قبل خمسين عاماً باعتقادي وكما قال لي والدي رحمة الله عليه إن الوطن كان نظيفاً من أية شائبة تربوية وان وجد شيء فهو لا يذكر ولايرى بسبب الارتباط القوي بأواصر وعرى الدين الحنيف وبسبب الحياء السائد بين الناس والعلاقات الاسرية السائدة، ومن هذه الامور والسلوكيات الممقوتة بل المحرمة شرعاً في مجتمعنا السعودي خصوصا شرب الدخان بأنواعه السيجار والقليون والشيشة... الخ. وبسبب ان افراد المجتمع كانوا متماسكين وبقوةكبيرة فكان الفرد يحمي منزله ومنزل جاره بل جميع جيرانه من كل ما يفسد ويخل بالتربية السوية فلو على سبيل المثال رأى أي زيد من الناس ابن أو ابنة جاره يعمل أحدهما خطأ تربويا كشرب الدخان وهذا نادر جداً فان الويل والثبور سيكون نصيب ذلك المراهق أو تلك المراهقة وبطبيعة الحال النساء كن بعيدات تماما عن شبهة الدخان بأنواعه ويكون حديثنا عن المراهقين الذكور حيث ان العقاب جزاؤه عقاب يصل الى انه لن يقبل للزواج بإحدى فتيات القرية أو المدينة وهذا يعني بأنه ممقوت ومكروه من المحيطين به ولن تقبل له شهادة وسيشهر به على رؤوس الأشهاد وبصرف النظر عن موافقتي من عدمها من الاسلوب المتبع في العقاب آنذاك إنما الشاهد ان ممارسة هذه العادة المحرمة كانت نادرة وكانت شاذة ولم يكن أحد يتجرأ بممارستها في معظم مناطق المملكة ولكن ماذا يحدث الآن؟!! وأنا أتكلم بالعموم إلا ما شاء الله. الأب لاهٍ عن أبنائه سواء كانوا أولاداً أم بنات وكذلك عن أحفاده والأم لا هم لها الا متابعة جلسات السهر والسمر ومشاهدة القنوات الفضائية والقيل والقال وقياس الشوارع والاسواق بالامتار (إذا كان رب البيت بالدف ضارباً.. فشيمة اهل البيت كلهم الرقص) فلا متابعة منها إذاً على أحوال أبنائها وبناتها وأخلاقياتهم حيث وصل حال بعضنا انه لا يسأل عن اخوته واخوانه ومن يسيرون معهم؟ من هم جلساؤهم؟ كيف يقضون اوقات فراغهم وما أطولها؟ ماذا يشاهدون؟ ماذا يسمعون؟ ما هي مشاكلهم؟ ما هي طموحاتهم؟ ما هي رغباتهم؟ ماذا عن مستوى تفكيرهم؟ ماذا يشربون؟ ماذا يأكلون؟ هل من تنظيم وخطط لحياتهم؟ أم أن العشوائية هي المظلة على أسلوب حياتهم؟ بل ان بعضهم لا يعلم هل ابنه أو ابنته في البيت أم في السوق أم في الشارع أم في ...؟ بل ان بعضهم لا يعلم هل ابنته نامت البارحة في المنزل أم نامت..؟ أنا لا أنظر الى المجتمع والى الحياة بنظارة التشاؤم والحزن والظلام أبداً فلست كذلك بل انظر الى ذلك بعين الواقع والعقل وقبل ذلك بعين التربية التي تنبع من ديننا الحنيف. وللأسف اننا غالبا كنا كتربويين وكاعلاميين وكمسؤولين طيلة الاعوام الفائتة حتى يومنا هذا قد وضعنا رؤوسنا تحت أكوام القطن او كما يقول البعض قد أكبرنا الوسادة فالجار لا يهتم بجاره والأب لا يسأل عن ابنه والابن والابنة لا يجد أحدهما قدوة صالحة يقتدي بها وان وجد ذلك يغلب على الاخير الموقف السلبي والضعيف فلا هو يحيا واقعه ولا يتواضع كي يصل اليه وللأسف نجد ان أغلب المعلمين والمعلمات قد أصيبوا بالتخمة الاجتماعية والفكرية السلبية وكأن مشكلة التدخين مثلا في مجتمعنا ليست مشكلتهم وليست قضيتهم!! وكأنهم يعيشون في كوكب آخر فأغلبهم وللأسف الشديد لا يكترث الا بمرتب آخر الشهر (إلا ما شاء الله). نسأل الله ان يجنبنا أضرار هذه السموم وان يوفقنا للعمل بما يحول دون حدوث هذه الاضرار حتى لا يأتي من يقول لشركات التبغ قرِّي عيناً.