اتجاهات المؤشر العام للسوق لقد هوي مؤشر سوق الأسهم للمرة الثالثة على التوالي الأسبوع الماضي بنحو 559 نقطة أي بنسبة 3.03% ليصل إلى 17925 نقطة، وهي نقطة تكاد تقترب من مستوياته المتدنية في بداية يناير الماضي. وقد تراجعت أسهم حوالي 68 شركة في مقابل ارتفاع 10 شركات. وقد انتابت المؤشر خلال الأسبوع الماضي تقلبات حادة، حيث انحدر المؤشر مع أول أيام تداولات الأسبوع بنحو 910 نقطة، وليهبط إلى مستوى 17576 نقطة، ثم بدأت عملية جني أرباح صعدت به إلى مستوى 17978 نقطة وبنسبة 2.3% في تداولات يوم الأحد، ثم ازدادت عملية جني الأرباح لتصعد به مرة ثانية بنحو 861 نقطة يوم الاثنين، ثم بدأت رحلة نزول أخرى أفقدته نحو 699 نقطة والتي ربما تكون نتيجة عمليات تصريف عنيفة، تلاها هبوط أكثر حدة يوم الاربعاء خسر خلالها المؤشر نحو 853 نقطة، ليستقر عند 17287 نقطة، ووسط تراجع لأغلب الشركات بالنسب القصوى خاصة أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة برزت مقاومة لبعض الأسهم القيادية التي حافظت على المؤشر من إحراز مزيد من الانحدار، والتي كانت واضحة في تداولات الخميس، بحيث استطاع المؤشر أن يكتسب 637.8 نقطة، ليغلق عند مستوى 17925 نقطة. وعلى ما يبدو أن المؤشر قد لامس نقطة المقاومة المحددة بمستوى 17287 نقطة، والتي ارتد عندها مباشرة. إن المتأمل يكتشف أن السوق قد مر بثلاث موجات تصحيحية على مدى الأسبوعين الماضيين، بدأت الموجة الأولى للتصحيح في يوم 26 فبراير واستمرت لمدة يومين خسر خلالها المؤشر 1895 نقطة، تلى ذلك بعض التحسن. ثم بدأت الموجة الثانية في الأول من مارس واستمرت لمدة ثلاثة أيام خسر فيها المؤشر 1926 نقطة. ثم أيضا بدأ يعود بعض التحسن، حيث استطاع المؤشر تعويض حوالي 1262 نقطة من خسائره. حتى بدأت موجة ثالثة من النزول أفقدت المؤشر مرة ثانية ما يزيد على 1552 نقطة، حتى طرأ بعض التحسن في نهاية تداولات يوم الخميس. أما من حيث خسائر السوق خلال تلك الموجات التصحيحية، فقد انخفضت القيمة السوقية بنحو 158.7 مليار ريال حتى نهاية الأسبوع الأخير من فبراير والمنتهي في 2 مارس، ثم خسر 80.6 مليار ريال خلال الأسبوع الأول من مارس (والمنتهي في 9 مارس)، أي خسر إجمالا ما يعادل 239.3 مليار ريال. بالتحديد، لقد انخفضت القيمة السوقية للاسهم من حوالي 2.91 تريليون ريال في نهاية شهر فبراير الماضي إلى نحو 2.67 تريليون ريال في نهاية الأسبوع المنصرم. ولابد أن نعترف أن نسبة هذا الانخفاض ليست بالصغيرة، وبخاصة إذا أخذنا في الاعتبار أنها حدثت على مدى فترة قصيرة. أما من حيث مؤشرات الأداء الرئيسة، فعلى الرغم من الاخفاق التي انتاب المؤشر العام للسوق إلا ان هناك تحسنا نسبيا يكاد يكون ملحوظا على مستوى مؤشرات كمية التداول (التي تزايدت بنحو 25.1% عن مستواها في الأسبوع الماضي) ومؤشر عدد الصفقات الذي ارتفع بنحو 7%، ومؤشر قيمة التداول الذي ارتفع بنحو 2.9%. إلا إن المدقق للاحصائيات يلاحظ أنه على الرغم من ارتفاع متوسط حجم الصفقة خلال الأسبوع المنصرف بنسبة 16.8%، إلا ان متوسط قيمة الصفقة قد انخفض بنحو 3.9%، بما يؤكد ضعف أو تردد السيولة النقدية الداخلة للسوق، بحيث أن عدد الصفقات زاد وكميتها زادت، إلا إن القيم التي نفذت بها هذه الصفقات لا تزال دون المستوى المطلوب لدعم المؤشر العام للسوق. ومن المناسب في ظل مثل هذه الأزمة التي يمر بها السوق الاهتمام بمؤشر حجم السيولة اليومية في السوق لإعطاء صورة ربما تكون أكثر تعبيرا عن أداء السوق، حيث يضح أنه على مدى الأسبوعين الماضيين وبعد المستوى القياسي الذي حققته بما يتجاوز 40 مليار ريال حتى الأسبوع الثالث من فبراير الماضي، بدأت تتراجع إلى أقل من 7 مليار ريال خلال الأسبوع الماضي. وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة والحادة التي تسببت فيها هذه الموجات التصحيحية خلال الأسبوعين الماضيين، إلا انها أعادت على ما يبدو السوق لأوضاعه الطبيعية بعد فترات من الصعود الجنوني. فلم يكن أحد يتوقع أن يتجاوز المؤشر مستوى ال 16000 نقطة، فكيف الحال بوصوله إلى أعلى من مستوى 20000 نقطة. إن التصحيح مصطلح يرادف مفهوم تصحيح الأوضاع الخاطئة، وهو ما حدث بالفعل في السوق، حيث انخفض مكرر الأرباح للسوق بشكل ملحوظ من نحو 418 كمتوسط للأسبوع الأخير من فبراير إلى 270 كمتوسط للأسبوع المنتهي في 9 مارس. ملخص أداء القطاعات: أثرت الموجات التصحيحية الحادثة على أدوار وقيادة القطاعات المختلفة للسوق، فبعد فترة من التركيز على أسهم المضاربة، بدأ يتلاشى اللون الأخضر تماما من القطاعات التي يغلب عليها شركات المضاربة، وذلك لصالح قطاعات أخرى كانت مهملة، فهناك البنوك والاتصالات وبعض شركات القطاع الصناعي بدأ المستثمرون في التركيز عليها، وبخاصة عند وصول كثير من شركاتها إلى قيعان الهبوط. وقد اتشح قطاعا الزراعة والكهرباء باللون الأحمر ربما خلال كافة أيام تداولات الأسبوع المنصرف، وذلك رغم أن الكهرباء قد تصدرت كافة القطاعات الأخرى من حيث كمية التداول، بنحو 56.9 مليون سهم بقيمة تفوق 10.4 مليار ريال، إلا انها أغلقت على مستوى خسرت من خلاله نحو 5.3%. وقد تصدرت الصناعة قطاعات السوق من حيث إجمالي قيمة التداول التي وصلت إلى 41.9 مليار ريال محققة ارتفاعا بنحو 1.4% عن مستواها في الأسبوع الماضي. ملخص أداء السوق برزت خلال تداولات الأسبوع الماضي أسهم لشركات معينة أبدت مقاومة شديدة للهبوط، واستطاعت أن تغلق على الضوء الأخضر تمثلت هذه الشركات في الجزيرة، العربي الوطني، سامبا، البلاد، المجموعة السعودية، أسمنت اليمامة، خدمات السيارات، طيبة، مكة، جرير. وقد لعبت هذه الشركات دورا قياديا في دعم المؤشر الرئيس للسوق محتلة مكانة الصدارة لشركات أخرى. تنتمي أربعة من هذه الشركات لقطاع البنوك، وثلاثة لقطاع الخدمات، وواحدة للقطاع الصناعي، وواحدة لقطاع الأسمنت. وتحتل هذه الشركات مجتمعة نحو 13% من القيمة السوقية للاسهم ككل، وحازت على نسبة 18.4% من حجم السيولة في السوق الاسبوع الماضي. ولكن لماذا هذه الشركات بالتحديد استطاعت ونجحت في مقاومة الهبوط. إن ملاحظة مكررات الأرباح توضح أن هذه الشركات معا تشكل 67.4 في مقابل 270 للسوق ككل. إن عددا كبيرا من الأسهم القيادية بالسوق وصل إلى مستويات القاع، تلك الأسهم التي تقود حركة مقاومة شديدة لموجة التصحيح، وبخاصة الأخيرة، معتمدة على محفزاتها وأوضاعها وأرباحها المالية القوية والتي قد تتجاوز نسبة 75% تقريبا من ربحية العام الماضي. فعلى سبيل المثال، تظهر مع إغلاق الأسبوع الماضي شركات مثل الراجحي والاتصالات السعودية واتحاد الاتصالات والبلاد وينساب والتصنيع وجرير كشركات وصلت إلى مستويات هبوط قصوى قد لا يكون من المتوقع أن تهبط بعدها، وبخاصة لوصولها لمستويات سعرية تتناسب مع أدائها الحقيقي. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل انتهت تلك الموجات التصحيحية؟ لقد برز خلال الساعات القليلة الأخيرة جدل واسع بين المحللين والخبراء بشأن مدى انتهاء الموجات التصحيحية، أم أنه لا يزال هناك المزيد؟ إننا لن نجيب عن هذا التساؤل، ولكننا سنترك القارئ يجيب بنفسه من خلال وزن العناصر التالية: مسببات الهبوط - عدم وضوح الرؤية نتيجة انتشار كثير من الشائعات ضد استقرار السوق. - دور العامل النفسي نتيجة سيادة روح التشاؤم. - عمليات تصريف احترافية من صناع السوق. - عمليات جني أرباح قاسية من صناع السوق. - موجات بيع جماعية من صغار المستثمرين. - زيادة طلبات صغار المستثمرين على تسييل وحداتهم في صناديق الاستثمار. - اتجاه مديري المحافظ في صناديق الاستثمار إلى بيع الأسهم القيادية. - قرار هيئة سوق المال الذي سمح للمتعاملين المخالفين بالبيع دون الشراء. - الخلل في نظام تداول يمر حالياً بمرحلة ضغط كبير واختلال في النظام. محفزات الصعود - وصول كثير من الشركات الرابحة إلى قيعان هبوطها - حالة التفاؤل الكبيرة من جراء ميزانية العام الجديد - السيولة المرتفعة - توافر محفزات عودة نسب كبيرة من الأموال الوطنية بالخارج للاستفادة من فرص الربح من قيعان كثير من الشركات - محدودية الاستثمار في القنوات الاستثمارية الأخرى وضعف عوائدها - قيام صغار المستثمرين بعمليات شراء اعتباطية - الارتفاع النسبي لمؤشرات أداء السوق السعودي عن أداء جميع الأسواق العربية والعالمية. إن غلبت محفزات الصعود -في رأيك- مسببات الهبوط، فسيصعد المؤشر ويرتد وربما يعوض خسائره في وقت قياسي، ولكن إن غلبت مسببات الهبوط محفزات الصعود، فسوف يستمر المؤشر في النزيف. ولكن تحت افتراض الأسوأ؟ فما هو الحل؟ يؤكد بعض الخبراء (المتشائمون) أن السوق السعودي وصل الآن إلى حد السوق المسطح flat market وإن صدقت هذه التنبؤات، فإنه مع استمرار هذه الحالة لفترات طويلة أو حتى متوسطة، فإن السوق سيكون من المؤكد في حاجة لأموال جديدة من خارج السوق تضخ مرة بعد مرة لإنعاش السوق. (*) محلل مالي واقتصادي