الذين يديرون الصحف، او حتى الذين يصدرونها في الخارج يعرفون كم هي التكاليف التي يتطلبها إصدار صحيفة في بلد عربي، أمَّا في البلدان الاوروبية شأن كل الصحف العربية المهاجرة، فإن التكاليف تتضاعف لأن تلك الدول تفرض ضرائب على دخل العاملين وتطلب تأميناً صحياً واشياء كثيرة يجب ان توفرها المؤسسة الصحفية او الشخص الذي يقف وراء إصدار صحيفة، بعض الصحف تمول الاصدار عن طريق الاعلانات والمشاريع التجارية والتسويقية، وبعضها يعتمد على تمويل الحكومات العربية او الشخصيات العربية الثرية، وبعضها يتبع مؤسسات اقتصادية كبرى ترى في اصدار الصحيفة خدمة لمصالح بلادها او ايماناً بالقضايا التي تدافع عنها الصحيفة المذكورة.وعن «جريدة القدس» التي يصدرها عبدالباري عطوان، نحصر مصاريفها وبنود موازنتها من فم عبدالباري عطوان نفسه، الذي يقول في حوار تلفزيوني: إن لديه 18 موظفاً.. واذا افترضنا ان مرتب الموظف الواحد هو الف جنيه استرليني فقط «مع ان متوسط المرتبات في بريطانيا التي تصدر فيها القدس هو الفي جنيه استرليني للشخص الواحد» فأن هذا يعني ان ابو عطوان يدفع شهرياً (18 ألف جنيه) «كمرتبات..» هذا عدا عن مصاريف طباعة جريدة يومية في بريطانيا وقيمة الورق الذي تطبع عليه.. ومصاريف الايجار والتوزيع والكهرباء وخلافه مثل الضرائب والتأمين الصحي على العاملين.. مما يعني ان تكلفة إصدار جريدة متواضعة في لندن تصل الى أكثر من مائة ألف جنيه في الشهر. «جريدة القدس» تخلو من الاعلانات.. ولا توزع إلا في لندن وأربعة عواصم عربية.. والطبعة التي توزع في امريكا يطبعها الموزع وهو لبناني حيث يطبع ألفي نسخة في نيويورك على نفقته.. فمن اين لجريدة القدس اذن ان تدفع مائة الف جنيه في الشهر؟ «جريدة الشرق الأوسط» تصدرها شركة صحفية ناجحة تحقق ارباحاً وبامكانها دفع مرتبات لألف موظف حتى لو خلت من الاعلانات ووزعت ببلاش.. و«الحياة» حالها مثل حال الشرق الاوسط.. و«الزمان» عراقية التمويل من اثرياء المعارضة.. والعرب ليبية التمويل.. وهذه كلها تصدر في لندن وتوزع في معظم الدول العربية.. ولكن القدس مجهولة الهوية ولا تباع إلا في لندن وبعض العواصم العربية.. فمن يمول القدس إذن؟ وكيف يتمكن ابو عطوان من دفع كل هذه المرتبات والمصروفات عدا عن مصروفاته الشخصية ومنها بيته الفاخر على النهر والذي تغزَّل بفخامته أحد مقدمي برامج فضائية ابو ظبي ويقال عنه انه أغلى بيت لصحافي عربي في بريطانيا. وماذا يقول عبدالباري عن هذه المعلومات المأخوذة من ملفات الضرائب والبنوك وبلدية لندن.. ومن هو اليهودي ارنولد ادوارد الذي يمتلك شركة بلاك اروو ويعطي عمارة بأكملها لعبدالباري ببلاش كي يصدر منها جريدته.. ومن هي سناء علول.. ومن هو حاتم الطائي الذي يحول مئات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية شهرياً الى حساب عبدالباري؟ وتدخل حسابه كتبرع. ارجو ان لايفهم هذا اننا ضد التمويل.. فالصحف العربية الصادرة في الخارج تحتاج فعلا الى تمويل عربي حتى تكون صوت العروبة في الخارج وليس لدينا اعتراض ان تمول قطر جريدة القدس.. او ان تمولها السعودية او ليبيا.. حتى لو خدم التمويل اهداف هذه الدول التي هي في النهاية عربية.. ولكن لا يجوز ان يكون التمويل اسرائيليا؟ التمويل الإسرائيلي لأي مطبوعة عربية هو خط أحمر! وكل الصحف والمجلات العربية التي تصدر في لندن وباريس يتم تمويلها من دول عربية او من شركات عربية او من رجال أعمال عرب.. ولكن ليس بينها جريدة واحدة مهتمة بالتمويل من اسرائيل إلا جريدة القدس والمعلومات اعلاه حقيقة وليست كذبة او افتراء فكيف يفسرها ابو عطوان؟ قد يقول قائل: ولكن هل يعقل ان تمول اسرائيل جريدة القدس التي تشتم اسرائيل في كل عدد من اعدادها؟ والاجابة: نعم.. وهنا الشطارة في جهاز الموساد الذي يمول كما قال وزير الاعلام في البحرين وكما تقول الصحف المصرية عن محطة الجزيرة القطرية ايضاً.. فهذه الوسائل الاعلامية «قناة الجزيرة» و«جريدة القدس» تدس الكثير من السم في الكثير من العسل وتشغل العرب بخلافات جانبية وتثير الضغائن وتروج للإشاعات وتحيي النعرات الدينية والطائفية.. وفوق البيعة تشتم اسرائيل فلا يلتفت العرب لشتيمة اسرائيل لأنها عادية ولكن تعلق في أذهانهم القضايا التي تتعلق بالعرب. *اعتمد على كتابة هذا الموضوع والذي قبله على ما نشره موقع عرب تايم للكاتب زهير جبر والذي يمكن الوصول إليه عبر الإنترنت على موقع ARABtimes.Com