كثير من الأبحاث والدراسات تؤكّد أن للحالة النفسية والدينيّة والاجتماعيّة أثرًا كبيرًا على كيمياء جسم الإنسان وفيزيولوجيته. وكثير من العلوم والبرامج التطويرية التحفيزية خرجت لنا باعتقاد مفاده: أن أفكارنا وأحاسيسنا ومعتقداتنا وآمالنا ليست سوى تفاعلات كيماوية وكهربائية تفعل فعلها في الخلايا العصبية للدماغ.. حين تتغيّر أفكارنا يتغيّر دماغنا، ممّا يؤثّر في الكثير من العمليات الحيوية في أجسامنا، وهذا يعني أيضًا أن الدماغ هو خط الدفاع الأول الذي يحمي الجسم من الأمراض. وهو المضمون نفسه الذي تدور حوله الكثير من نتائج الدراسات والبحوث والاستنتاجات الطبية. فكلما تحلّى الأشخاص المرضى بدرجة كبيرة من التفاؤل والأمل قوي لديهم جهاز المناعة وخفت حدة الضغط النفسي وزادت حظوظهم في الشفاء. ومن واقع التجارب التي أخوضها مع أصحابها من المرضى أستطيع القول: إن الإيمان والأمل والتخلي عن مشاعر القلق والضعف واليأس هي من العوامل التي تساعد المرضى على تحسن أوضاعهم الصحية وربما إطالة أعمارهم أيضا. وقد أثبتت العديد من الدراسات أننا حين نكون محبطين بائسين يتعطل نظام المناعة وتبدأ الأمراض تنهش في الأجساد. ممّا يؤكّد أهمية مواجهة الحياة بتفاؤل والنظر إلى النصف الملآن من الكوب، وإن كنا لا نستطيع ذلك بأنفسنا علينا أن نلجأ إلى من لديه الطاقات الإيجابية ليزرع بداخلنا بذرتها ويمنحنا القدرة على التفاؤل والأمل شريطة أن نعطي أنفسنا فرصة أن نتجاوب معه ونجرّب كيف نعيش بطريقة مختلفة. إن الأمل والتفاؤل أفضل علاج.. فكلّما كان المريض واثقا في الله، حسن الظن به.. يزوّد روحه وقلبه بزاد التفاؤل.. كانت فرصته في الشفاء أكبر وأسرع، فالضغوط النفسية والهموم الحياتية والإحباط أمور تلعب دورًا كبيرًا في التأثير على الصحة. فالدراسات العلمية والطبية الحديثة تشير إلى وجود علاقة سببية بين الضغط النفسي والأمراض. فمن 60 إلى 90 في المائة من الأمراض على صلة مباشرة أو غير مباشرة بالضغط النفسي الذي يسبب أو يسهم في حدوث الكثير من الأمراض. فحينما يكون الإنسان في حال ضغط نفسي فإن مناطق عدّة في دماغه تعمل وتفرز هرمونات ومواد كيماوية تؤثر في جهاز المناعة وتضعف مقاومته، وتعمل على سدّ الكثير من مسارات الطاقة لديه، وتكوّن احتقانات مما ينعكس على جسده فتظهر المعاناة في صورة أعراض وأمراض عضوية تتفاقم حتى لا تبقي ولا تذر شيئًا من فرصته في الشعور بالراحة أو هناء العيش. وقد حمل ذلك المضمون قول لأحد الباحثين البريطانيين: "إذا كنتم على حال مستمرة من الضغط النفسي وتعرضتم إلى عملية جراحية، فإن جروحكم، خلافًا للأصحاء، بحاجة إلى وقت طويل لكي تندمل". وأضيف قائلة: إن الأشخاص المتفائلين والجريئين يملكون طاقة شفائية ذاتية تؤثّر على جهاز المناعة وتمنحه القوّة الداعمة له والرافعة لكفاءته، بينما يفتقر إلى ذلك المتشائمون الذين يستسلمون غالبًا إلى الضغط النفسي. [email protected]