د, عبدالعزيز السنبل *

الإنترنت جامعة المستقبل القريب

الإنترنت (أو شبكة الكمبيوتر) هي نظام يتألف من مجموعة ضخمة من أجهزة الكمبيوتر المتصلة فيما بينها بوساطة بروتوكول خاص يمكنها من المشاركة في المعلومات وهي مفتوحة للجميع ضمن آلية معينة, وهذه الكمبيوترات موجودة في مواقع مختلفة من العالم وتشكل مع بعضها البعض نظاماً من الطرق العامة السريعة (Shaw, 1997).
وتقدم الانترنت خدمات متعددة وكثيرة في جميع ميادين الحياة من أهمها ما يلي:
البريد الالكتروني E - mail وهو الأداة الأساسية في عمل الانترنت اذ يستخدم في إرسال الرسائل والمقالات والملفات والنصوص وقواعد البيانات والبرامج والصور والتسجيلات الصوتية والكثير غير ذلك.
الويب World Wide Web وهو نظام برمجي عملاق يعمل على شبكة الانترنت ويشتمل على نصوص حية (hyper texts) لا تحدها حدود والمؤلفة من مستندات منتشرة حول العالم ومرتبطة فيما بينها, ويمكن القول هنا ان الانترنت هي الاجهزة والمعدات hard ware الويب هي البرنامج التطبيقي software ويستطيع المستخدم لشبكة الانترنت مشاهدة المستندات والنصوص والوثائق والملفات وغيرها من المعلومات بوساطة برنامج تصفح الويب Web Browse وهذا البرنامج يعمل على الكمبيوتر المتصل مباشرة بالانترنت وفي عمله يستعين بخادم الويب Web Server في تقديم المستندات لعرضها على شاشة الكمبيوتر من اجل قراءتها.
التخاطب Chat وهو نظام يوفر الحوار بين شخص وآخر او مجموعة من الاشخاص والتخاطب لا يستخدم الصوت بل يستخدم الكلمات المكتوبة مثلا تقوم أنت بكتابة رسالة يجري عرضها مباشرة على شخص آخر او مجموعة من الناس او يقوم هؤلاء بالرد المباشر على الرسالة الا انه ظهرت في الآونة الاخيرة خدمة المحادثة الصوتية وهكذا فإن نظام التخاطب يتم عبر كتابة الرسائل من والى، بغض النظر عن الموقع الجغرافي بين الطرفين والمسافة بينهما.
نظام الفهرس Archie وهو يشبه الى حد بعيد بطاقة الفهرسة في المكتبة التي تدل المستخدم على الملف المعين ومكان حفظه بسرعة.
ومن الخدمات الاخرى للانترنت مجموعات الاخبار News groups وهي نوع من مجموعات الحوار والمسارد البريدية Mailing Lists وهي ايضا شكل آخر لمجموعات الاخبار وغير ذلك كثير من انظمة العمل التي تعمل على شبكة الانترنت التي لا مجال لذكرها هنا فما يهمنا في الموضوع هو معرفة الخدمات التي تقدمها الانترنت للتعليم المفتوح والتعليم عن بعد وكيفية الافادة من هذه التكنولوجيا الحديثة في هذا المضمار.
وقبل ذلك لابد من الاشارة الى ان هناك فرقا بين شبكة الانترنت Internet وشبكة الانترانت Intranet التي هي عبارة عن شبكة اتصالات داخلية في المؤسسة تربط عدة مستخدمين او قطاعات فيها اما الانترنت فهي شبكة اتصالات عالمية كما ان هناك فرقا في سرعة الوصول للمعلومة اذ ان الاتصال بالانترانت غالبا ما يكون اسرع ومن الفوائد التي تحققها الانترانت:
الكفاءة وتعني تحسين آلية تبادل المعلومات داخل المؤسسة والتغلب على العقبات المنطقية التي تعوق جمع المعلومات ونشرها في الوقت المناسب.
الفاعلية وتعني الاثر او الفائدة التنظيمية التي تعود من تحسين التعاون والترابط بين اجزاء المؤسسة واثر ذلك في آلية اتخاذ القرار.
وبصفة عامة فإن الانترانت تكون لها فائدة كبرى للمؤسسات التي هي:
متباعدة ومنتشرة جغرافيا.
تشترك في اهداف الوحدة.
لها مطالب واحتياجات معلوماتية مشتركة.
استخدامات الانترنت في التعليم عن بعد:
تحتل شبكة الانترنت الاهتمام الاكبر من مؤسسات التعليم عن بعد لما توفره هذه الشبكة من وسيلة فعالة جدا كوسط تعليمي يمكن هذه المؤسسات من طرح موادها التعليمية (مقرراتها) الى الطلبة مباشرة من خلال مراكزهم الدراسية كما انها تساعد على توفير امكانية الحوار والتفاعل بين المشرفين الاكاديميين والطلبة وبين الطلبة انفسهم لدراسة مقرراتهم وتكرار هذه العملية دون إحراج من معوقات الدراسة (المواجهة) Face to Face Study في حين يتفرغ اعضاء هيئة التدريس (المشرفون الاكاديميون) والمتخصصون في التعليم عن بعد الى تبادل المعلومات والتجارب والحوار فيما بينهم لتطوير انماط التعليم عن بعد واستغلال امثل لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خدمة هذه الانماط الجديدة.
ويمكننا تلخيص فوائد الانترنت في مجال التعليم والتعلم عن بعد على النحو الآتي:
توفر آلية توصيل سريعة ومضمونة للوسائط التعليمية الى الجهات المعنية فمثلا يمكن استخدامها في توزيع الوسائط التعليمية التقليدية كالمادة المطبوعة للمقررات الدراسية والادلة والنصوص إذ انها تحول المادة المطبوعة الى صفحة بيانات مباشرة كي يستطيع الدارسون الوصول اليها.
تتيح للطلبة الوصول الى كتل المعلومات وقواعد البيانات على شبكة الاتصالات العالمية www والتحدث مع زملائهم الطلبة على الهواء مباشرة والمشاركة في جماعات التحاور او النقاش وإرسال اسئلة بالبريد الالكتروني للمشرف الاكاديمي او تقديم تعيينات له الكترونيا.
يستطيع المشرف الاكاديمي إدخال اسئلة تقويم ذاتي او اسئلة موضوعية عليها للحصول على تغذية راجعة عاجلة من الطلبة والدارسين.
تزود الطلبة بمسارات لتحديد موقع المعلومات المتعلقة بتعيين او موضوع من اجل المراجعة, كما انه في حالة صعوبة الوصول الى احدى المكتبات او تعذره للحصول على معلومات اضافية حول موضوع او بحث ما فإنها اي شبكة الانترنت تربط الباحث بقراءات اضافية على الشبكة العالمية www والافادة من كتلة المعلومات المتوفرة عليها او توصله الى قواعد البيانات ذات العلاقة.
توفر فرصا كثيرة لتخفيف عزلة الطالب بالنسبة للزمن والبعد الجغرافي ومثل هذه الفرص تعني ان الحدود الجغرافية قد زالت لان المعاهد الدراسية باستطاعتها استخدام الشبكة لتقديم التعليم عن بعد في اي مكان في العالم اضافة الى قدرته الهائلة في توفير التفاعل بين الطلبة ومدرسيهم او بين الطلبة انفسهم.
يمكن استدعاء مشرفين اكاديميين على شاشة الانترنت اذا دعت الحاجة الى ذلك او كان هناك نقص في عددهم في مكان ما من البلاد كما انه يمكن تنظيم لقاءات مع الطلبة من خلال الانترنت بتكلفة عادية, كما تسمح لعدد من خبراء التعليم المفتوح عبر الكرة الارضية ان يشتركوا في تطوير نظرية ما وتطبيقاتها وان يقدموا العون والمشورة لبعضهم بعضا.
ان غرف التحاور Chat Rooms تقدم بديلا آخر للطلبة الذين يعوزهم حضور جلسات حية Face - to - Face Sessions وبذلك فإن شبكة الاتصالات تساعد على توفير وقت السفر وعنائه وتكاليفه.
يتيح البريد الالكتروني للطلبة المشرفين الاكاديميين الاتصال الهاتفي كما يسمح بارسال رسائل مكتوبة او تبادل النصوص مباشرة فبدلا من كتابة رسائل كثيرة والانتظار لعدة ايام حتى تصل الطلبة فان المشرفين الاكاديميين يرسلون التعيينات والإعلانات والمواد الاضافية او تقديم تغذية راجعة او إعطاء إجابات عن اسئلة الطلبة خلال وقت قصير جدا مما يوفر على المدرسين والطلبة وقتاً كبيرا, كما يشجع البريد الالكتروني الطلبة الخجولين على الاستجابة في جو مريح وخاص بعيدا عن المراقبة.
تجارب مثيرة
وان استخدام الانترنت كوسيط تعليمي قد عزز التعليم عن بعد وجعله اكثر فاعلية وجودة ولإثبات ذلك فقد قام استاذ بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة باجراء تجربة فريدة من نوعها حيث قسم طلبة القسم الى مجموعتين:
المجموعة الاولى قامت بدراسة مادة الاحصاء بالطريقة التقليدية في الغرف الدراسية مرة واحدة كل اسبوع مدة 14 اسبوعا متواصلا.
بينما استخدمت المجموعة الثانية شبكة الانترنت في تلقي دروسها ولم يلتق طلبة المجموتين مع بعضهم وسوى مرتين احداهما في فترة الامتحانات (الاختبارات) التي سبقت الدراسة والاخرى في اثناء الاختبارات النهائية.
ولتتم التجربة بشكل حقيقي لم يكن احد من طلبة المجموعتين يعرف بخصوصية هذه التجربة وما ان مرت فترة الدراسة حتى تبين ان طلبة المجموعة الثانية التي تلقت دروسها عبر الشبكة حققت نتائج افضل من الاولى بنسبة تزيد على 20% كما ان فهمهم كان افضل من غيرهم.
وقد تميزت هذه المجموعة بقدر من التعاون فيما بينهم وكانت تتم مناقشة اسبوعية عبر الشبكة بين المجموعتين بعكس المجموعة الاولى التي اتسمت طباعها بالانعزال وعدم التعاون, وهذه التجربة واحدة ستعزز بتجارب اكثر ليأتي اليوم الذي يتلقى فيه الطلبة دروسهم في منازلهم وعملهم.
ورغم هذه الفوائد الجمة فإن هناك بعض الصعوبات التي قد تعيق استخدام الانترنت في التعليم والتعلم عن بعد والتي من اهمها التكاليف المالية الاضافية التي سيتحملها الطالب من اجل الحصول على المعرفة من خلال استخدامه للانترنت, فقد يفترض فيه ان يمتلك جهاز كمبيوتر او بعض وسائل الاتصال مع الانترنت او دفع رسوم اضافية قد لا يكون بمقدوره تحمل اعبائها, كما ان على المشرف الاكاديمي بذل وقت اضافي للرد على تساؤلات الطلبة والذي قد لا يكون لديه لذلك متسع من الوقت بسبب ارتباطاته الوظيفية والاكاديمية الاخرى ورغم تلك المعوقات او غيرها فان استخدام الانترنت في التعلبم عن بعد اصبح سهلا وفاعلا ومثمرا.
* نائب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم