الخلاف بين الولاياتالمتحدةالأمريكية واللجان الرباعية الدولية التي انعقدت في نيويورك، يدل بصورة قاطعة على ان الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية وروسيا والأمم المتحدة لا توافق على الطروحات الأمريكية في استبدال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لأنه منتخب شرعياً ويجب التعامل معه حتى تتم الانتخابات المقبلة. فهذا الطرح الأمريكي يعتبر تدخلاً ملحوظاً في شؤون الدول العربية وبخاصة الفلسطينيين ولا سيما وان يجيء من رئيس أكبر دولة ديمقراطية في العالم كما قال السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية خلال وجوده في عمان، إذ لا يجوز ان تختار أمريكا رئيساً للفلسطينيين كما تفعل في دول أمريكا الوسطى، أو باختيار حامد قرضاي خاصة وان دعوات الرئيس الأمريكي بوش في اللجنة الرباعية حظيت بتأييد فوري من رئيس وزراء إسرائيل لاستجابتها لشروطه والتي يصر على فرضها على الجانب الفلسطيني والذي يعيد تكرارها وفق ما يسميه بمكافحة الارهاب. فإذا كانت رؤية بوش في خطابه قد أكدت التمسك بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل بالإضافة إلى وقفة النشاط الاستيطاني التوسعي في الأراضي العربية المحتلة وسحب قواتها من المناطق التي أعادت احتلالها منذ اندلاع الانتفاضة في نهاية سبتمبر عام 2000 فإنه مطالب بالاستمرار بهذه السياسة مع الضغط العملي على إسرائيل لوقف أعمالها العدوانية اليومية ضد الشعب الفلسطيني لرفع معاناته اليومية، وبدء المسار الحقيقي نحو التسوية وعدم ربط القضية المركزية والجوهرية للدول العربية بقضية هامشية تتعلق بعدم التعاون مع عرفات بالرغم من ان هذا الخطاب على أهميته لم يتطرق إلى قضايا القدس والحدود النهائية للدولة الفلسطينية المرتقبة واللاجئين، غير انه دعا إلى التفاوض حولها، وهذا التفاف واضح من الرئيس الأمريكي والذي شهدناه في اجتماعات اللجنة الرباعية عبر تصريحات كولن باول وزير الخارجية، والتي تعتبر في نظر المراقبين نموذجاً مكرراً من الرؤية الصهيونية تتبنى كل المطالب الصهيونية بغية اخراج حكومة شارون العدوانية من مأزقها على مختلف الأصعدة.. وهذا بالطبع كما تقول حماس يدل على جهل هذه الإدارة المطبق بحقائق الصراع وتجاهلها المقصود والمريع للحقوق العربية المشروعة بالأراضي والمقدسات الفلسطينية، في محاولة لاختزال القضية وحقوق الشعب الفلسطيني استرضاء للغرور والصلف الإسرائيلي، وهذا يعني ان قضية فلسطين هي قضية شعب من الجياع يستجدي بوش من ربط أحداث التغييرات الفلسطينية التي طالب بها بتأييد أمريكي لتقديم مساعدات مالية دولية للسلطة الفلسطينية. وهذا الموقف الأمريكي باللجنة الرباعية من شأنه أن يؤجج حركة الرفض والمقاومة الفلسطينية وحتى العربية ضد المواقف الأمريكية والبريطانية أيضاً، التي ستقدم لإسرائيل في هذا الوقت بالذات أسلحة جديدة ومتطورة في إطار سياسة إسرائيل الرامية إلى استمرار ضرب الفلسطينيين، في حين انها تطالب السلطة بمكافحة الإرهاب وتنسى ارهاب دولة إسرائيل. ولا شك ان المواقف الأمريكية المستمرة، في اجتماعات اللجنة الرباعية، وفي غيرها من اللجان الدولية، تدل على استمرار الإدارة الأمريكية في مطالباتها بتصفية المقاومة الفلسطينية المشروعة وفي مطالباتها بتغيير القيادة السياسية قبل التقدم نحو العودة إلى المسار السياسي. ولا شك ان بيان اللجنة الرباعية الخاص بوقف النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية ورفع الحصار عن المدن والقرى الفلسطينية، والغاء تجميد مستحقات السلطة الفلسطينية لدى إسرائيل وسحب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت قبل 28 ايلول يشكل نقطة جوهرية من أجل تصحيح المسار تجاه القضية الفلسطينية فضلاً عن ان لقاء بوش للوفد العربي المؤلف من وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن أمس ذو دلالة واضحة على مدى جدية أمريكا في تنفيذ قرارات اللجنة الرباعية على الأرض. والواقع ان ما نلمسه في الأراضي العربية المحتلة من عنف وعنف مضاد.. هو نتيجة لتشجيع أمريكي لإسرائيل لمواصلة حملاتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، خاصة وان الرئيس الفلسطيني مازال محاصراً في مقره ومازال مئات الألوف من الفلسطينيين في وضع سيىء جراء الحصار الإسرائيلي وسياسة التهويد التي تفرضها سلطات إسرائيل على هذا الشعب، والتي ما كانت لتستمر لولا المباركة الأمريكية لذلك!.