مَنْ يجب أن يحاكم في هذا الزمان؟، هل يُحاكم مَنْ شعر بأن من حوله جزءاً منه أم يحاكم من جمع حب الكون وأهداه من حوله؟. هل يحاكم من طال بكاؤه خوفاً من فراق أحبته؟. اجتمع العديد من ذوي الوجوه المختلفة في قاعة المحكمة. أحبتي هذه المحاكمة جداً غريبة فقد بدأت في يوم ما بتاريخ ما ولم تنتهِ ولن تنتهي حتى يومنا هذا. أحداثها بدأت عندما عرف المتهم الأول عن نفسه قائلاً: أنا عظيم ذو شأن صاحب قدرة هائلة على التواصل عطائي بلا حدود نبرتي مصدر قوتي وقوة من حولي دافعت كثيراً وأعجب الجميع بفصاحتي. أقسمت غير هؤلاء لن أرضي أحبة غيرهم. لن أفصح له سري بدأ ذلك العظيم يتحدث ويتحدث بصوت مرتفع ونبرة مهزوزة بل مهزومة لقد أوشك على الانهيار فهو يقول لقد قلت الكثير وأفصحت عن الكثير ليس للجميع بل للشخص القريب لقد استرسلت بكل ما في داخلي بماضي وحاضري وأخبرته الكثير عن نفسي فقد أصبح جزءاً مني ولكنه بدأ يهاجمني ويقول إنك لتقول الكثير وتجرح الكثير إنك جزء سقيم في كيان لم يعد ذلك العظيم. بدأت الدهشة تعلو الوجوه في قاعة المحكمة حتى سمع بصوت مرتفع من يقول ويحك ماذا فعلت بنا جميعاً لماذا لم تخبرني أنك تحدثت عن الكثير تحدثت عما لا يحق لك أن تنطق به لبشر لماذا؟ هل أسأت لك لكي تتفوه بكلمات كالبركان تحرق بها ما أردت أن أحافظ عليه سنين طوال في داخلي نعم لقد حافظت عليه ولم يطلع عليه أحد. لماذا ضعفت وأخبرت به سائر البشر لماذا لم تمهلني قليلاً وتعطي كل منا حقه؟ لماذا أشعرتني بالألم؟ ألم تدرك ما تفعل؟ هل رضيت على نفسك وعليَّ وأنا صاحب القوة والمقدرة بأن أهان بأن يشاركني الجميع في حقي. هنا بدأ النقاش يزداد بين ندم العضو الأول واتهامات الطرف الثاني حتى سمعت صرخة أسكتت الجميع تقول بصوت مرتفع فليصمت الجميع (صمتاً أيها النطق المسيء يا من كنت تختفي بين شفتي في صمت دائم) (صمتاً أيها المتحكم القادر الذي لا ترضى أن تقهر أو تهان) فكلاكما نسي حقي فأنا مرهف ذو حس عالٍ لم أسمح لك بالكلام إلا بعد أن شعرت بالاطمئنان لم أدعك تفكر وتصدر قراراً إلا بعد أن شعرت بالاستقرار فأنا أردت أن (أحب وأحُب) ولكن لم أستطع فأنا المتهم الأول والأخير هنا بدأ الكل في قاعة المحكمة ينظر إلى ذلك المتهم فهو من أحب طفلة صغيرة أشعرته بأنها خرجت من أحشائه فأحبها بصدق. هو من أحب الشموخ والقوة أحب الروح التي انتمي إليها فلم يستطع الابتعاد عنها هو من أحب نبع الرحمة التي رحلت قبل الغروب هو أيضاً من أحب الكيان الذي أراد أن يساهم في بنائه. فقد أحب وأحب الكثير ممن حولها. هنا لا بد من سؤال: مَنْ يجب أن يُحاكم في هذا الزمان؟. هل هذا القلب هو من يجب أن يُحاكم؟.