سوق تمور بريدة العلامة البارزة لهذه المدينة التي خرجت من رحم الصحراء ويبدو أن ولادتها الأولى كانت توحي بحاضرها الزراعي المتألق الذي أصبح جانباً من جوانب مجد بريدة وحلقة مضيئة ضمن سلسلة تفوقها وزهائها فاسم هذه المدينة ارتبط ابتداءً ببئر للمياه أو لبرودة مائها وفي كلتا الحالتين فإن الماء يعني الحياة والنماء والشموخ. هكذا يعبر عن ذلك سوق التمور الحالي ويكفي إطلالة واحدة عليه لاستحضار مساحة العطاء الإنساني ما بين الولادة وبلوغ الأشد حتى ارتبط التمر ببريدة وأبنائها الذين أجادوا فن التعامل مع النخلة التي بادلتهم الحب بالحب فجادت وربت ورفعت قبعة التحية لبريدة ورجالها فكانت هذه السوق المشهد المعبر عن ذلك وتلك. ومع الإنطلاقة الرسمية لموسم تمور عاصمة التمور فقد شهدت هذه السوق قوة شرائية متزايدة في غضون الأيام القليلة الفائتة وبدأ العرض في تزايد مطرد وبمختلف الأصناف المطلوبة عادة في هذا الوقت بالذات. زيادة العرض هذه واكبتها زيادة في الطلب حيث تهافتت أعداد كبيرة من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي ومدن المملكة ومناديب الشراء لشركات التمور المسوقة في الدول الأوروبية ودول أمريكا الجنوبية وغيرها حتى أصبحت بريدة ومع إشراقة شمس كل يوم تظاهرة رائعة تنبض بالحياة والإشراق حجم سوق بريدة وحركته التجارية تجسد فعلاً مكانة بريدة الزراعية وأنها سلة غذاء المملكة التي تعطي بسخاء وتجود بكل خير الأمر الذي منحها الريادة والتفرد في جملة من المعطيات لعل من أبرزها إنتاج التمور الذي أضحت عاصمة له وعنواناً بارزاً للنخلة. ويبدو أن تصاعد وتيرة هذه السوق ونموها عاماً بعد عام جاء بناءً على تجارب المستهلكين الذين يجدون فيه كامل مبتغاهم وبجودة عالية ووفق شروط صحية مثالية. ومع تنوع تمور بريدة التي تصل إلى قرابة المائة صنف إلاَّ أن السكري لا يزال يواصل التغريد متربعاً على هرم الترتيب مقترباً من 400 ريال للسطل الذي يزن ما بين 3.5 - 4 كجم يليه الأصناف الأخرى التي تتراوح ما بين 30 - 100 ريال لعبوة السطل 4 كجم. هذا ومن المتوقع أن يشهد السوق حركة غير عادية خلال إجازة نهاية الأسبوع الجاري (الخميس - الجمعة) حيث ستتجه مجموعة كبيرة جداً لشراء التمر نظراً لقرب بداية العام الدراسي إذ يعتزم الكثيرون السفر إلى خارج المنطقة برفقة أبنائهم استعداداً للدراسة وكذا منهم خارج بريدة ومنطقة القصيم ويرغبون زيارة بريدة بصحبة أبنائهم واقتناء حاجتهم الموسمية من التمور 00 ويبدو أن قرب شهر رمضان المبارك ساهم في زيادة الطلب على تمر (الخراف) هذا الموسم. وتبعاً لذلك فإن أمانة القصيم اتخذت الاستعدادات المناسبة تحسباً لسوق غير عادية يومي الخميس والجمعة المقبلين.
