الخطيئة

حِلِّي وثَاقَ العَهدِ يا حَسْنَاءُ
ما دامَ قد لجَّت بِكِ الأهواءُ
ما أنتِ أوَّلُ من تخونُ شبابَها
أوأنتِ آخِرُ من بِها الأدواءُ
لو كُنتِ كامرأةِ العزِيزِ استغفرتْ
لِذُنُوبِها مِمَّا جَنَى الإغْرَاءُ
لكنَّكِ ابتعتِ الطَّهارةَ بالخَنَا
ورفضت ما يَسمو به الشُّرَفاءُ
أسلمتِ عُمرَكِ للضَّياعِ فَرِيسةً
حتَّى تَنَاهَشَ حُسْنَكِ الدَّهْمَاءُ
ما للخُدُودِ ورُودُها مُصْفَرَّةٌ
عَهدِي بِهَا ألوانُها حَمْرَاءُ ؟!
كم كُنتِ في فَلكِ الكواكبِ نجمةً
أنوارُها انكشفتْ بها الظَّلمَاءُ
كالمُهرةِ النَّجلاءِ في شَرخِ الصِّبا
كم تَسْتَفِزُّ فُتُونَها الأنداءُ
سَهِرتْ عُيونُ العاشِقِينَ قَرِيحَةً
وقلوبُهُمْ كَلْمَى دهَاهَا الدَّاءُ
ما رَفَّ طَرفُكِ للهوى وجُنونِهِ
وأبيَتِ ما يَرمِي لَهُ اللُؤَماءُ
يا أنتِ يا بِنتَ الخُدُورِ مِنَ الذي
ذَلَّت لَهُ أشواقُكِ العَذْرَاءُ ؟
حتَّى إذا استهواكِ أسلمتِ الحِجَى
وغَشَتْكِ مِنْ آثارِهِ الأرزَاءُ
ضاعت حَياتُّكِ حين ضَيَّعتِ الخُطَى
في مَهْمَهٍ شَاهت بِهِ الإرجاءُ
أطرقتِ نادمةَ الضَّميرِ كسيرةً
تبكي الزَّمانَ أما كَفاكِ بُكاءُ ؟!
لُومِي شقاءَكِ لا القضاءَ فإنَّما
داءُ النُّفوُسِ الجَهْلُ والجُهَلاَءُ
والفَقرُ مَضَّاضٌ تلظَّاهُ الطِّوى
يا ويحَهُ يَشْقَى بِهِ الفقراءُ
والذَّنبُ ذَنبُ الآثِمينَ وقد أبَوا
نَشرَ الفضيلةِ واختفى الفُضلاءُ
قد عَولمَ العَصرُ العُقولَ وسارعت
تَتَعولَمُ الأخلاَقُ والأشياءُ
قِيَمٌ تَوارثَها الأنيسُ رَمَى بِها
في رَمْسِهَا الرُّقباءُ والأُجَرَاءُ
وصدى الرَّذائِلِ في المدائِنِ لعنةٌ
يُمنَى بِهَا البُسَطَاءُ والتُّعَسَاءُ
دَسُّوا الدَّسَائسَ للتَّفسِّخِ عُنوةً
بِسمِ الحضارةِ صَدَّرُوا ما شاؤا
قد جَوَّزوا لَعِبَ القِمَارِ وحَللَّوا
أكلَ الرِّبا وأُبِيحتِ الصَّهْبَاءُ
وتَبدَّلُوا قِيمَ الزَّواجِ صداقةً
وإذا النِّساءُ لدى الرِّجالِ غُثَاءُ
دعوى التَّحَرُّرِ في الفتاةِ أو الفَتى
أعطتهُمَا حَقَّ الفُسُوقِ فَسَاؤا
والأرضُ تستجلي القُلوبَ فما بِهَا
عَمَتِ القُلوبُ أصَابَها الإعياءُ ؟
تتباينُ الآراءُ بينَ مؤيِّدٍ
أو رافضٍ ما خَطَّهُ القُدَمَاءُ
لا تَعْظُمُ الأفكارُ إلاَّ إن علا
فِيها ابتكارٌ مُلْهَمٌ وضَّاءُ
يسمو الجديدُ وكلُّ عِلمٍ نافعٍ
يَسعى لَهُ الحُكماءُ والعُقلاءُ
أمَّا إذا مَسَّ العَقِيدَةَ والنُّهَى
سيكونُ مَصْدَرَ رَفضِهِ العُلماءُ
من جَاءَ يَبْتَاعُ الضَّلالةَ بالهُدى
لا تَرتَضِيهِ شَريعةٌ سَمحاءُ
حَسنَاءُ إنْ جَلَّ الأسى لا تقنطِي
كُلُّ ابنُ آدمَ عَاثِرٌ خَطَّاءُ
عُودِي إلى دَربِ التُّقى واستغفري
فالله يَغفِرُ ما جنى الأحياءُ
إنَّ الخطيئةَ فِطرةٌ مَورُوثةٌ
للهِ فيها حِكمةٌ وقَضَاءُ
والله يَعصِمُ من يَشاءُ وعِندَهُ
كُلُّ الخلائِقَ في الحُقوقِ سَواءُ
رُحْمَاكَ رَبُّ العالمينَ فمن تُرى
إلاَّكَ يَستقوِي بِهِ الضُّعَفَاءُ ؟