التصريح الذي أدلى به معالي وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة ، وحمَّل فيه الصحافة السعودية مسؤولية عدم وصولها إلى أعلى سقف للحرية ، يُعد حافزا مشجعا لصحافتنا لبذل المزيد من الجهد ، والمضي قُدماً في مشوارها التوعوي ، ونقدها للأداء الحكومي ، وكشفها للكثير من الممارسات التي تظل خافية عن أعين المسؤولين ، وللحقيقة ، فإنه يجدر بنا - ونحن نعيش مرحلة المجاهرة الإعلامية والكشف عن بعض السلبيات - أن نعترف بأننا نعيش أعلى مراحل الحرية ، ونتربع على هرمها بعد أن أطلق خادم الحرمين الشريفين إشارة ( الضوء الأخضر ) لإعلام متزن ورأي حر مسؤول ، يرتقي بمجتمعه ، ويحارب الفساد الذي عم أجزاء كثيرة من مؤسسات الدولة ، ويدافع عن قضايا وطنه وأمته ، ولا يدرك هذا التحول ، أو هذه المساحة الشاسعة من الحرية التي يركض الإعلام في كافة جهاتها بلا أفق ، إلَّا أولئك الذين أدركوا ( عهود الصحافة ) في كافة مراحلها . إنه لأمر مشجع أيضا أن يعلن الدكتور « الخوجة « عن مناصرته لوسائل الإعلام المحلية ، واستعداده لارتداء عباءة ( المحاماة ) للدفاع عن كل طرح يتسم بالجرأة والموضوعية ، وهي ثقة ، ومناصرة ، من المؤكد أنه استمدها من « ولي الأمر « الذي رأى بثاقب بصيرته - في الصحافة إن صح التعبير - مصادر استخبارية ، تبث تقاريرها للمسؤول وعلى الملأ ،وبعلم ( الجاني ) وليس خفية ، ولقد برهنت الصحافة من خلال أطروحاتها الجريئة خلال العامين الماضيين أنها مكان الثقة ، فقد أماطت اللثام عن وجوه الكثير من المفسدين ، وفتحت الكثير من الملفات التي كانت بمثابة ضربات موجعة لمسؤولين ( سادوا ) كانوا يعقدون صفقاتهم في الظلام . نعود لنقول بأن مرحلة « تكميم الأفواه « قد ذهبت بلا رجعة ، وأن سقف الحرية الذي دعا خادم الحرمين الشريفين الإعلام السعودي إلى ارتقائه ، يدل على إدراك ووعي المسؤول الأول برسالة الإعلام ودوره في مسيرة الإصلاح والتوجيه والتثقيف . يقول لي ( إعلامي مخضرم ) بأنه في فترة ماضية ، لم يكن مسموحا لأي مسؤول أو إعلامي بإجراء لقاء إذاعي أو تلفزيوني معه دون أخذ الموافقة من وزارة الإعلام . لكننا اليوم نرى محللينا ، ومعلقينا ، والمختلفين معنا ، يظهرون على ( شاشات كل الدنيا ) عبر القنوات التي تتفق أو تختلف مع منهجيتنا بدون إذن مسبق ، وكل يدلي بدلوه ، حسب ثقافته ، وفكره ، وانتمائه . ولقد عجبت لرد الرئيس الأمريكي السابق « جورج بوش « حينما سُئل عن أسباب ظهوره على إحدى القنوات المعادية لسياسته إبان غزو بلاده للعراق فرد قائلاً : « ماذا ستفعل لي القنوات الصديقة ؟ أنا أريد أن أصل برسالتي للمعارضين ، وهم لا يتواجدون إلَّا هناك ، ولقد نجحت «. ونحن سننجح بعون الله ، وبلادنا ستتطهر من الفساد ، وسيُقضى على الرشاوى والجريمة إذا ما تعاملنا مع سقف الحرية الممنوح لنا بكل مهنية ، وبالإثباتات والأدلة ، وبدون إثارة أو بلبلة .