم.. العالم كله.. الذي تصور نفسه قد تخلص من مرض جنون البقر فوجئ بالإنذارات تتوالى من فيروس قادم أكثر خطورة ويتوقع أن يكون له ضحايا بالملايين يدعى انفلونزا الطيور.. كل دولة الآن تبذل أقصى استعداداتها لمواجهته لكنها (أي الدولة) إذا منعت الاستيراد فإنها لن تستطيع أن تمنع حركة الرياح ودورها في نقل الفيروس أو أن تحول مسار الطيور المهاجرة بعيداً عن أراضيها.. وفي زحمة الخوف أعلن مختص طبي أمريكي أمس عن فيروس جديد اسمه فيروس «الكلاب» أخذ ينتشر بكثرة ومازالت المعلومات عنه شحيحة للغاية.. أرجوك بدون نظارة سوداء أضف إلى هذه الكوارث ما يحدث لشعب حضاري قاد العالم الإسلامي والعربي مئات الأعوام وهو اليوم لا يكاد يجد الوقت الكافي لدفن قتلاه.. (العراق).. شارون هذا الضخم جسداً وقتلاً وإرهاباً لا يأبه على من تقع أسطح البيوت، ولا يهمه في أي سنة من العمر يموت طفل فلسطيني أو طفلة.. ومع ذلك لا يوصف ما يفعله ب «الإرهاب».. هل نصدق أن العراق أحوج إلى التدخل في شؤونه من دول أفريقية نصف بعضها مصاب بالإيدز والنصف الآخر يموت من الجوع ولا ديموقراطية أمريكية هناك.. ملك بتسوانا يتزوج أكثر من عشر سيدات ويقيم حفلاً سنوياً لشبه عاريات يختار بينهن زوجة جديدة وليس ثمة غربي واحد يتحدث عن حقوق المرأة هناك..