الناصر: أرامكو أثبتت قوة أدائها وأرباحها ر    أين يقف الطب في زمن الذكاء الاصطناعي    الجيش الهندي يعلن عن "أول ليلة هادئة" في كشمير    اليوم..القمر يظهر بحجم أصغر في سماء السعودية لتزامنه مع نقطة الأوج    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى    رياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة وأمطار على الجنوب    وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية يشهد توقيع اتفاقيات تنموية في القصيم    استشهاد 16 فلسطينيًا    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة ينهي تحضيراته ل "آيسف 2025"    حاجة ماليزية تعبر عن سعادتها بالقدوم لأداء فريضة الحج    عبدالعزيز بن سعد يشهد حفل تخرج جامعة حائل.. غداً    عبدالعزيز بن سعود يرعى حفل تخريج 1935 طالبًا من كلية الملك فهد الأمنية    انطلق بمشاركة 100 كادر عربي وأوربي.. أمين الرياض: «منتدى المدن» يعزز جودة الحياة ويقدم حلولاً مشتركة للتحديات    السعودية تقود المشهد من حافة الحرب إلى طاولة التهدئة    "اعتدال" و"تليجرام" يزيلان 16 مليون مادة متطرفة في 3 أشهر    بعد 50 عامًا في المدار… سقوط مركبة سوفيتية فاشلة    القادسية ل" الثالث".. والرائد إلى" الأولى".. الاتحاد يقترب من " روشن".. والشباب يعبر الأهلي    سورلوث مهاجم أتلتيكو يتفوق على ميسي ورونالدو    تحضيرًا لجولتي الحسم في تصفيات مونديال2026.. الشرقية تجهز الأخضر لمواجهتي البحرين وأستراليا    حفل خريجي «المنشآت التدريبية» برعاية أمير تبوك.. غداً    ديوانية الأطباء تكرم البحرينية بثينة عجلان    أسرة الجهني تحتفي بزواج عمّار    احتفال آل برناوي وآل سيامي بعقد قران حمزة    91 % نسبة رضا المستفيدين عن أداء الموظفين بديوان المظالم    «المظالم» يُسجّل قفزة في رضا المستفيدين    5.6 % نمو "غير النفطية".. ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي    عودة «عصابة حمادة وتوتو» بعد 43 عامًا    أمريكية وابنها يحصلان على الماجستير في اليوم نفسه    الهروب إلى الخيال..    تخريج دفعة من "رواد العلا"    بتنظيم من وزارة الشؤون الإسلامية.. اختتام تصفيات أكبر مسابقة قرآنية دولية في البلقان    المملكة تواصل ريادتها الطبية والإنسانية    نادي القادسية يتوّج بكأس وزارة الرياضة لكرة الماء    القادسية يحسم لقب الدوري الممتاز لكرة القدم تحت 17 عامًا    دوليون يستكشفون إرث المملكة الحضاري ونهضتها    «الدرعية لفنون المستقبل» و«سكاتاريلا أسوسياتي» يفتتحان «البصمة الخفيفة»    أبشر.. أكثر من 33 مليون عملية إلكترونية في مارس    لوران بلان: الاتحاد لا يخشى أحدًا!    العميد على بعد خطوة من التتويج    جراحة روبوتية لإنقاذ طفل مصاب بفشل كبدي بالرياض    جدة تستضيف بطولتي العالم للبلياردو والماسترز للسنوكر يوليو وأغسطس 2025    22.6 مليون ريال تعويضات عام لانقطاعات الكهرباء    تعافي أسواق الأسهم بعد تقلبات أزمة رسوم الجمارك    الحصار الإسرائيلي يحرم مستشفيات غزة من توفير الغذاء للمرضى    الأمير سعود بن نهار يطلع على الخدمات المقدمة للحجاج في مطار الطائف    سحب سامة تحاصر 160 ألف شخص في منازلهم    السعودية تقود جهود السلام كأول دولة ترسل مبعوثا إلى الهند وباكستان    من أعلام جازان.. اللواء الركن أحمد محمد الفيفي    مستشفى الرس ينقذ طفلا تعرض لاختناق قاتل    ‫دعم مستشفى عفيف العام بأجهزة طبية حديثة وكوادر تخصصية    الأمير ناصر بن محمد يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه نائبًا لأمير منطقة جازان بالمرتبة الممتازة    "فرع الإفتاء بعسير"يكرم القصادي و الخرد    الانتهاء من تطوير واجهات مبنى بلدية الظهران بطراز الساحل الشرقي    جامعة الإمام عبد الرحمن تكرم الفائزين ب"جائزة تاج" للتميز في تطوير التعليم الجامعي    سمو ولي العهد يجري اتصالًا هاتفيًا بسمو أمير دولة الكويت    "الشؤون الدينية" تكلف 2000 كادر سعودي لخدمة ضيوف الرحمن.. 120 مبادرة ومسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية للحجاج    انقطاع النفس أثناء النوم يهدد بالزهايمر    «تعليم الرياض» يفتقد «بادي المطيري».. مدير ثانوية الأمير سلطان بن عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب الليبرالي العربي إلى أين؟ 1 - 9
تجلى الصراع الإسلاموي - الليبرالي الحديث بتكفير المفكر نصر حامد أبو زيد
نشر في الجزيرة يوم 03 - 09 - 2016

تقديم المترجم: يسعدني تقديم ترجمتي لهذه الدراسة النوعية النادرة للبروفيسور مائير هاتينا. البروفيسور هاتينا هو أستاذ مشارك، قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية، الجامعة العبرية في القدس. ونشرت الدراسة في مارس 2011:
الليبرالية هي نظرية سياسية معقدة أثارت جدلا كبيرا، حتى بين أتباعها في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية؛ فهي تضم تيارات متضاربة نتيجة لمجموعة متنوعة من الظروف التاريخية، وتتضمن أفكارا ومبادئ وقِيماً كالحرية الفردية ومبدأ القصد المشترك والحرية وعدالة التوزيع والسوق الحرة ودولة الرفاه. وترتبط جميع هذه الأمور بالليبرالية. أكثر من ذلك، تأثرت الفلسفة الليبرالية بما يسميه «ما بعد الحداثيين» «جدل التنوير»، الذي ينتج في المجتمعات «المقموعة / المقهورة» الخاضعة لسيطرة حكومة سلطوية تتضح وحشيتها في أوقات الأزمات والحروب.
وعلى الرغم من أن الليبرالية هزمت الشيوعية في أواخر الثمانينيات، فإنها بقيت عُرضة لانتقادات واسعة بسبب التناقضات الكامنة داخلها. ويُزعم أن الليبرالية تُضعفها نظرة طوباوية أخلاقية لأنّها تميل إلى إخضاع السياسة، التي تقوم على الصراع على السلطة لصالح سلطة مثالية مجردة تتكون من الحقوق الفردية وسيادة القانون والانسجام الاجتماعي. ويؤكد النقاد الاجتماعيون، من جانبهم، أن الليبرالية تتيح مساحة كبيرة جدا للطموحات الخاصة؛ ما يؤدي إلى تمزق النسيج الاجتماعي وتعزيز الأنانية والغطرسة. وبالإضافة إلى كونها فكرة مختلف عليها، تَوَجَّبَ على الليبرالية أن تتعامل مع تحدي العولمة التي تلغي الحدود الجغرافية والوطنية وتشكك في أهمية الوحدات الإقليمية التي تعد النقطة المرجعية الرئيسة للفلسفة الليبرالية. (1)
وببساطة، لا تملك الليبرالية الغربية، كنمط تاريخي متطور، رؤية متسقة أو متماسكة. كما أنها لا تملك نصا مرجعيا مدونا قابلا للمقارنة، على سبيل المثال، مع البيان (المنفيستو) الشيوعي. وبدل ذلك، تتألف الليبرالية من مجموعة عريضة من المفاهيم. ويجب أخذ هذا الجوهر الإشكالي للنموذج الليبرالي في الاعتبار، عند أي مناقشة حول الليبرالية العربية. وبالإضافة إلى غيره من القضايا، التي سوف نفحصها أدناه، فإنَّ نقطة الانطلاق المنهجية الموضحة أعلاه قد تتصدى للأحكام القاسية التي تثار دائما ضد الفكر الليبرالي العربي، والتي يمكن العثور عليها في الأدبيات البحثية.
مأزق الليبرالي العربي
من الناحية التاريخية، كان ولا يزال الخطاب الليبرالي العربي مع قيمه الجوهرية المتمثلة في العقلانية والحقوق المدنية وسيادة القانون والحكم الدستوري والمسكونية (*) في موقف دفاعي، إِذْ غلبته قوتان قاهرتان اجتاحتا منطقة الشرق الأوسط خلال القرن العشرين هما: «الدولة المركزية» و»الإسلاموية» (الإسلام السياسي). كما أن هاتين القوتين وجدتا نفسيهما في مواجهة مباشرة مع بعضهما؛ فالدولة تسعى إلى ترسيخ سلطتها وشرعيتها، والإسلامويون يحاولون تفكيك الدولة - عبر وسائل تدريجية أو ثورية - لتأسيس نظام ديني للحكم. وخلال هذا الصراع، أصبحت الليبرالية مهمّشة؛ فهي مكروهة من قبَل الحركات الإسلاموية، كما أصبحت منبوذة دائما من قبَل الأنظمة المحلية. ويمكن تفسير رفض الليبرالية من قبل الدوائر الإسلاموية بفكر الإسلاموية السياسي الذي ينظر إلى مجتمع المؤمنين ككيان متحد. ففي تصور الإسلامويين، تؤدي السجلات مع الليبراليين إلى «نسبوية» (**) الخطاب الإسلاموي؛ ما سيشكك في صحة زعمهم امتلاك الحقيقة المطلقة. والليبراليون، وفقا لوجهة النظر هذه، ليسوا ملتزمين برفع مستوى الفرد نحو الكمال الأخلاقي، الذي هو جوهر العبودية لله. وبدل ذلك، تقدم الليبرالية نموذجا للحد الأدنى من الأخلاق. (2) وانضم علماء الدين الرسميون في مصر والأردن وكذلك في الممالك المحافظة، كالمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين، إلى الإسلامويين في نضالهم ضد «عملاء» الليبرالية، الذين نُزعت شرعيتهم الاجتماعية عبر وصفهم ب «العلمانيين». ونظرا إلى عدم اكتفاء العلماء بمواجهة الليبراليين عبر السجالات الجدلية وحدها، رفع الناشطون الإسلامويون دعاوى ضد الكتّاب الليبراليين ردا على ما اعتبروه تحقيرا لقدسية الإسلام. (3) فعلى سبيل المثال، وصف الشيخ السعودي عبد الله بن جبرين، في فتوى عام 1997، معنى النظرة العلمانية إلى العالم وعقوبة الذين يعتنقونها. فقد كتب وصفا مفصلا لخصائص العلمانية ليوضح صورتها السلبية، دون ترك أي مساحات رمادية: مذهب جديد وحركة فاسدة تهدف إلى فصل الدين عن الدولة والانكباب على الدنيا والانشغال بشهواتها وملذاتها، وجعلها هي الهدف الوحيد في هذه الحياة، ونسيان الدار الآخرة والغفلة عنها، وعدم الالتفات إلى الأعمال الأخروية أو الاهتمام بها، وقد يصدق على العلماني قول النبي، - صلى الله عليه وسلَّم - : تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعسعبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش... وقد دخل في هذا الوصف كل من عاب شيئا من تعاليم الإسلام قولا أو فعلا، فمن حكم القوانين وألغى الأحكام الشرعية فهو علماني، ومن أباح المحرمات، كالزنا والخمور والأغاني والمعاملات الربوية، واعتقد أن منعها ضرر على الناس وتحجّرَ لشيء فيه مصلحة نفسية، فهو علماني، ومن منع أو أنكر إقامة الحدود، كقتل القاتل ورجم أو جلد الزاني والشارب، أو قطع يد السارق أو المحارب، وادعى أن إقامتها تنافي المرونة، وأن فيها بشاعة وشناعة، فقد دخل في العلمانية. أما حكم الإسلام فيهم فقد قال - تعالى - في وصف اليهود: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) (البقرة: 85) (4) انتهى كلام ابن جبرين.
وقوبلت إدانة الإسلامويين والعلماء للخطاب الليبرالي بالترحيب من جانب النخب السياسية الحاكمة. وتجاهلت الأنظمة السياسية الحاكمة الليبراليين نظرا إلى ضرورة تملق الإسلام (التظاهر باحترامه بالكلام دون الفعل) لتجنب ظهور أي معارضة الدينية. وكانت القضية الأبرز التي تجلى فيها ذلك الصراع هي حالة المفكر المصري د. نصر حامد أبو زيد (ت. 2010)، الذي أدين بالردة في عام 1995، واضطر إلى الهجرة من مصر واستقر في نهاية المطاف في هولندا.
يتبع.
... ... ...
(*): مسكوني (Ecumenical): مصطلح كنَسي يعني السعي إلى الوحدة بين أتباع الدين الواحد. (العيسى).
(**): النسبوية (Relativism): هي فكرة تشير إلى أن قيمة ومعنى المعتقدات الإِنسانية والسلوك الإِنساني ليس لها أي مرجعية مطلقة تقوم بتحديدها؛ فعملية تقييم المجتمعات الإِنسانية للقيم والسلوكيات هي نتاج النسيج التاريخي الثقافي لهذه الجماعة البشرية وليست له علاقة بمرجعية خارجية مطلقة (إلهية) تمد هذا التقييم بقدسية معينة وتحُول دون تغييرها. ومن ثم، فإنَّ عملية إعادة تقييم السلوكيات والمثل البشرية ضرورية كل فترة، وهي تختلف من مكان إلى آخر ومن جماعة إلى أخرى. (العيسى)
ترجمة وتعليق/ د. حمد العيسى - الدار البيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.