قامت صحيفة إندبندنت البريطانية بتغطية تصميمات مؤتمر عقد أواسط الشهر الماضي في مدينة بلاريا بإيطاليا، تحت عنوان (ماذا قدم المسلمون لأوروبا)، والذي أكد المؤتمرون فيه على أهمية وجود رؤية عصرية للمساجد في غرب أوروبا، تراعي ثقافة الغرب ونمط البنيان العمراني للمجتمع المحيط، وفي نفس الوقت تحفظ للمسجد سمته الإسلامي. كما أكدوا احترامهم للثقافة والبيئة الغربية، وشددوا في ذات الوقت على ألا تتعارض هذه المبادئ مع ثوابت وتعاليم الدين الإسلامي. وربطت الصحيفة بين قيام هذا المؤتمر وما تشهده بعض أنحاء أوروبا من جدل محتدم بشأن الوجود الإسلامي وارتفاع صوت الأحزاب اليمينية المتطرفة، وقالت: يأتي هذا المؤتمر في ظل الجدل الدائر حاليا في الغرب حول المآذن، ومطالبة جهات يمينية متشددة بمنع بنائها، وفي مقدمتها اليمين السويسري الذي نجح من خلال استفتاء شعبي أجري في نهاية العام الماضي في الحصول على موافقة غالبية الشعب السويسري من أجل طرح مشروع قانون يمنع بناء مزيد من المآذن في البلاد. ووصفت الصحيفة نتائج ذلك الاستفتاء بأنها مثيرة للجدل وأنها يمكن أن تعمق من الانقسام والخلافات بين أبناء القارة الواحدة، وأشارت إلى تبني بعض الأحزاب اليمينية في دول أوروبية أخرى لذلك النهج، وقالت: رغم تداعيات ذلك الاستفتاء الذي لقي معارضة واسعة في مختلف أنحار القارة الأوروبية وتنصلت عنه الحكومة السويسرية وأعلنت تبرؤها ممن طرحوا الأمر على الاستفتاء العام، إلا أن بعض الدول الأوروبية مثل بلجيكا وألمانيا بدأت السير على خطى اليمين السويسري في إعلان معارضتها للمآذن، وذلك استجابة لمزاعم بعض الجهات التي تزعم اختطاف أوروبا بواسطة المسلمين، وأن هناك من يعملون على أسلمتها. كما سارت بعض الأحزاب الأوروبية مثل حزب الحرية اليميني الهولندي الذي يتزعمه النائب المثير للجدل غيرت فيلدرز المعروف بعدائه للإسلام والمسلمين، وكان فيلدرز قد أنتج فيلماً مسيئاً للإسلام أطلق عليه اسم (فتنة) بداية العام الماضي، كما أعلن قبل فترة قصيرة عزمه على إنتاج الجزء الثاني من الفيلم، مما أثار ضده عاصفة من الاحتجاجات والاعتراضات أوصلته إلى منصة القضاء بتهمة نشر الكراهية وإشاعة البغضاء. واستطلعت اندبندنت آراء بعض المشاركين في المؤتمر من ممثلي الجاليات الإسلامية في أوروبا، وقالت: في المؤتمر قال الدكتور سمير إسماعيل رئيس مجلس أمناء الرابطة الإسلامية ببولندا أن تصميم المركز الإسلامي الذي يقام حاليا بوسط العاصمة وارسو يتوافق مع هذه الرؤية ويتناسق مع الطراز الأوروبي المعاصر، ويعكس الهوية الإسلامية، معرباً عن أمله في أن "يساهم المركز في مد جسور التواصل والحوار مع الشعب البولندي بجميع أطيافه، وفي توضيح صورة الإسلام الصحيحة والوسطية بأساليب جديدة وحضارية تتماشى مع المرحلة الحالية ووفق متطلبات العصر". وبدوره أعرب عبد الحميد الحمدي رئيس المجلس الإسلامي الدنماركي في ورقته أمام المؤتمر عن ترحيبه بهذه الرؤية قائلا: هذا الحل يندرج في إطار البحث عن تحقيق المصلحة، وحتى نثبت للآخر انتماءنا لهذا المجتمع الذي نعيش فيه، وأننا لسنا دخلاء عليه. ونفى الحمدي أن يكون هذا المؤتمر معنياً بالتخلي عن المآذن بسبب إثارتها لحفيظة بعض التيارات المعادية للإسلام في الغرب، مشيراً إلى أن غالبية المساجد في أوروبا بها منارات وقباب، مؤكداً أن السلطات الدنمركية لا تعارض بناء المآذن في المساجد ما دامت غير متعارضة مع السمت الهندسي العام للبلاد.