رئيس هيئة الأركان العامة يستقبل قائد القيادة المركزية الأميركية    إتاحة باب الانتساب لنزلاء السجون الراغبين في إكمال دراستهم بالشرقية    جامعة الملك سعود توعي باضطرابات التخاطب والبلع    أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات في الطريق إلى إسرائيل    تطويق جنوب غزة.. انتشار عسكري إسرائيلي شرق وغرب معبر رفح    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    الذهب يحقق مكاسب أسبوعية وسط آمال خفض أسعار الفائدة    «هيئة العقار»: 3404 بلاغات و251 مخالفة خلال الربع الأول من العام الحالي    خيرية آل عبدان في ذمة الله    هندسة جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تشارك في مبادرة "مجتمع أبحاث المياه    ستانيشيتش: بلوغ نهائي الدوري الأوروبي أهم لليفركوزن    استمرار هطول أمطار رعدية متوسطة على معظم مناطق المملكة    بيئات قتالية مختلفة بختام "الموج الأحمر 7"    رسالة رونالدو بعد فوز النصر على الأخدود    مدرب الأخدود: كنا نستحق الفوز على النصر    تيك توك تضع علامة على محتويات الذكاء الاصطناعي    مقرن بن عبدالعزيز يرعى حفل تخريج الدفعة السادسة لطلاب جامعة الأمير مقرن    الشاعرة الكواري: الذات الأنثوية المتمردة تحتاج إلى دعم وأنا وريثة الصحراء    العرب ودولة الإنسان    629 موقعاً مزيفاً تستهدف جيوب السعوديين ب«الاحتيال»    حين يتحوّل الدواء إلى داء !    أدوية التنحيف أشد خطراً.. وقد تقود للانتحار !    ذكاء التوقيت والضمير العاطل    المركز الوطني للمناهج    ب 10 طعنات.. مصري ينهي حياة خطيبته ويحاول الانتحار    لاعبو الأندية الإيطالية خارج القائمة.. ولاعبو «البريمير ليغ» الأكثر حضوراً    الاتفاق والنصر إلى المباراة النهائية لممتاز قدم الصالات    الاتحاد يتغلّب على الهلال وينتزع ذهب نخبة الطائرة    رَحِيلُ البَدْرِ    انكسار الهوية في شعر المُهاجرين    جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز تحتفل بتخريج الدفعة السادسة    مفوض الإفتاء في جازان يشيد بجهود جمعية غيث الصحية    جمال الورد    سقوط الجدار الإعلامي المزيف    «البعوض» الفتاك    أمير منطقة جازان يلتقي عدداً من ملاك الإبل من مختلف مناطق المملكة ويطّلع على الجهود المبذولة للتعريف بالإبل    رئيس المجلس العسكري في تشاد محمد إدريس ديبي إتنو يفوز بالانتخابات الرئاسية    أولمبياكوس يهزم أستون فيلا ويبلغ نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    تعزيز الاستدامة وتحولات الطاقة في المملكة    الحياة في السودان مؤلمة وصادمة    أمانة الطائف تسجل لملّاك المباني بالطرق المستهدفة لإصدار شهادة "امتثال"    أسماء القصيّر.. رحلة من التميز في العلاج النفسي    كيف نتصرف بإيجابية وقت الأزمة؟    مكان يسمح فيه باقتراف كل الجرائم    دلعيه عشان يدلعك !    شركة ملاهي توقّع اتفاقية تعاون مع روشن العقارية ضمن المعرض السعودي للترفيه والتسلية    بلدية صبيا تنفذ مبادرة لرصد التشوهات البصرية    للرأي مكانة    رسالة من أستاذي الشريف فؤاد عنقاوي    تجنب قضايا المقاولات    تدشين مشروعات تنموية بالمجمعة    الملك وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في وفاة هزاع بن سلطان بن زايد آل نهيان    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من تركيا متجهة إلى المملكة    نائب أمير عسير يتوّج فريق الدفاع المدني بكأس بطولة أجاوييد 2    مفتي عام المملكة يستقبل نائب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي    المملكة تدين الاعتداء السافر من قبل مستوطنين إسرائيليين على مقر وكالة (الأونروا) في القدس المحتلة    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    القيادة تعزي رئيس البرازيل إثر الفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ومفقودين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغالاة في الديات عنت ومشقة للقاتل وأهله
نوهوا بموافقة خادم الحرمين الشريفين على ما انتهت إليه اللجنة المشكلة لدراسة الظاهرة ..عدد من الفقهاء: البريك: المبالغة تكرس العداوة وتقطع المعروف العبيكان: أقارب القاتل ربما استدانوا وعرضوا أنفسهم للسجن
نشر في الندوة يوم 18 - 02 - 2009

أجمع عدد من المشايخ والفقهاء على أن المغالاة في طلب الدية من قبل أولياء القتيل يدخل أولياء القاتل في عنت عظيم ومشقة كبيرة، وهذا خلاف مقصد الشريعة الإسلامية ، مؤكدين أن شريعة الإسلام شرعت الدية لجملة من المقاصد أبرزها رفع النزاع في تقدير القيمة حتى لا يتنازع الناس في تقديرها، إذ مهما اختلفت منازل الناس وأجناسهم، فهم جميعاً أمام تقدير الدماء سواء، فلا تفاوت بينهم، لذلك لم يترك الشارع أمر تقديرها للحاكم، بل تولى تقديرها بشرعه جلَّ وعلا.
وأكدوا أن المبالغة في عوض العفو عن القصاص والقود هو في حقيقته إمعان وتكريس في إبقاء العداوة وقطع المعروف بين الناس إذ لا قيمة لعفو ينجو به الجاني من القصاص ويهلك بسبب أسرته وقبيلته في جمع المال وإراقة ماء الوجه على أبواب المحسنين لأجل توفير ما اشترطه أهل القتيل من عوض مبالغ فيه.
ونوهوا بموافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله على ما انتهت إليه اللجنة المشكلة لدراسة ظاهرة المبالغة في الصلح في قضايا القتل ورأوا في تلك الضوابط التي توصلت إليها اللجنة قطعا لدابر الجشع واحتراما للأحكام الشرعية ومراعاة لذوي الميت الذين قد يقعون في أيدي بعض أهل الطمع والجشع ممن يستغلون ظروف أهل الميت فيأتون بأغلى الأسعار ويعطونهم أقلها .
فقد أكد فضيلة المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن العبيكان أن موافقة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على ما انتهت إليه اللجنة المشار إليها جاءت لتوقف ما كثر خلال الآونة الأخيرة من متاجرة في الأنفس حيث أصبح الناس يغالون كثيرا ويبالغون في طلب مبالغ كبيرة جدا مقابل التنازل عن القصاص.
ورأى فضيلته في ذلك سلبيات كبيرة منها أن أقارب القاتل ممن هم ليسوا بأغنياء والعاطفة تحملهم على تجشم الصعاب لأجل الحصول على المبلغ المطلوب وربما استدانوا وعرضوا أنفسهم للسجن وربما طالبوا أصدقاءهم وأقاربهم وحملوهم مالا طاقة لهم به , فضلا عن أن هناك من يطالب أفراد القبيلة بأن يتعاونوا معه لدفع المبلغ وأفراد القبيلة غالبهم فقراء أو متوسطي الحال.
ووصف الشيخ العبيكان توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بأن ما تجاوز حد الخمسمائة ألف ريال مقابل العفو عن القصاص مبالغ فيه بأنه توجيه حكيم وصائب ويتفق مع ما أصلته الشريعة الاسلامية .
تسهيل إجراءات العفو
في ذات السياق أكد عضو الجمعية الفقهية السعودية الدكتور صالح بن مقبل العصيمي أن توجيه خادم الحرمين الشريفين بتحديد الديات مقابل التنازل عن القصاص بما لا يتجاوز 500 ألف يتفق مع الحكم الشرعي الذي قيد الدية للقتيل سواء عمدا أو خطأ بأمر معلوم وهو مائة من الإبل على اختلاف في أوصافها .
وقال : إن هذا التوجيه سوف يسهم بمشيئة الله في الحد من الجشع خاصة وأننا وجدنا أسرا لا حد لنهاية المبلغ عندها مقابل العفو عن الجاني , ولكن طالما أن هناك شيئا محددا فإن هذا سيكون مدعاة لسرعة إعلان ذوي القتيل موقفهم الحقيقي إما دية أو قصاصا.
ودعا الشيخ العصيمي شيوخ القبائل وأولئك الذين يسعون للصلح أن يحولوا توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى واقع عملي وألا تكون هناك اتفاقات تحت الطاولة تلغي قيمة وأهمية هذا التوجيه , كما دعا أهل الخير ورجال الأعمال إلى ما حدده الله ورسوله من دية معلومة .
ويضيف الدكتور العصيمي : متى ما التزمنا بهذا التوجيه فسوف تسهل إجراءات العفو ويخفف عن كاهل محبي الخير من الأغنياء الذين يدفعون هذه الأموال من الصدقات والزكوات وسوف يجعلونها بما هو أنفع وأشمل .
من جهة أخرى أكد الداعية فضيلة الشيخ الدكتور سعد البريك أن توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يتضمن امورا عديدة منها الحث والترغيب في مساعي الصلح وحقن الدم وإصلاح ذات البين وقطع العداوات والثأر عملا بقوله تعالى : (لاخير في كثيرٍ من نجواهم إلا من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين الناس ، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً).
وأضاف كما تضمن التوجيه الملكي إشارة وتنبيها إلى أن المبالغة في عوض العفو عن القصاص والقود هو في حقيقته إمعان وتكريس في إبقاء العداوة وقطع المعروف بين الناس.
وحث الشيخ البريك ذوي القتيل على العفو عن القاتل لوجه الله تعالى طلباً للأجر والمثوبة التي وعد الله بها في قوله تعالى : ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله )،
وقال: إن المصيبة إذا كانت عظيمة والبلوى إذا كانت كبيرة فإن وجه الله أعظم والجنة أكبر والذين يبالغون في عوض العفو يعود هذا العوض بالمحق وعدم البركة وربما حصل بعده الشقاق وفي الآونة الأخيرة رأينا كثيرا من الناس قد عفا لوجه الله عز وجل ولم يشترطوا إلا ما ينفع الميت فقط من الصدقات الجارية مثل بناء مسجد ومدرسة تحفيظ قرآن ومكتب للدعوة وتوعية الجاليات او حفر آبار للسقايا وكل هذه تنفع الميت بالأجر والمجتمع.
من جانبه أوضح مشرف التربية الاسلامية بوزارة التربية والتعليم الدكتور خالد بن عبدالرحمن الشايع أن للنفس الإنسانية حرمة وكرامة بالغة، ولذلك شرع الله ما يصون هذه النفس الإنسانية.
ومن ذلك أن الله عدَّ القتل جرماً عظيماً وذنباً كبيراً، وتوعد فاعله بالوعيد الشديد فقال سبحانه: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء:93].
وقال :إن الله شرع القصاص في حق القتلة فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى) [البقرة:178]. وتعظيماً لشأن النفس الإنسانية حتى في القتل الخطأ، وحتى لو لم يكن مؤمناً؛ فلا يترك ذلك بلا مؤاخذة، ولذا قال سبحانه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء:92].
وأوضح الدكتور الشايع أن مؤاخذة القاتل مقررة في كل الشرائع السماوية، ففي شريعة اليهود كان القصاص في النفس والجراح حتماً على اليهود، ولم يكن لهم أخذ الدية، وأما في شرع النصارى فالواجب الدية، ولم يكن لهم القصاص، فخير الله تعالى الأمة الإسلامية بين القصاص وبين العفو بقبول الدية تخفيفاً منه وهذا دل عليه قول رب العزة سبحانه: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة:178].
وبين أن العلماء قرروا أن الله تعالى شرع الدية في القتل الخطأ دون بيان قدرها، لكن جاء بيانها في الوحي الثاني: السنة النبوية الشريفة ومنه ما روى أبو بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتاباً جاء فيه: (أن من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فإنه قود، إلا أن يرضى أولياء المقتول، وأن في النفس الدية: مائة من الإبل... إلى أن قال: وأن الرجل يقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار) رواه النسائى. ولهذا اتفق الفقهاء على أن مقدار الدية في قتل الحر المسلم مائة من الإبل، كما جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن.
ولفت النظر إلى ما نعيشه حاليا من المغالاة في طلب الدية من قبل أولياء القتيل إلى حد كبير جداً يدخل أولياء القاتل في عَنَتٍ عظيم ومشقة كبيرة، وهذا خلاف مقصد الشريعة، فشريعة الإسلام شرعت الدية للمقاصد والحكم المتقدمة، وليس المراد منها إظهار أولياء القتيل قدره عندهم ليذهبوا في المزايدة بالملايين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.