تلقى دعوة من رئيس النادي الأدبي للمشاركة في ندوة عن شأن ثقافي، أرسل له محاور النقاش، وأسماء المشاركين، وحدد موعد الندوة ومكانها، سيكون مضطراً إلى أخذ إجازة عمل لمدة يومين، طبع خطاب دعوة المشاركة وأرفقها بطلب الإجازة وقدمها لرئيسه المباشر، اطلع عليها ذلك الرئيس وقال له «لماذا لا تطلب منهم تأجيل الندوة.. لديك أعمال لا بد أن تنجزها» تعهد بإنجاز كل أعماله، وتعهد صديق له بالعمل بالقيام بعمله فترة غيابه التي لا تتجاوز اليومين، علم الجميع أنه سيشارك في ندوة ثقافية، وستكون شبه إجازة له لأنه سيغادر مستقلاً طائرة إلى مدينة أخرى، وهذا يعني أن فرصة قد لا تتحقق للبعض برحلة وسكن بفندق ولو كان ذلك لا يتجاوز ثلاثة أيام أو أربعة إذا رغب أن يمدد رحلته، ويستفيد من عطلة نهاية الأسبوع. حصل على الإجازة واستعد للسفر بعد أن تفرّغ لكتابة ورقة سيلقيها في الندوة، مقرراً أن يستخدم العرض المرئي عبر برنامج «البوربوينت»، لإيصال فكرته بصورة أفضل، أخذ معه حقيبة صغيرة، وضع بها مجموعة نسخ من كتابه الجديد ليهديها للنادي وبعض المشاركين، وليملأها عند عودته بما يحصل عليه من إهداءات الكتب، إضافة إلى ما يشتريه من هدايا لعائلته، وبالطبع أخذ معه جهاز حاسبه المحمول. رحلة الطائرة تجاوزت الساعة، سعد بأن من استقبله أحد أصدقائه القدامى وكان عضوا بالنادي، رافقه إلى مقر إقامته بالفندق، وهناك التقى بعض المشاركين في الندوة وبعض الضيوف وأعضاء النادي، مضى الوقت دون أن يشعر به، بين راحته في غرفته وجلوسه مع بعض المثقفين، وحين أزف الموعد أقلته سيارة مع بعض المشاركين إلى مقر النادي، ليستقبله أعضاء النادي، ويجد عددا لا بأس به من الحضور، شارك في الندوة، تحدث وعرض بحثه على شاشة كبيرة، وتلقى مع المشاركين عددا من الأسئلة والتعليقات، كان سعيداً بتلك الأسئلة والملاحظات، انتهت الندوة ليتجه الجميع إلى قاعة لتناول العشاء، أعجبته تلك الخدمة الراقية، غادر الجميع إلى الفندق، ليكملوا سهرتهم في بهوه، متناولين الشاي والقهوة، مع تحديد موعد لجولة بالمدينة وأسواقها في اليوم التالي، إضافة إلى الصديق الذي قابله في المطار التقى مجموعة من الأدباء والمثقفين وعرفهم عن قرب، كانت رحلة جميلة وممتعة شارك فيها بالندوة الأدبية، وزار مدينة ربما لم يزرها من قبل، وتعرف على تاريخها وحضارتها، والتقى بعض أدبائها وضيوف النادي، عاد لبيته وعمله بعد أن اكتسب طاقة جديدة للحياة. تذكر ذلك وهو يتلقى دعوة أخرى من رئيس مؤسسة ثقافية للمشاركة بندوة عن شأن ثقافي، تم تحديد اليوم والساعة، وأرسل عبر بريده الإلكتروني التطبيق الذي ستتم المشاركة عبره، مع الرابط، الندوة ستكون في المساء، لا يحتاج مطلقاً أن يستأذن من عمله، ولن يعرف أحد من زملائه أنه سيشارك في الندوة إلا من يتابع وسائل التواصل الاجتماعية سيجد صورته واسمه مع بقية المشاركين، والرابط لمشاهدة الندوة عبر قنوات الإعلام الجديد، قبل بداية الندوة بساعة تقريباً قام بتجهيز حاسبه المحمول، واختار مكاناً مناسباً في بيته، حرص على أن يلبس ثيابه الرسمية كأنه فعلا ذاهب للمشاركة في الندوة، أغلق الباب عليه في مكتبه وبقي وحيداً، في انتظار بداية البث، أحضر كوب شاي، وماء، وكتب على ورقة بعض النقاط التي سيتطرق لها في الندوة، وحين بدأت بدأ الصراع مع وضوح الصوت والصورة، وانقطاع الإرسال أو تعلقه، تحدث وشاركه الجميع، كان يرى نفسه داخل مربع صغير، وكذا البقية، تكبر الصور عندما يتحدث هو أو البقية، سلام عابر، وشكر عابر، لتنتهي الندوة ويغلق الجميع أجهزتهم ويغادرون. غادر مكتبه بعض أن أغلق جهاز حاسبه المحمول، وإضاءة الغرفة، توجه إلى غرفة الجلوس، كان وحيداً، عائلته فضلت أن تذهب لزيارة خاصة حتى لا يزعجه أحد وهو يشارك في الندوة عن بعد، بدأ يقلب القنوات الإخبارية أملا بانتهاء زمن الجائحة.