يعد جبل شدا بمنطقة الباحة واحدًا من أشهر الجبال في جنوب الجزيرة العربية، حيث يرتفع عن سطح البحر قرابة 1700م، وهو اليوم مقصد سياحي يفد إليه السياح من داخل المملكة ومن البلدان العربية ومن دول أوروبا أيضًا. ويتشكل جبل شدا جيولوجيًا من صخور جرانيتية عظيمة، كما يشتهر بكثرة المغاور والكهوف الجرانيتية الواسعة والتي استخدمها سكان هذا الجبل منذُ آلاف السنين عبر حقب زمنية بعيدة جدًا كمساكن لهم، دل على ذلك كثرة الرسوم والنقوش الثمودية والسبئية في مغارات وكهوف هذا الجبل. وقد اُستغلت هذه الكهوف كمساكن جاهزة لا تحتاج سوى بناء قليل من بعض الجوانب المفتوحة فسكنت منذ تلك الأزمان. وشهدت الكهوف عودة الأهالي بتحويلها نزلًا حيث قام الكثير من سكان الجبل بابتكار وتوظيف جديد لبعض الكهوف الموجودة فيه وذلك بنحتها وتهذيبها لإيجاد مساحات واسعة لتصبح بعد ذلك مزارات سياحية مشهورة، بل وصل بعضهم إلى عمل المغاسل وصنابير الماء من الحجر الجرانيتي الصرف، والقيام برصف بعض مسارات طريق السيارات بالحجارة عبر كهوف ومغاور لتصبح أنفاقًا طبيعية يمارس عبرها قائد المركبة تجربة المغامرة. وجبل شدا حباه الله تكوينًا جيولوجيًا تشكل عبر حقب الزمن البعيدة بما في ذلك كثرة الأشكال الجيوموفولوجية ذات الأشكال العجيبة، ومكانًا استثنائيًا وفريدًا لممارسة السياحة الجيولوجية فيه كنمط جديد في مفهوم السياحة، وهذا المفهوم الجديد يضيفُ إلى السياحةِ الترفيهيةِ وسياحة الاستجمامِ السياحةَ العلميةَ التي تصلح للأكاديميين وطلاب الجامعات لاسيما إذا عرفنا أن هيئة المساحة الجيولوجية عدته من طلائع التكوينات الجيولوجية على الأرض ويقدر عمره ب 763 مليون سنة وهو الآن يحظى بزيارات الفرق السياحية والسواح الأجانب والعديد من الراغبين في التوجه نحو أماكن ووجهات سياحية مختلفة وجديدة. وفي هذه السياق أطلقت محافظة المخواة مبادرة بعنوان الطريق إلى القمر للتعريف بهذا الجبل. وبحسب محافظ المخواة نايف الهزاني فإن مبادرة الطريق إلى القمر التي أطلقتها المحافظة برعاية وكيل إمارة منطقة الباحة المكلف أحمد بن صالح السياري تعد أحد أهم جوانب الدعم لهذا النوع من السياحة ويؤمّل أن تساهم في التعريف بالسياحة. وأكد أن هذه المبادرة تعتبر فرصة مواتية للتعريف بالمقومات السياحية والتاريخية والإرث الحضاري الذي يتمتع به جبل شدا، كما أنها تعتبر منطلقًا رئيسيًا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتعريف بهذا الموقع كوجهة سياحية وما يتمتع به من تنوع جغرافي فريد يؤهله لأن يكون أحد أهم مقومات التنمية المستقبلية في هذا الجزء من الوطن.
