"سدايا" تضع الشباب في صدارة أولوياتها لقيادة حاضر ومستقبل الذكاء الاصطناعي بالمملكة    امطار خفيفة الى غزيرة على اجزاء من مناطق المملكة    إيران تعرب عن استعداداها للتفاوض على برنامجها النووي    استقرار أسعار النفط    واجهة الخبر    معاناة غزة إلى مستويات «لا يمكن تصورها»    رصد 14 بقعة شمسية في سماء المملكة    لقطات ساحرة للشفق القطبي    ألمان ينسون طفلهم بمحطة وقود    3 أبطال جدد وإنجازات تاريخية مع ختام الأسبوع الخامس من كأس العالم للرياضات الإلكترونية    طائرة العيون لدوري الأولى    إصابة قاسم تبعده عن الفتح    7 من كل 10 سعوديين يشاهدون التلفاز    عدم إعطاء أفضلية السير للمركبات داخل الدوار.. مخالفة    سودة عسير.. أمطار وغيوم    التوسع في تطبيق مقاييس التوافق قبل الارتباط    تعاون موسيقي يجمع كوريا وروسيا    إنجاز سعودي.. أول زراعة قوقعة ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    الحياة البسيطة تعزز السعادة    استخراج هاتف من معدة مريض    فوائد ومخاطر النعناع الصحية    الجماهير السعودية تترقب كأس السوبر    كأس السوبر الأوروبي بين عنفوان باريس وطموح توتنهام    للعام السادس ضمن قائمة المائة.. "أرامكو السعودية" ثاني أعلى العلامات التجارية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    تقدّم روسي على جبهة أوكرانيا.. توتر قبيل قمة بوتين وترمب    مأساة الكوليرا تضرب النازحين في دارفور.. «المشتركة» تتصدى لهجوم الدعم السريع على الفاشر    عودة المشرفين والإداريين في 11 منطقة للمدارس    الدفاع المدني: حالة مطرية بعدة مناطق حتى السبت    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: ندين جرائم وقرار إسرائيل باحتلال غزة    قبيل زيارة لاريجاني لبيروت.. الرئيس اللبناني: الاستقواء بالخارج مرفوض    «هن» مبادرة لدعم المواهب النسائية في الموسيقى    «مزرعة إنجليزية» تشارك في مزاد الصقور الدولي    «تنظيم الإعلام» توضح 6 سمات للإعلامي الناجح    فهد بن سعد يستعرض جهود الجمعية الأهلية بعنيزة    نائب أمير الشرقية يطلع على مشروعات وبرامج هيئة الترفيه    23.61 مليار ريال تسهيلات للصادرات السعودية    50 مليون ريال للصناعيين    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان المستجدات الدولية    «الغذاء» تسجيل مستحضر «الريكسيفيو» لعلاج الورم النقوي    أدبي الطائف تصدر الأعمال المسرحية الكاملة للدكتور سامي الجمعان    سفير صربيا يزور المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    اختتام برنامج"حكايا الشباب"في الطائف بمشاركة نخبة من الرياضيين المختصين    رابطة الدوري السعودي تعلن جدول أول 6 جولات من البطولة    أمير تبوك يواسي أسرة الغيثي في وفاة فقيدها    نائب أمير الرياض يرعى ورشة العمل التطويرية لجائزة الرياض للتميز    وكيل إمارة جازان يلتقي "محافظي" المنطقة    برنامج تعاون بين "كاوست" والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية    أمير الشرقية يستقبل منسوبي هيئة الأوقاف ورئيس اللجنة الوطنية وقائد قوة أمن المنشآت    سيرة من ذاكرة جازان.. الفريق ركن عمر حمزي رحمه الله    مجلس الوزراء: تعديل بعض مواد تنظيم الهيئة السعودية للمحامين    مدير الشؤون الإسلامية في جازان يناقش شؤون المساجد والجوامع ويطلع على أعمال مؤسسات الصيانة    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    مباهاة    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دومة الجندل أرض النخيل والزيتون 1/5
عراقة التاريخ تحتضنها أحجار الجندل عبر القرون معالم أثرية تحكي مكانة المدينة عبر العصور النصوص الآشورية تشير إلى أنها كانت تسمى «إدوماتو» * في سوق الوقف تُعرض السلع من أهل الوبر والمدر
نشر في الجزيرة يوم 06 - 01 - 2004


حلقات اعدها : سليمان الأفنس الشراري
تعتبر محافظة دومة الجندل من أهم المحافظات التابعة لمنطقة الجوف ودومة الجندل مدينة جميلة تزدان بحلة جميلة تتميز بها عن نظيراتها من المدن الأخرى.. ودومة الجندل من المدن التي تتطور بهدوء فمن غير المستغرب ان ترى مخططاً سكنياً أعدته البلدية للتوزيع فيه تتوفر فيه كافة الخدمات: الكهرباء، الهاتف، الماء، والطرق المعبدة. لتعطي المواطن فيها فرصة العمل الجاد المثمر للبناء بكل طمأنينة وأمن وثقة وتروٍ.. لهذا فان العمران الجميل المنسق من الصفات التي تتميز بها المخططات الحديثة في هذه المحافظة بنخيلها التي تنتج ارقى أنواع التمور «الحلوة» وزيتونها الشاهد على امتداد الخضرة والنماء وتاريخها الموغل في القدم الشامخ بين صفحات التاريخ العالمي وحاضرها الذي تزهو وتفخر به بين نظيراتها من بقية محافظات المملكة اللائي يشهدن النماء والتطور والرقي الحضاري.
فدومة الجندل مدينة تاريخية عريقة لها ماض عظيم في صفحات التاريخ وهي إحدى أهم المدن العربية التي لها شأن تاريخي مشهود له في حقب متفاوتة من عشرات القرون الماضية بل آلاف السنين التي تقرأها في اسوار هذه المحافظة الحديثة المتجددة والمدينة العربية التاريخية الجميلة حقا.. بهدوء أسواقها وسلاسة الحركة فيها وبساطة الحياة بكل صورها وبطيبة أهلها وكرمهم السخي المشهود لهم به من خلال مذكرات الرحالة والمستشرقين الذين دوَّنوا كثيراً من العبارات الجميلة عن اهل دومة الجندل ووصفهم لكرم اهلها وتناسق اسواقها وتميزها عن المدن التي مروا بها.
موقع دومة الجندل:
دومة الجندل من أهم المحافظات في منطقة الجوف شمال المملكة العربية السعودية ضمن منخفض تحفة الحافات الجيرية التي تتميز بحجارة ذات صلابة تقاوم المؤثرات الجوية والأرضية كانت في زمن ماض تستخدم في طي الآبار والأبنية. وتحيط بدومة الجندل الجبال في اغلب جهاتها وتقع المحافظة على اطراف صحراء النفود كما كان يطلق عليها قديما «رملة عالج». وترتبط المحافظة بطريقين أحدهما بالعاصمة الادارية للمنطقة سكاكا فعرعر والآخر يربطها بطريق اقليمي تتفرع منه عدة اتجاهات طبرجل فالقريات فالأردن وتبوك ومنطقة المدينة والغربية.
دومة الجندل عبر التاريخ:
يذكر المؤرخون ان دومة سميت بهذا نسبة «بدوم بن اسماعيل بن ابراهيم» وأورد ابن الكلبي انه عندما كثر ولد اسماعيل عليه السلام بتهامة خرج دوماء بن اسماعيل حتى نزل موضع دومة وبنى حصن فقيل دوماء ونسب هذا الحصن اليه.
ويذكر آخرون ان دومة سميت نسبة لنوعية الأحجار التي تسمى «الجندل» التي تستخدم في البناء بهذه المدينة ومن الملاحظ ان احجار الجندل لا تزال سمة بيوت ومساكن وأسوار هذه المدينة التاريخية وحصن مارد من أهم تلك المواقع الأثرية القديمة المبني من الجندل.
ذكر ياقوت.. «فأما دومة فعليها سور يحصن به وفي داخل السور حصن منيع يقال له مارد وهو حصن اكيدر الملك بن عبد الملك بن عبد الحي بن اعيا بن الحارث بن معاوية بن خلاوة بن امامة بن سلم بن شكامة بن شبيب بن السكون بن اشرس بن ثور بن عقير وكندة السكوني الكندي.
سور دومة الجندل:
وسور دومة الجندل من الآثار القديمة لا يزال جزء منه باقياً في هذه المحافظة فهو يقع بالجانب الغربي من دومة الجندل اكتشفته وكالة الآثار والمتاحف في عام 1406ه ويبلغ ارتفاع السور حوالي 5 ،4 أمتار وهو مبني من الحجر بنفس نمط بناء قلعة مارد ويوجد بأسوار وابراج مستطيلة الشكل لها فتحتان وهذه الابراج ملحقة بالسور المدعم بجدار من الطين من الداخل.
دومة الجندل - ادوماتو:
وترجح أوثق المصادر التاريخية ان دومة عرفت بهذا المسمى الموغل بالقدم بما هو مدون في التاريخ القديم بمدينة عرفت باسم ادوماتوا حيث تورد النصوص الاشورية الى ان دومة الجندل هي ما كانت تعرف باسم دوماتو وتشير الي بعض من ملكات دومة الجندل وقد ورد في بعض المصادر جزء من هذه النصوص «تلخونو» ملكة العرب استوليت منها على الف جمل وقد دب الذعر بقلبها وقلب خزائل من قتال وغادروا خيامهم الى مدينة ادوماتو طلبا للنجاة.
وأدوماتو التي تقع في الصحراء وقد ورد هذا في تقرير متقطع من حملة قادة سنحريب حوالي 688 ق.م.
وتورد بعض المصادر الاخرى ان الآشوريين يطمعون من هذه الحملات على السيطرة على دومة الجندل وذلك لسيطرته على الطريق التجاري القديم من جنوب الجزيرة العربية «اليمن» باتجاه بلاد الرافدين «العراق» وبلاد الشام حيث إن هذا الطريق جعل من دومة الجندل مطمعا للاشوريين وغيرهم في تلك الفترة وفي القرن الثالث الميلادي حاصرت الملكة زنوبيا ملكة تدمر قلعة مارد في دومة الجندل من امهات القرى في جزيرة العرب.
سوق دومة الجندل:
ورد من قول ابي المنذر هشام بن الكلبي حينما عدد القرى وذكر منها دومة الجندل وقوله بأن هذه القرى مجامع اسواق العرب فكان في العصر الجاهلي سوق دومة الجندل من اشهر اسواق العرب وكان وقت ذلك السوق في النصف الأول من شهر ربيع من كل عام وتبدأ أسواق العرب به. والى عهد قريب كان هذه السوق لا يزال يعرفها ابناء البادية والحاضرة بسوق «الوقف» يتم فيه عرض كافة السلع من أهل الوبر والمدر.
دومة الجندل والعصر الإسلامي:
وفي بداية العصر الاسلامي الذي شمل بنوره اصقاعاً من الأرض كانت دومة الجندل مثلها مثل بلاد العرب قبل الاسلام تعيش في الجاهلية قد ورد ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد غزاها في السنة الخامسة للهجرة وعندما علم اهلها بقدومه صلى الله عليه وسلم تفرقوا ثم عاد صلى الله عليه وسلم الى المدينة وفي السنة السادسة للهجرة غزاها عبد الرحمن بن عوف بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم ومكث فيها ثلاثة أيام يدعو أهلها الى الاسلام فأسلم بعض من اهلها وفي السنة التاسعة للهجرة بعث الرسول صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد الى دومة الجندل الذي استطاع فتحها وأسر حاكمها اكيدر بن عبد الملك السكوني وأخذه الى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلم اكيدر وصالح النبي صلى الله عليه وسلم على أرضه وكتب له ولأهل دومة الجندل كتابا ثم أعاد اكيدر الى دومة الجندل وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتد اكيدر عن الاسلام وترك دومة الجندل.
ويذكر المؤرخون ان التحكيم بين علي ومعاوية رضي الله عنهما كان بدومة الجندل سنة 37ه.
وخلال الدولة الاموية وصدر الدولة العباسية خف ذكر دومة الجندل خصوصا بعد ان هاجر الكثير من بني كلب.. وتحول مسار القوافل التجارية الى مسارات أخرى.
دومة الجندل والدولة السعودية:
وقد ضمت دومة الجندل للدولة السعودية الاولى عام 1208ه وبنهاية الدولة السعودية الأولى مرت دومة الجندل بعدها بمراحل عديدة اثرت عليها وقد عاشت دومة الجندل الكثير من الصراعات وتولى كثير من الحكام عليها وتنافسهم لأن تكون احدى المدن التابعة لهم.
وباشراقة الدولة السعودية في مرحلتها الثالثة في عام 1341ه وفي عهد الامام الملك عبد العزيز طيب الله ثراه بدأت صفحة مزدهرة في حياة هذه المحافظة التي تلبس اليوم اجمل حللها وأبهى زينتها بدعم سخي من دولتنا المعطاءة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى فهد بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الامين صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز ومتابعة حثيثة وجهد متواصل وعطاء سخي من صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الجوف.
قلعة مارد:
تشرف قلعة مارد على مدينة دومة الجندل على تل مرتفع فقد كانت من اقوى الحصون المنيعة التي كانت تقف شامخة امام الأعداء الغزاة.. وهي دائرية الشكل لها ابراج مخروطية بنيت في اربع جهات منها.. ومن الملاحظ انها تحتوي على مبان من مراحل متعددة وأضيف حولها من الغرب بعض المباني الحديثة العهد.
وقلعة مارد عبارة عن قلعة مسوَّرة كانت من اعتى القلاع ويرجع اقدم ذكر للقلعة الى القرن الثالث الميلادي عندما حاصرتها الملكة زنوبيا ملكة تدمر واستعصى عليها فتحها والاستيلاء عليها واشتهرت مقولتها حينما قالت «تمرد مارد وعز الأبلق» والمعروف ان الأبلق قصر اثري في تيماء لم تستطع زنوبيا فتحه ايضا.
قامت ادارة الآثار باعادة اجزاء من القلعة ولا يزال العمل في ترميم بعض الأثر حواليها قائما.
وتتكون القلعة من مجموعة من الغرف بالاضافة الى أربعة ابراج في جهات القلعة الاربعة كانت تستخدم للمراقبة يوجد اسفل القلعة بئر عميقة لا تزال في حالة جيدة تستخدم اثناء الحصار الطويل ويوجد ملحقات وغرف بنيت في فترة متأخرة من بناء القلعة.
وتذكر ان كلمة مارد: مشتقة من القدرة والامتناع وقد تعني كل شيء تمرد واستعصى.
مسجد عمر بن الخطاب:
هذا المسجد جُلَّ مبانيه قائمة وقد أطلعني أحدهم على المنبر القديم للمسجد قبل عدة سنوات لكنني لم أرَ معالم له في زيارتي الاخيرة له أو انه حُدِّث. والمسجد يقع في وسط مدينة دومة الجندل وهو ملاصق لحي الدرع من الجهة الجنوبية ملاصقا لحي السوق من الجهة الجنوبية ويعد من المساجد الأثرية المهمة على مستوى المملكة وتنبع اهميته لكونه من اقدم المساجد التي لم يتبدل نمطه التخطيطي وتقع مئذنة المسجد في الركن الجنوبي الغربي وقاعدتها مربعة الشكل وهي شبه مخروطية يبلغ ارتفاعها الحالي 7 ،12م وقد استخدمت الاحجار في بناء المسجد والمئذنة مما ساعد في صموده امام العوامل المناخية وكان الى عهد قريب يؤذن من خلالها للصلاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.