تقرير المجاهدين على طاولة أمير جازان    نائب أمير الرياض يستقبل سفير الإمارات    سورية: المساعدات تدخل السويداء بعد وقف إطلاق النار    ضربات روسية على أوكرانيا بعد عرض «المفاوضات»    القيادة تهنئ ملك بلجيكا بذكرى بلاده    عبدالعزيز بن سعود بن نايف يبحث في لندن مع وزيرة الداخلية البريطانية سُبل تعزيز التعاون    منتخب القصيم يحقّق بطولة المنتخبات الإقليمية تحت 13 عاماً بالطائف    أمير نجران يسلّم شاباً وسام الملك عبدالعزيز لتبرعه بإحدى كليتيه لشقيقه    «الثقافة» تُطلق منحة لدعم الأبحاث المرتبطة بالحِرف اليدوية    المفتي يستقبل رئيس جمعية البر بحقال    بتوجيه آل الشيخ: خطبة الجمعة تحذر من إساءة استغلال الذكاء الاصطناعي    16 مبادرة لخدمة ضيوف الرحمن خلال عام    الذهب يصعد إلى أكثر من 1% مع تراجع الدولار    رصد مخالفات تقسيم الوحدات السكنية بغرض الاستثمار    أمير منطقة جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية الصادرات السعودية    المملكة مجددا رئيسا لمعهد المواصفات الإسلامي    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي واليورو    51 شهيدًا بغزة اليوم وحصيلة العدوان بلغت 59,029 شهيدًا    الدكتور الربيعة: استقرار حالة التوأم الملتصق السعودي (يارا ولارا) بعد 4 أيام من إجراء عملية فصلهما الناجحة    القبض على (12) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (216) كيلوجرامًا من "القات"    دول الخليج تدعو لتحرك دولي عاجل لفك الحصار عن غزة    بارتفاع طفيف.. قطاع البنوك يدعم تعاملات سوق الأسهم السعودية    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيد مناشطه الدعوية ضمن برنامج الأمن الفكري في المملكة العربية السعودية    دمج 267 منصة حكومية ضمن "الحكومة الشاملة" لتحسين الخدمات الرقمية    السفارة السعودية في الفلبين تحث المواطنين على البقاء في مساكنهم خلال فترة هطول الأمطار    مركز التنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "تعرف علينا"        جمعية نجوم السياحة وفريق "صواب التطوعي" يوقعان اتفاقية تعاون    جمعية عين لطب العيون تطلق مشروع "اعتلال الشبكية    "حقوق الإنسان" تحتفي بتخريج النسخة الأولى من برنامج "خبير" لتعزيز القدرات الوطنية في مجال الحقوق    فريق EVOS Divine الإندونيسي يفوز بلقب بطولة Free Fire    توزيع أكثر من 1.3 مليون وجبة إفطار صائم في المسجد النبوي    طريقتان سريعتان لتخفيف التوتر    الثقافة العلاجية: بين التمكين والمبالغة    تأثير القهوة على نشاط الدماغ    الردّف.. عبق التاريخ وجمال التطور    "اتحاد القدم" يتلقى اعتذاراً رسمياً من الهلال عن المشاركة في كأس السوبر السعودي 2025    رصد 18 مكتب استقدام مخالفاً في الربع الثاني    تفقد مشروع صفوى- رأس تنورة.. وزير النقل يقف على مستوى تقدم المشاريع بالشرقية    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    ريال مدريد لا يمانع رحيل روديغر للدوري السعودي    «قصبة المضمار»    نجوم الغناء العربي يشاركون في موسم جدة    أرملة محمد رحيم تتهم عمرو دياب بسرقة لحن    «الدارة» تدرج «صوت الحجاز» ضمن «بوابتها».. ذاكرة «البلاد».. تاريخ يُروى رقمياً    صفقتان فرنسيتان تعززان دفاع نيوم    واشنطن تترقب الرد اللبناني على «الورقة الأمريكية»    اتفاق إيراني – أوروبي على استئناف المحادثات النووية    دراسة: الهواتف الذكية تساعد في الكشف عن الزلازل    جمعية "واعي جازان " ومركز مسارات يسلطان الضوء على ظاهرة الطلاق العاطفي    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الوليد بن خالد    فهد بن سلطان يشيد بأعمال "الأمر بالمعروف"    بعد غيبوبة طويلة مؤثرة في المشاعر.. الأمير الوليد بن خالد بن طلال إلى رحمة الله    المرور: 300 ريال غرامة قيادة الدراجة الآلية بدون رخصة    "قبول" تكشف مزايا الفرص الإضافية ل"تسكين الطلاب"    أمير تبوك يواسي الدكتور عبدالله الشريف في وفاة والدته    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس مجلس إدارة كلية "منار الجنوب" للعلوم والتقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا بد من التوازن والتوسط في الأمور كلها.. والأمة وسط بين الأمم كذلك أهل السنة وسط بين الطوائف
أكد أن الأمة ابتليت اليوم بالطائفتين الغالي والجافي.. د. عبدالكريم الخضير عضو هيئة كبار العلماء ل(الجزيرة):
نشر في الجزيرة يوم 13 - 03 - 2015

تحدث معالي الشيخ الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للفتوى عن الوسطية والاعتدال في ضوء الكتاب والسنة، مستهلاً حديثه بقول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة:143] الوسط كما جاء في كتب اللغة، يُطلَق ويراد به: المتوسط بين شيئين هما منه في البُعد على حد سواء، كما يُطلَق ويراد به: العدل والخيار من كل شيء.
وأضاف يقول: الإطلاق الأول وهو التوسط بين طرفين زمانًا ومكانًا، ليس مرادًا في الآية؛ لأن هذه الأمة آخر الأمم، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة» فهذه الأمة هي آخر الأمم، ونبيها - عليه الصلاة والسلام - آخر الأنبياء وخاتمهم، إنما المتعيِّن هو المعنى الثاني وهو الخيار العدول، فهذه الأمة بين سائر الأمم خيارها وعدولها بدليل أنهم يشهدون على الناس قال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:143] حيث المتوسط في الزمان أو في المكان لا قيمة له في الشهادة على الناس إلا إذا كان عدلًا خيارًا.
واسترسل معالي الدكتور عبدالكريم الخضير يقول: الإنسان إذا أراد أن يُشهَدَ له على حق مالي - ولو قلَّ- لن يذهب إلى أقلِّ الناس شأنًا، وإنما يذهب إلى من تُرضى شهادته: وهو العدل، فكيف إذا كانت الشهادة بمصير أمة كاملة، أو كانت على وحدانية الله -جلَّ وعلا-؟! إنما يرتضى لها أعدل الناس وخيارهم، كما قال -تعالى-: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ} [آل عمران:18] فشهادة الله جلَّ وعلا لنفسه بالوحدانية كافية؛ لأنه هو الذي خلق الخلق وأسدى إليهم النعم؛ لكن عَطَفَ الله جلَّ وعلا على شهادته شهادة الملائكة، ومنزلة الملائكة معلومة من بين الخلق: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6]، ثم عطف عليهم أولِي العلم؛ لعظيم منزلتهم في الدين، ولأنهم هم الورثة لأنبيائه، وهذه الأمة وسط بين اليهود والنصارى في الإفراط والتفريط: بين غلوِّ النصارى في رسولهم حتى جعلوه إلهًا وعبدوه من دون الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة -نسأل الله العافية وهذا إفراط، وبين تفريط اليهود الذين استباحوا ما حرم الله بأدنى الحيل تبعًا لمصالحهم؛ ولذا جاء في الخبر «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل»، ومن شابههم في ذلك ممن يتحايل على استحلال المحرم فهو شبيه باليهود في هذا، كما أن من غلا بنبي أو ولي أو عبد صالح أو عالم وصرف له شيئاً من حقوق الله جلَّ وعلا فليس من الوسط لأنه شابه النصارى، وتحذيرًا من الوقوع فيما وقع فيه النصارى وغيرهم من الغلو جاءت شريعة الإسلام ببيان خطره، ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم-:»إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو».
وأضاف: الغالي والمبالغ في الغالب ينقطع؛ لأن الإنسان إذا شق على نفسه فإن مآله إلى الضعف، وما أُثر عن جمع من الصحابة والتابعين أنهم قد يقرؤون القرآن في ليلة فهذا محمول على استغلال المواسم لا على أن يكون عادة وجادّة مطردة. وأمَّا ما رُوي من قيام الرسول - عليه الصلاة والسلام- حتى تفطرت قدماه فمن أجل ألا نفهم أن يسر الدين أن نفرِّط فيما أُمِرْنا به أو ما نهينا عنه، فهو دين تكاليف، والجنة حفت بالمكاره والنار حفت بالشهوات، فلا بد من التوازن والتوسط في الأمور كلها، فلا يُشدِّد على نفسه ثم ينقطع، ولا يفرط فيما أُمِر به محتجاً بأن الدين يسر فلا يعمل، وكما أن الأمة وسط بين الأمم كذلك أهل السنة وسط بين الطوائف، ففي أسماء الله وصفاته هي وسط بين المعطِّلة الذين ينفون عنه الأسماء والصفات، وحقيقة أمرهم أنهم يعبدون عدماً؛ لأن الشيء الذي لا صفة له ولا اسم له عدم، وبين الممثلة الذين يمثّلون ويشبهون الله بخلقه ويُجْرُون صفاته مجرى صفات المخلوقين، وكذلك أهل السنة وسط في أفعال الله وأقداره بين المعتزلة الذين ينفون القدر ويقولون: إن الأمر أُنُف، وبين الجبرية الذين يغلون في إثبات القدر وينفون تصرُّف المخلوق ويرون أنه مجبور على حركاته وسكناته، ويبررون بذلك لمن يزاول المعصية.
واستطرد معاليه قائلاً: إن أهل السنّة وسط أيضاً في الصحابة -رضي الله عنهم- بين الذين يكفرونهم وبين من يؤلههم ويغلو فيهم بين الروافض والنواصب، فهم على الجادة مستنِّين بكتاب الله مهتدين بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وهم وسط في أفعال العباد وفي مسائل الإيمان بين الخوارج والمعتزلة الذين يخلدون مرتكب الكبيرة في النار وبين أهل التفريط من المرجئة الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، كما أنه لا ينفع مع الكفر عمل، فأفسق الناس وأتقاهم وأخشاهم لله سواء عندهم.
وأشار معاليه إلى أن الأمة ابتليت اليوم بالطائفتين: الغالي والجافي؛ ابتليت بالغلو وما ترتب عليه من تكفير وما ترتب على التكفير من ممارسات التفجير وغيره، وابتليت أيضاً بأهل التفريط، ففي كثير من المجتمعات لا يفترق المجتمع المسلم عن غيره من المجتمعات الأخرى بسبب تخلف العمل والقول بالإرجاء والقول بأن الإيمان لا يضر معه عمل، فهذا مفسد للمجتمعات والشعوب والأفراد، وأخطر منه - وإن كان الإرجاء خطره شديدًا- القول بالتكفير وترتيب الآثار عليه، وهؤلاء الغالون في التكفير أساؤوا إلى أمتهم وإلى مجتمعهم وإلى دينهم إساءة بالغة حتى اجتمعت طوائف الكفر على حرب الإسلام بحجة محاربة الإرهاب وهم في الحقيقة يريدون القضاء على الإسلام، وتكالبت الأمم على أمة الإسلام بسبب أمثال هؤلاء، فالكافر يتذرع بوجود مثل هذا في هذا البلد فيريد أن يقضي عليه، فيقضي عليه وعلى من حوله - والله المستعان- ، فهاتان الطائفتان من أخطر الطوائف على الإسلام.
واسترسل الشيخ عبدالكريم الخضير يقول: إن أهل العلم يشيرون إلى كيفية العلاج لهاتين الطائفتين، فمثل هؤلاء المفْرِطين يُكثَر عليهم من إيراد نصوص الوعد؛ لأن نصوص الوعيد قد تزيدهم ضلالًا، وأما المفرِّطون فيكثر عليهم من إيراد نصوص الوعيد. والعالِم مثل الطبيب يعالج كل مجتمع أو كل فرد بما يناسبه، والعلاج في كلام الله وكلام رسوله - عليه الصلاة والسلام- ، وهنا شيء مهم وهو أن بعضهم ينسب هذا الغلو وهذا التكفير إلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب أئمة الدعوة، ومع الأسف أنه قد يقوله بعض من كانت له سابقة في طلب العلم، فيفرح به المغرضون وأصحاب الشهوات ومن شابههم؛ لأنهم يريدون أن يتخلصوا من هذه الدعوة التي هي في حقيقتها دعوة إلى التوحيد الخالص.
وقال: مما يَرُدُّ دعواهم أن هذا الفكر الذي هو التكفير ما عُرِفَ في بلادنا إلا متأخرًا قبل مدةٍ لا تزيد على ربع قرن، وكنا قبله لحمة واحدة لمَّا كان اعتمادنا على: «قال الله، وقال رسوله - عليه الصلاة والسلام-»، ولما كان الناس متمسكين بهذه الكتب ويعملون بما فيه، أكانت فيهم قوة في التمسك بالدين واتحاد الكلمة وعدم الفرقة، والاجتماع والائتلاف، كما قال -تعالى-:{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران:103] {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ} [الأنفال:46] فالنزاع والشقاق مصدر كل شر، والاتحاد والاجتماع مصدر القوة في وجه العدو.
وأكد معاليه أن هذا الفكر وفد علينا، وقَبِلَه بعض أبناء هذا البلد لمَّا تخلوا عن المصادر الصحيحة في التلقي، ولا علاقة له بكتب الدعوة، بل الأمر على عكس ذلك لم يحصل شيء من هذا إلا بعد أن فرطنا في كتب أهل الدعوة النجدية ، ولما تخلى الناس عن دراستها وتدريسها، كانت النتيجة أنَّنا تفرقنا وتنازعنا وصار كل واحد معجبًا برأيه صرنا شِيَعًا: كل واحد يقدح في الثاني، وهذا خلل كبير يعين العدو علينا {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [سورة آل عمران:103] ، مشدداً على أن هذه الشبهة إنما صدرت لغرض: وهو أن نزهد في هذه الكتب ونحاربها، ونرجع كما كنا قبل الدعوة إلى الشرك الأكبر، والتبرك بالقبور والأشجار، والتوسل إليها، وطلب ما لا يقدر عليه إلا الله - جلَّ وعلا- منها.
وانتهى معالي الشيخ الدكتور عبدالكريم إلى القول: إن هذه الدعاوى التي تدعو إلى نبذ كتب أهل العلم ولاسيما كتب أئمة الدعوة السلفية التي دعت إلى التوحيد الخالص ونفي الشرك بجميع صوره وأشكاله وبسببها هدى الله الناس - دعاوى باطلة مردودة لا يلتفت إليها، نسأل الله أن يصلح أحوال أمة الإسلام، وأن يسلك بنا سبيل الوسط الذي هو صراطه الموصل إلى جنته ورضوانه، والله أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.