انقضت خمسة أشهر على الثورة الشعبية في تونس منذ الاطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي وحملت تغييرات جذرية طالت مختلف أوجه الحياة فى البلاد ، ومنها المساجد التونسية ، إذ بعد سنوات من التضييق والمراقبة إبان الحكم السابق انطلقت مساجد تونس لتضطلع بدورها فى المجتمع بعد ان نفضت عن نفسها غبار تلك الحقبة. وقد عرفت المساجد التونسية نقلة نوعية على جميع المستويات حيث تغيّر بل انقلب الخطاب الدينى الذي قطع جذريا مع النهج السابق الذي كان موجهًا رسميًا واتسم الخطاب الجديد بالعمق والانفتاح على مسائل كانت من المحظورات .. فيما اصبح الدعاء من المنابر موجهًا لتونس والتونسيين دون ولي الأمر الذى كان الدعاء له مفروضًا . كما خاض الخطاب الديني في الشأن السياسي وتجاوز الامر فى بعض الحالات إلى الدعاية الحزبية والسياسية الامر الذى عارضته السلطات الرسمية والقائمون على المساجد ومختلف فئات المجتمع التى حرصت على إبعاد المساجد عن اللعبة السياسية . هذا التغيّر صاحبه ظهور فئة من الأئمة والقراء الشبان الذين ازاحوا الحرس القديم فى عمليات صاحبها فى بعض الحالات حوادث عنف وفوضى وتوجت فى النهاية باعتلائهم المنابر بأصواتهم الشجية إلى جانب عودة بعض العلماء الذين تم إبعادهم من قبل اجهزة النظام السابق لتوجهاتهم الدينية وخطابهم النقدي . النقلة النوعية التي شهدتها بيوت الله وحرية ممارسة العبادة جذبت اعدادا كبيرة من المصلين خاصة من فئة الشباب مع ظهور وبروز بعض السمات كإطلاق اللحى وانتشار الحجاب بين النساء . وبالتوازي راجت حلقات العلم والذكر وحفظ القرآن وجال عدد من العلماء الذين قدموا من الخارج او ممن تلقوا تعليمهم في دول اسلامية اخرى بين المساجد لتقديم الدروس وتحفيظ القرآن وانتشرت المدارس القرآنية في انحاء البلاد.