في ميدان تعامل الناس مع الناس يتبين أهل النوايا الصالحة الذين يودون الخير للناس من أهل النوايا الفاسدة أهل الأحقاد الفاسدة التي فشت في أوساط كثير من مجتمعات لا تخاف الله اذ لا تبالي بضرر الناس، فالحقد مرض اجتماعي خطير يفتك بالمجتمعات : وهو سوء الظن واضمار الشر والضغائن في القلب على الخلائق لأجل العداوة وهو مصدر للعديد من الرذائل مثل الحسد والافتراء والبهتان والغيبة والفساد، يحمل صاحبه على النفاق، قال الله تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام واذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد). فالأحقاد نزغ من عمل الشيطان لا يستجيب له الا من خفت أحلامهم وطاشت عقولهم، لأن الحاقد جاهل بربه وبسننه في هذا الكون، لأن لله حكما قد لا تظهر في التو واللحظة، وقد يكون ما ظنه الحاقد نعمة فاتته وأدركت غيره مجرد ابتلاء واختبار تجلب على صاحبها من العناء ما لا يطيقه الحاقد الذي يتمناها، وصدق من يقول : القلوب ظروف، فقلب مملوء اسماناً وعلامته الشفقة على جميع المسلمين والاهتمام بما يهمهم، ومعاونتهم على مصالحهم وقلب مملوء نفاقاً فعلامته الحقد والغل والغش والحسد فمع مرور الزمان يظهر، قال الله عز وجل: (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله اضغانهم). فالحقد يفضي الى التنازع والتقاتل واستغراق العمر في غم وحزن وقد يحدث الحقد بسبب خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله تعالى، فالحاقد قلق النفس دائماً لا يهدأ له بال طالما رأى نعمة الله يسعد بها سواه.. قال تعالى (إن تمسسكم حسنة تسؤهم وان تصبكم سيئة يفرحوا بها). فالحاقد ساقط الهمة، ضعيف النفس، واهن العزم، كليل اليد، غبي ينظر الى الامور نظرة قاصرة لا تجاوز شهواته الخاصة، قال الشاعر: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ولا ينال العلا من دأبه الغضب والقضاء على الحقد يكون بترك الغضب والحسد والتحلي بالحلم وكظم الغيظ وبالتسامح تموت الأحقاد وتحل المحبة والألفة. فعن جابر رضي الله عنه قال : (تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فمن مستغفر فيغفر له ومن تائب فيتاب عليه ويرد اهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا). والحقد داء دفين يفتك بالافراد والمجتمعات ولذا قال بعض العلماء: ليس أروح للمرء، ولا اطرد لهمومه، ولا اقر لعينه من ان يعيش سليم القلب، مبرأ من وساوس الضغينة، وثوران الأحقاد، اذا رأى نعمة تنساق لأحد رضي بها، وأحس فضل الله فيها، وفقر عباده اليها، واذا رأى أذى يلحق احدا من خلق الله رثى له، ورجا الله ان يفرج كربه ويغفر ذنبه، وبذلك يحيا المسلم ناصع الصفحة، راضيا عن الله وعن الحياة، مستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى، ذلك أن فساد القلب بالضغائن داء عضال، وما أسرع ان يتسرب الايمان من القلب المغشوش، كما يتسرب السائل من الإناء المثلوم، فالحقد يغضب الرب عز وجل ويؤدي بصاحبه الى الخسران المبين في الدنيا والآخرة. وان الشيطان يزين الشر في نفوس الناس حتى تتنافر الأفئدة ودها ويرتد الناس الى حال القسوة والعناد، يقطعون فيها ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض وقد كره الإسلام ذلك كله كراهية شديدة.