أمير تبوك يطلع على التقرير الاحصائي لمديرية مكافحة المخدرات بالمنطقة    بلدية البصر تنفذ مشروع تطوير ميدان العوجا قرب مطار الأمير نايف بمنطقة القصيم    شركة سنام نجد للتنمية الذراع الاستثماري لأمانة منطقة القصيم توقع عقدي استثمار بأكثر من 43 مليون ريال لتعزيز التنمية الاقتصادية في بريدة    الهيئة العامة للعقار: جائزة التميز العقاري ستنقل المشاريع السعودية الفائزة إلى العالمية    مركز الملك سلمان للإغاثة يختتم برنامج "نور السعودية" التطوعي لمكافحة العمى في مدينة سطات بالمغرب    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    أكثر من 88 ألف مستفيد من خدمات "المودة" خلال النصف الأول من العام 2025    مُحافظ وادي الدواسر يقلّد العقيد المشاوية رتبته الجديدة    بلدية محافظة أبانات توقع عقدًا لصيانة الإسفلت بأكثر من 3 ملايين ريال    سمو أمير منطقة القصيم بحضور سمو نائبة يستقبل رئيس مجلس إدارة مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع موهبة ويشيد بدورها في رعاية الموهوبين    سمو أمير منطقة الجوف يكّرم الفائزين بجائزتي "المواطنين المسؤولية "و"صيتاثون"    الشيخ / خليل السهيان يكرم الداعمين وأعضاء لجان ملتقى الهفيل الأول لعام١٤٤٧ه    استمرار تأثير الرياح المثيرة للأتربة على مناطق المملكة    ارتفاع كبير في أسعار معادن الأرض النادرة    تراجع أسعار النفط    زلزال بقوة 5 درجات يضرب البحر الأبيض المتوسط    نيابةً عن ولي العهد.. وزير الخارجية مشاركاً في "بريكس": السعودية تطور تقنيات متقدمة لإدارة التحديات البيئية    استقبل سفير لبنان لدى المملكة.. الخريجي وسفير الاتحاد الأوروبي يبحثان تعزيز العلاقات    بعثة الأخضر للناشئين تصل إلى فرنسا وتبدأ تحضيراتها لبطولة كوتيف الدولية 2025    5 مليارات ريال تسهيلات ائتمانية    383.2 مليار ريال تمويلات مصرفية للمنشآت الصغيرة    "الأرصاد" يطلق 14 خدمة جديدة للتصاريح والاشتراطات    تصدت لهجمات مسيّرة أطلقتها كييف.. روسيا تسيطر على أول بلدة وسط أوكرانيا    النيابة العامة": النظام المعلوماتي يحمي من الجرائم الإلكترونية    يتنكر بزي امرأة لأداء امتحان بدلًا من طالبة    مركز الملك سلمان يوزع مساعدات غذائية في 3 دول.. تنفيذ مشروع زراعة القوقعة في الريحانية بتركيا    أكد أن واشنطن تدعم حلاً داخلياً.. المبعوث الأمريكي: لبنان مفتاح السلام في المنطقة    50 شخصاً أوقفوا بتهم متعددة.. اعتقالات واسعة لعناصر مرتبطة بالحرس الثوري في سوريا    في المواجهة الأولى بنصف نهائي كأس العالم للأندية.. صراع أوروبي- لاتيني يجمع تشيلسي وفلومينينسي    "إثراء" يحفز التفكير الإبداعي ب 50 فعالية    دنماركية تتهم"طليقة السقا" بالسطو الفني    برنامج لتأهيل منسوبي "سار" غير الناطقين ب"العربية"    الجراحات النسائية التجميلية (3)    "سلمان للإغاثة" يدشّن بمحافظة عدن ورشة عمل تنسيقية لمشروع توزيع (600) ألف سلة غذائية    الهلال يحسم مصير مصعب الجوير    الدحيل يضم الإيطالي فيراتي    «الشورى» يقر توصيات لحوكمة الفقد والهدر الغذائي والتحوط لارتفاع الأسعار    القيادة تهنئ حاكم جزر سليمان بذكرى استقلال بلاده    استنسخوا تجربة الهلال بلا مكابرة    أمير القصيم يشكر القيادة على تسمية مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات    تقرير «مخدرات تبوك» على طاولة فهد بن سلطان    نائب أمير جازان يطّلع على تقرير عن أعمال فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    648 جولة رقابية على جوامع ومساجد مدينة جيزان    وكالة الفضاء السعودية تطلق جائزة «مدار الأثر»    لسان المدير بين التوجيه والتجريح.. أثر الشخصية القيادية في بيئة العمل    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    علماء يكتشفون علاجاً جينياً يكافح الشيخوخة    "الغذاء والدواء": عبوة الدواء تكشف إن كان مبتكراً أو مماثلًا    اعتماد الإمام الاحتياطي في الحرمين    إنقاذ مريض توقف قلبه 34 دقيقة    العلاقة بين المملكة وإندونيسيا    التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة.. عنوان خطبة الجمعة المقبلة    مستشفى الملك فهد بالمدينة يقدم خدماته ل258 ألف مستفيد    تركي بن هذلول يلتقي قائد قوة نجران    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنغستون هيوز.. رجل قد ناجى الأنهار
لنغستون هيوز
نشر في الجزيرة يوم 10 - 04 - 2020

يجانبنا الصواب إن اعتقدنا بأن تحصيل الحقوق المدنية للأقليات العرقية والملونين في الولايات المتحدة الأميركية قد كان وليد يوم وليلة. وإنما ذلك الأمر قد تم عبر طريق طويل من النضال الدؤوب والمطالب المطردة والفعل الإجرائي المحفوف بالمخاطر.
في العقود الستة الأولى من القرن الميلادي المنصرم كانت التمييز العرقي ثقافة رائجة في الولايات المتحدة الأميركية. كما كانت أريافها مسرحًا للجماعات المتطرفة كالكولكس كلان Klux Klan، التي تحمل عداءً قد يصل في تطرفه للتصفية الجسدية للمكون الاجتماعي ذي البشرة السوداء في المجتمع الأميركي.
ولقد كان للتمييز العرقي ضد الأقليات السمراء في أميركا مظاهر عدة لعل من أبرزها أنه كان هناك مدارس للبيض منفصلة عن تلك التي يرتادها المواطن الأميركي أسمر البشرة. والأمر نفسه يجري على دور العبادة وحتى أماكن الترفيه كالمسابح العامة، فقد كان محظوراً على المواطنين الأميركيين من أصول أفريقية أن يقاربوها.
في ظل هذا العداء البغيض والعنصرية المقيتة، كانت نشأة وحياة الشاعر الأميركي لنغستون هيوز Langston Hughes. الذي كانت مشاهد التمييز العنصري ضد أبناء جنسه ذوي الأصول الأفريقية تدمي قلبه وهو يراهم في الوقت ذاته يبذلون جل طاقتهم في حقول التبغ وغيرها من الأنشطة الزراعية والصناعية، ومع ذلك يلقون معاملة سيئة ويواجهون كذلك بتلك النظرة الدونية في التعاطي الثنائي معهم.
هذه العنصرية البغيضة كانت تشكل قلقاً للشاعر الذي يُعَدُّ بالفعل صوت الأمة والمعبر عن آلامها وآمالها. كان هيوز قارئًا جيداً وقد اطلع على تلك الكتابات التاريخية التي تشير إلى أن أفريقيا هي المهد الأول للإنسان، وكذلك بعض الدراسات الأنثروبولوجية التي تميل للاعتقاد بأن إنسان نياندرتال Neanderthalensis ليس هو الأنموذج الفعلي للمخلوق البشري الأول.
لذا نجده في إحدى زياراته لأبيه وأثناء عبور القطار الذي كان على متنه فوق نهر الميسسبي يستذكر كل آلام شعبه من ملوني البشرة ليخرج علينا بقصيدته التي عنونها ب «الزنجي يتحدث عن الأنهار»؛ ليحصد منها شهرة جارفة ولتجعل منه علامة في الأدب الأميركي الحديث.
في نصه الشعري هذا، جرب هيوز أن يوجد معادلاً موضوعيًا يهدف من خلاله لتفنيد أطروحة التبعية للمستعمر الأبيض، ويؤكد في الوقت ذاته على استقلاليته الإنسانية وعمق جذوره التاريخية، جاعلاً من ذاته أيقونة اختزل فيها «الواقعية الفعلية والمفترضة للأميركي من أصول أفريقية أن يكونها، ويفخر في الوقت ذاته بأصوله السوداء، مشيرًا إلى أن أجداده الأفارقة هم من شيدوا الحضارات الأولى سواء تلك التي تقبع على ضفاف نهر الكونغو أو تلك الفرعونية منها التي تتواجد بجوار نهر النيل.
وبعد ذلك نجد هيوز يعمد في قصيدته لاستحضار ذكرى الرئيس الأميركي إبراهام لنكولن، الذي أثار خلال فترة رئاسته قضية خلافية تتمحور حول مدى أخلاقية نظام العبودية في الولايات المتحدة ومن ثم سعى لسن تشريعات تسهم في مكافحة الرق وتجرم قوانين العبودية في الداخل الأميركي، حيث نجد هيوز يذكره بلقب «آب»، وهو اللقب الذي كان محبو الرئيس لنكولن يطلقونه عليه.
ومن هنا تأتي عملية استحضاره شخص الرئيس لنكولن في النص لتوليد تأكيدية فعلية من قبل الشاعر الذي يسعى في الوقت ذاته لترحيل هذه التأكيدية لباقي المكون البنيوي للمجتمع الأميركي؛ وهذه التأكيدية تتمحور حول أن هناك حقًا قانونيًا له وللأقلية الأميركية السوداء التي ينتمي إليها، وهذه المكتسبات تظل قائمة بذاتها حتى وإن لم يتم تفعيلها داخل الفيدرالية الأميركية.
كما نجده - أي الشاعر - في سعيه كذلك لتعرية الواقع الأميركي المر، وإبراز المكانة التاريخية المهمشة للمواطنين ذوي الأصول الأفريقية الذين كان ينظر إليهم بكونهم مواطنين درجة ثانية، نجده يعمد لتوظيف مفردة «زنجي Nigro»، التي ترمز للتمييز العنصري وكان يطلقها الأميركي الأبيض على غيره باعتبارها لفظة انتقاص. ولربما أن إصرار هيوز على توظيف هذه اللفظة في القصيدة، قد كان نتاج باعث سيكولوجي يستبطن عقله ووجدانه؛ فهو كما يبدو قد كانت لديه رغبة ملحة في أن يقول للآخر إن هذه المفردة البغيضة لم تعد تشكل له ذلك الإحساس بالدونية بقدر ما هي في تقديره تمثل له تأكيدية غير مقصودة من الأميركي الأبيض على العمق التاريخي له وعلى أصالة جذوره كمواطن أميركي من أصول أفريقية ينبغي أن يلقى التقدير المناسب ويتمتع بحقوقه المدنية المسلوبة.
جدير بالذكر أن هذا النص الذي أعده الكثير من دارسي الأدب بأنه من عيون الشعر العالمي قد تمت قراءته على ضريح لنغستون هيوز عشية وفاته. فإلى قصيدة «بوح الزنجي عن الأنهار»، لنطالعها ولنعش معها حضورها الآني و امتدادها التعبيري الأخاذ:
بوح الزنجي عن الأنهار
عرفت أنهارا
عرفت أنهارا أزلية
نشأتها في قِدَمِ الأرض
وعرفت أنهارا
أقدم من دفق الدم
في أوردة الإنسان
ومع بواكير الضحى
نضحت ماء الفرات على جسدي
وبنيت كوخا على ضفة نهر الكونغو
فأشعرني بالخَدْر
فغفوت وما بعدي إنسان
وأشرفت على نهر النيل
فأقمت على ضفته الأهرام
وأنصت لشدو (المسيسيبي)
لما حط «آب» رحاله في نيوأورليانز
فبدا لي قاعه الموحل
ذهبياً آسراً
مع غروب الشمس
عرفت أنهاراً
معتمة وعميقة
فغارت في العمق
روحي كما الأنهار
** **


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.